أكدت الاستشارية المتخصصة في جراحات أمراض اللثة وزراعة الأسنان الدكتورة سارة فتيح ل «الشرق» أن عامل الوراثة يلعب دوراً كبيراً في أمراض اللثة، مشيرة إلى أن علاج أي مريض يعاني من التهابات اللثة يبدأ بالتشخيص، وبعدها يتم اختيار العلاج المناسب له، بدءاً بتنظيف الأسنان من ترسبات الجير والبلاك المتكون «أي المادة اللزجة التي تتكون على الأسنان دوماً». كما أنه يتم تعليم وتثقيف المريض عن نظافة الفم والأسنان وعلاقتها بصحة الجسم ككل، فجميع مرضى اللثة يخضعون للتنظيف، وبعد أربعة إلى ستة أسابيع يراجعون المستشفى، وقد يلزم الأمر جراحة، فتتم للقضاء على المرض. وليست كل حالة تحتاج جراحة، لا سيما إن كانت الإصابة في بدايتها، وللمريض هنا عامل كبير وأساسي فيما بعد إزالة الالتهابات والتئام اللثة من خلال متابعة المستشفى. وأضافت فتيح أن عملها يشمل تغطية جذور الأسنان للمرضى، وترميم وتسميك اللثة وإزالة تصبغاتها، وتطويل الأسنان لعمل تلبيسات مع اختصاصي التركيبات الثابتة كالجسور على سبيل المثال، أو لغاية تجميل وتطويل الأسنان القصيرة الظاهرة في الفك العلوي عند الابتسامة. وكذٰلك تقوم بعمليات إزالة جيوب اللثة، رفع الجيوب الأنفية في حالة احتياجها لزراعة الأسنان، ترميم عظم الفك أو زراعتها كيفما كانت الحاجة، وكشف الأسنان المدفونة في اللثة أو العظم حتى يتمكن اختصاصي تقويم الأسنان من سحب الضرس. إضافة إلى جراحة قص اللثة الزائدة الناتجة عن أخذ بعض أدوية الصرع، أو كناتج ثانوي من بعض أدوية الضغط أو أدوية ما بعد زراعة الأعضاء في الجسم. وذكرت د. فتيح أن هنالك حالات معينة من أمراض اللثة تحتاج إلى علاجها بمضادات حيوية لاحتوائها على ميكروبات معينة تؤدي إلى تآكل عظم الفك بشكل سريع، وغالباً يفقد هؤلاء المرضى أسنانهم، ويحتاجون إلى خلع الأسنان الميؤوس منها، مبينة أن للعامل الوراثي دوراً كبيراً في ذلك. وأشارت د. فتيح إلى أن هناك علاقة بين أمراض اللثة وأمراض أخرى في الجسم؛ فعلى سبيل المثال، مريض السكري يعاني تقرحات في الفم والتهاباً في اللثة ونزفاً فيها، ورائحة كريهة وتآكلاً للعظم وتخلخلاً في الأسنان ومن ثم فقدانها السريع. فمن المهم تثقيف المريض بكيفية أثر المرض على صحته العامة كما أنها تؤثر سلباً على صحة فمه. كما يُعد تثقيف مرضى القلب الذين أصيبوا بجلطات أو لديهم انتفاخ في البروستات مهماً جداً، فكل ذلك يتصل بأمراض اللثة المزمنة التي تكون في مرحلتها المتأخرة. وقالت إن هنالك أبحاثاً ودراسات ستقوم بها لتزيد خبرتها، لندرتها في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وهي دراسة لمرض PapillonLefe›vre Syndrome، وهو جيني ناتج عن تزاوج الأقارب. فإن الذكر والأنثى لهما نفس النصيب من الإصابة به تقريباً إن كان الأبوان حاملَيْن للجين، وهو عبارة عن فقدان «كاثبسن سي» -Cathepsin C، مبينة كيفية التعرف على هذا المرض، وأضافت: يشخص «پاپيلون لوفيڤر سيندروم» منذ الطفولة، فتكون مادة الكيراتين في باطن الكف متزايدة عن الحد المألوف، ويغلب اللون الأبيض عليها ويلاحظ خشونة في الملمس، ويؤثر على مناطق أخرى من الجسم، مثل الركب والكوعين، فينتج عن هٰذا المرض تآكل العظم والتهاب اللثة، وفيما بعد تحصل خلخلة للأسنان وتسقط سواء في مراحل الأسنان اللبنية أو بعد التبديل، فيفقدها المصاب في سن مبكر جداً مثل الخامسة عشرة من العمر أو قبلها. وأشارت إلى أنه في حال فقدان الأسنان والنمو لم يكتمل بعد، فلا يمكن زراعة الأسنان آنذاك وسيحتاج المريض إلى التعويض بطقم أسنان كحلٍّ مؤقت، وعند اكتمال نموه، يتمكن من زراعة الأسنان والعظم لمساعدة المصاب وحمل تركيبات الأسنان على هذه الزراعات لحماية مستوى العظم المتبقي من التآكل. وأضافت فتيح أن فقدان الأسنان بلا شك كفقدان أي عضو من الجسم يؤثر حتماً على نفسية المريض، وإن كان في الغالب معظم الأسنان ستفقد، فإنها تؤثر سلباً على النفسية وطريقة التغذية اليومية ونمط الحياة بشكل إجمالي. فثقة المريض في ابتسامته ستتأثر بشكل أو بآخر حتى يحصل على البديل المؤقت عندما يكتمل نموه ويحصل على زراعة الأسنان. وبالتأكيد احتمالية زراعة العظم في هذه الحالات تكون كبيرة ويتم أخذ العظام من عظم الحوض أو غيرها، على حسب احتياج المنطقة المتأثرة من الفك، قبل الزراعة، وغالباً ما تكون الجراحة تحت تخدير كامل. وعن مدى نجاح عمليات الزراعة، قالت فتيح «هناك دائماً نسب نجاح، فبعض الحالات لا تنجح مثل أي عملية جراحية، فلكل قاعدة شواذ، ولكن وضع المريض الصحي، وكفاءة الجرَّاح، واهتمام المريض بالمنطقة الجراحية لتنظيفها مع طبيب اللثة يسبب نجاحها بإذن الله.