كشفت مصادر طبية مطلعة ل «الشرق» عن إهدار وزارة الصحة ل 12 مليار ريال في برنامج إعداد أطباء الأسرة والمجتمع، الذي انتهى بشغل 56% منهم في منطقة مكةالمكرمة لوظائف إدارية، حيث كلف البعض منهم بالعمل في إدارة التوعية الدينية وآخرون تم توجيههم إلى إدارات تقنية المعلومات، في الوقت الذي تعاني فيه مراكز الرعاية الصحية الأولية من تدني نسبة السعودة، حيث بلغت النسبة وفق تقديرات وزارة الخدمة المدنية في منطقة مكةالمكرمة 24% من إجمالي الأطباء العاملين. ما أسفر عن إسناد إدارة مراكز الرعاية الصحية الأولية إلى أطباء عموميين وافدين وعرقلة الاستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية التي أطلقتها وزارة الصحة قبل ثلاثة أعوام. وأشارت إحصاءات إلى أن 90% من الأمراض يمكن معالجتها في المراكز الصحية ولا تحتاج إلى تحويلها للمستشفيات التخصصية، إلا أن إصرار عديد من أطباء الأسرة على مزاولة العمل الإداري في المراكز من شأنه أن يفاقم من تكلفة علاج الأمراض ويزيد من أعباء وزارة الصحة. وذكرت المصادر أن الاحتياج قائم في تخصص طب الأسرة والمجتمع. وقد صنفته وزارة الصحة ضمن التخصصات النادرة، ومن ثم يمنح هذا التخصص بدل ندرة يصل إلى 30% من الراتب. وأكدت المصادر أن هناك دفعات جديدة استقبلتها صحة منطقة مكةالمكرمة لا ترغب في توجيهها إلى الوظائف المعدة لها في مراكز الرعاية وتم تكليف العديد منهم بأعمال إدارية، وهو ما يتعارض مع توجهات وزارة الصحة وحجم الإنفاق من قبل الدولة لإعداد طبيب الأسرة في دول متقدمة مثل أمريكا وكندا حيث يكلف إعداد الطبيب مليوني ريال. وعلمت «الشرق « أن وزير الصحة وجه عموم مديريات الشؤون الصحية خلال الأسبوع المنصرم بوقف «بدل الندرة» عن الأطباء غير المزاولين لمهنة الطب حسب تخصصاتهم، ما دفع العديد من مديريات الشؤون الصحية إلى التحايل على القرار بتكليف الأطباء بالعمل الإداري بالإضافة إلى أعمالهم المهنية لضمان عدم فقد البدلات، بحيث يتم تكليف الطبيب بمزاولة العمل الطبي ليوم واحد في الأسبوع، والأعمال الإدارية لأربعة أيام في الأسبوع. وحصلت «الشرق» على أرقام رسمية تؤكد أن عدد أطباء الأسرة بالمنطقة بلغ 84 طبيباً وزعوا على تخصصات مختلفة لكن 56% منهم يؤدون أعمالاً إدارية. وبلغ عددهم في العاصمة المقدسة 23 طبيباً يمارس 13 منهم أعمالاً إدارية. ويعمل في جدة 57 طبيبًا بينهم 32 طبيباً يمارسون أعمال الإدارة، أما في الطائف فيوجد نحو أربعة أطباء يتولى ثلاثة منهم مهاماً إدارية. ولا يتجاوز عدد أطباء الأسرة والمجتمع في المملكة خمسمائة طبيب مقابل ألفي مركز للرعاية الصحية الأولية ما يؤثر على مستقبل النظام الصحي. «الشرق» اتصلت بمدير الإعلام بوزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني للتعليق على قضية تسرب الأطباء، كما تمت مراسلته هاتفياً، ولم تتلق إجابة منه، حتى إعداد هذا الموضوع.