طالب الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم صالح العمر بإعادة النظر في أسعار الطاقة في المملكة، وقال إن المعدل السنوي لاستهلاك الطاقة محلياً، ارتفع إلى 8%، وهي من أعلى المعدلات في العالم، مشيراً إلى أن أزمة الإسكان تعود بشكل غير مباشر إلى رخص الطاقة. وقال: «انخفاض أسعار الطاقة أدى بالمجتمع السعودي إلى تفضيل الغرف الواسعة، والمنازل الكبيرة التي تفوق المعدل العالمي بكثير، إذ تقدر بعض الدراسات أن 60% في المتوسط من مساحة منازل السعوديين غير مستغلة، ويعود ذلك في الدرجة الأولى إلى انخفاض الكلفة النسبية لتبريد وتدفئة المساحات الواسعة من المباني وليس لانخفاض التكلفة الإنشائية، موضحاً أن الأسعار المنخفضة للطاقة ستؤدي إلى انتشار أعمال التهريب للطاقة من البنزين والديزل والغاز للدول المجاورة وغير المجاورة، حيث تقدر بعض المصادر بلوغ أعمال التهريب نحواً من 10% من الاستهلاك المحلي للمشتقات النفطية. وأضاف العمر أن «الطاقة في السعودية تعد الأرخص على مستوى العالم، على الرغم من كونها طاقة أحفورية ناضبة وغير متجددة»، مبيناً أن هذه الأسعار المنخفضة أثرت تأثيراً سلبياً بما يتوجب على صناع القرار، إعادة النظر في أسرع وقت ممكن في تسعير الطاقة المباعة في المملكة، سواءً كانت لقيماً أو وقوداً أو بشكلها النهائي كطاقة كهربائية، وذلك لعدة أسباب، من بينها النمو الهائل للطلب، موضحاً أن هناك ارتفاعاً كبيراً في الطلب على الطاقة في المملكة. ويبلغ الاستهلاك المحلي نحو ثلث إنتاج المملكة من النفط، مع الحاجة لاستيراد بعض المشتقات النفطية. وتابع: «معدل الزيادة السنوية في استهلاك الطاقة، 8% سنوياً، وهو من أعلى المعدات في العالم، بما يشكل سابقة خطيرة ستعمل على أن تتحول المملكة خلال أقل من عقدين إلى مستوردة للطاقة بدلاً من كونها الأكبر عالمياً في تصديرها». وأضاف «يتم تقييم الطاقة بأقل من قيمتها الحقيقية، حيث إن السعر المنخفض للطاقة (بنزين أو ديزل أو كهرباء أو غاز) يؤدي إلى تقليل القيمة الاستعمالية للطاقة، ومن ثم إهدار الطاقة في استخدامات غير منتجة، بل وفي كثير من الحالات في استخدامات مضرة بيئياً أو اقتصادياً». وأشار العمر إلى انخفاض كفاءة استخدام الطاقة، وقال: «بمقارنة الوضع في المملكة بما هي الحال عليه في مختلف دول العالم، نجد أن كفاءة استخدام الطاقة وفق المعايير الاقتصادية والبيئية، هي الأقل على المستوى العالمي خلال الثلاثين سنة الماضية بسبب الانخفاض في أسعارها». وقال إن انخفاض أسعار الطاقة ساهم في ازدياد معدل الهجرة النظامية وغير النظامية، كما أدى إلى ارتفاع فاتورة الإعانات الحكومية على استهلاك الطاقة، حيث إنه مع كل زيادة استهلاك في الطاقة، تقوم الحكومة بزيادة المعونة المقدمة على استهلاك الطاقة، وتتمثل هذه المعونة في الفارق بين السعر الذي تتسلمه الحكومة من بيع الطاقة محلياً، والسعر الذي يمكن أن تبيع به الطاقة في السوق العالمي. وقدَّر العمر الإعانات الحكومية غير المباشرة المسؤولة عن انخفاض أسعار الطاقة ب 1.3 تريليون ريال خلال العقد الماضي، وهي ستزيد عن ثلاثة تريليونات خلال العقد الحالي. واستطرد: إن أسعار الطاقة أثرت سلباً على النقل، حيث تعاني المدن الكبيرة في المملكة من اختناق مروري كبير بسبب الزيادة الكبيرة في عدد المركبات والاعتماد على النقل الخاص منخفض الكفاءة، فالزيادة في عدد السيارات وعدد رحلات السيارات داخل المدن وخارجها تنشأ بسبب انخفاض التكلفة المتغيرة والمتمثلة في أسعار الوقود، وكذلك ساهمت الأسعار في إيجاد أزمة الكهرباء صيفاً.