أعرف مجموعة من الرجال ممن تزوجوا زوجة ثانية في ظروف متباينة، أعرف بعضها، وأجهل كثيرًا منها، لكن ما شاهدته من تغيُّر كبير في حياة أولئك الرجال، دفعني إلى الوقوف عند هذه التجربة التي لا تحب النساء سماعها، أو التكلم فيها! بدا على أولئك الرجال وهم قد تجاوزوا الخمسين بسنوات الاهتمام بمظهرهم خلاف ما كانوا عليه من قبلُ، وهذا يعني أن الزوجة الجديدة قد نجحت في فرض قناعاتها على الزوج، الذي تحب منه أن يظهر بمظهر حسن جميل! كثير من النساء إذا تقدم بها السن أهملت نفسها، وأهملت زوجها، بل وصار اعتمادها على أولادها أكثر من اعتمادها على زوجها الذي بدأت معه رحلة الحياة، فجعلته على هامش حياتها، وهذا خطأ كبير جدًّا! بل وكثير منهن ترى أن بلوغها سنًّا متقدمة لا يُجيز لها الاهتمام بمظهرها وجمالها، فصارت امرأة تعيش كل يوم بنفس الصورة، ونفس الشخصية! أرى صورًا في وسائل التواصل الاجتماعي لزوجين غربيين بلغا من الكبر عِتيًّا ومع ذلك فلا تزال المحبة والمودة والتقارب بينهما؛ لأن كلاًّ منهما لم يجعل الأبناء يحلون محل الزوج أو الزوجة، فبقي الزوج في حاجة الزوجة، وبقيت الزوجة في حاجة الزوج، فعاشا حياة مبنية على الحب والاحترام. اليوم تسير حياة كثير من الأزواج على وتيرة واحدة، وإذا عرفت الزوجة أن أحد الأقارب قد تزوج الثانية، انقلبت حياتها، وتملَّكتها الوساوس، وداخلتها الأوهام، وبدأت تهتم بمظهرها وبزوجها وببيتها، وهي مطالبة بكل هذا من قبل؛ حتى لا يحتاج الزوج إلى من يملأ فراغًا في حياته صار بسبب تقصير الزوجة! الزوجة أنثى، هكذا يجب أن تبقى، تبقى جميلة لطيفة رقيقة، عفيفة مهذبة، حتى وإن عاندتها بعض ظروف الحياة، فكانت امرأة موظفة، أو ترعى الأطفال، أو مشغولة بالأهل، كل هذا يجب ألا يشغلها عن نفسها، والاهتمام بها من أجل زوجها. وعلى الزوج أن يرقى بمستوى وعي أفراد أسرته، وأولهم الزوجة، فلا يتردد في بيان الأمور لها، وتعليمها، وتبصيرها بأسرار الحياة الزوجية؛ بتوظيف المواقف الإنسانية، وبالمصارحة، وبالأسلوب المهذب الراقي على أن يكون هو قدوة في ذلك. على الزوجة أن تقدِّر الحياة الزوجية، وأن تسعى جاهدةً لبناء الأسرة بدلًا من تحطيمها، فلا الطلاق مقنع؛ لأن الزوج صاحب دخل مادي محدود، أو كان الزوج هو العائل لوالديه، أو أحدهما يعيش معهما قائمًا بالرعاية والعناية. ليس الطلاق حلاًّ لمشكلة عابرة تزول بالتفاهم وتقريب وجهات النظر، وليس الطلاق انتقامًا من زوج قصَّر بعض الشيء في حقوق الزوجة التي رضِيت به أولاً، وعليها أن تبذل الأسباب طالبة العون من الله في سبيل إصلاح حال الأسرة، صارفة أُذنها عن سماع كثير من اللغو والتحريض، الذي لن تجنيَ بسببه سوى المرارة والحسرة. هذه السطور ليست تحامُلًا على المرأة التي تبقى صاحبة مكانة عظيمة في بناء الأُسَر البناء الصحيح، فهي خير متاع الدنيا، لكنها قراءة متأنية لشيء من واقعنا، والهدف منها رسم معالم على طريق صلاح الأسرة، بدءًا من الأساس الذي يمثله الزوج والزوجة. موقف: عاد من عمله مبكرًا ليجدها في استقباله على غير العادة، وهو الذي كان قد أرسل لها على هاتفها صورة مولود جديد لبنت جيرانهم المرسلة من صديقه، ليظهر له فيما بعد أن زوجته باتت ليلتها في حديث ساخن مع عضوات قروب صديقاتها اللاتي أمضينَ الليل في حديث حول زواج الرجل من ثانية، وهو ما أقضَّ مضجعها، وأطار النوم من عينيها، لتأتي صورة المولود ثالثة الأثافي حين ظنَّت أن زوجها قد تزوَّج عليها، وأن هذا هو مولوده الجديد من زوجته الجديدة! قيل في المثل: «وطن المرأة زوجها».