تحلم ألمانيا بمصالحة كأس العالم لكرة القدم بعد غياب 24 سنة عن خزائنها، لكنها تعاني من مخاوف حول إصابة الركائز الأساسية في تشكيلة ستخوض مونديال البرازيل 2014. بلغت ألمانيا نصف النهائي في آخر مونديالين، على أرضها في 2006 وفي جنوب إفريقيا 2010، لذا يصر قائدها فيليب لام على أنه سئم الحلول ثالثا: «لا أريد أن أخرج من نصف النهائي مجددا، أو أن أذهب إلى البرازيل من أجل حمام الشمس، هدفي واضح، تحقيق أكبر نجاح ممكن وإحراز كأس العالم». بغية الوصول إلى الهدف المنشود، يعمل المدرب يواكيم لوف على تقوية خط دفاعه وتحسين الهجمات المرتدة. يضم «ناسيونال مانشافت» خامات هجومية جميلة، لكن سرت شائعات حول جو من الاستياء لنجوم ساخطين من الجلوس على مقاعد البدلاء، عطلوا الانسجام في كأس أوروبا 2012 الأخيرة وفي تصفيات كأس العالم. أضاف لام (30 عاما): «لدينا الدافع الإضافي لإحراز اللقب، لكن يجب التأكد من أن الموهبة وغرور كل لاعب يصبان في مصلحة الفريق». منذ إحرازها لقبها الأول تحت مسمى ألمانيا الغربية في سويسرا 1954، ثم الثاني على أرضها في 1974 والثالث الأخير في 1990، لم تنتظر ألمانيا 24 عاما مثل هذه المرة دون أن تتذوق طعم التتويج في الحدث العالمي، لدرجة أن بعض أعضاء الفريق على غرار الموهوب ماريو غوتسه، لم يكونوا قد أبصروا النور في 1990عندما قاد لوثار ماتيوس تشكيلة المدرب فرانتس بكنباور إلى اللقب. عمل لوف في الماضي على تعزيز التماسك بين لاعبيه، لكن الإصابات ونقص اللياقة البدنية يؤرقان المدرب: «يجب أن نعمل على المرونة والتنويع. نحن بحاجة دوما لاستراتيجيات بحال الضرورة خلال المباريات، لكن يجب أن نحسن مرتداتنا بحال استرجاع الكرة. لم نطبق ذلك جيدا على غرار مونديال جنوب إفريقيا والفترة التي تلته». اعتادت ألمانيا تاريخيا خوض المونديال في ظل إصابات بعض نجومها، ففي 2006 عانى ميكيال بالاك من إصابة في ساقه وخضع لام لجراحة في مرفقه، وفي 2010 استبعد بالاك بعد خطأ عنيف من الغاني كيفن برنس بواتنغ في نهائي كأس إنجلترا، كما غاب الحارس الأساسي رينه ادلر بسبب ضلوعه المكسورة. وفي ظل غياب بالاك، حمل لام شارة القيادة ولا يزال، فيما عزز مانويل نوير زميله في بايرن ميونيخ موقعه بين الخشبات وبات يعتبر من أقوى حراس المرمى في العالم. لكن الإصابات تجددت، فانسحب لارس بندر لاعب الوسط الدفاعي ليفقد لوف دعامة لباستيان شفاينشتايجر المصاب أيضا في الوسط، خصوصا بعد الإصابة الطويلة التي أبعدت سامي خضيرة (ريال مدريد الإسباني) عن الملاعب، كما أن نوير غاب عن التمارين لإصابة في كتفه، وهي الأسوأ لحارس مرمى، وتتم معالجة لام في كاحله. لكن الضربة الكبرى تمثلت في غياب المهاجم ماركو رويس عن النهائيات حسب ما أعلن الاتحاد الألماني لكرة القدم، وتم استدعاء لاعب سمبدوريا الإيطالي شكودران مصطفى بدلا منه. وقال لوف: «هذا نبأ مؤسف للاعب ولنا. كان ماركو بحالة رائعة، قدم مستويات لافتة في التمارين، ولعب جيدا في المباريات الودية أمام الكاميرون وأرمينيا». وشهد خط الهجوم استبعاد ماريو جوميز، فلا يملك لوف سوى مهاجمين صريحين، الأول ميروسلاف كلوزه يبلغ من العمر 36 عاما، لكنه يطمح إلى تحطيم رقم البرازيلي رونالدو لأكبر عدد من الأهداف في تاريخ المونديال (15) لكنه غاب لفترة طويلة عن مباريات فريقه لاتسيو الإيطالي، والثاني كيفن فولاند (هوفنهايم) لا يملك الخبرة الدولية (21 عاما)، بيد أن لوف يمكنه الاستفادة من القدرات الهجومية الرائعة طوني كروس (بايرن ميونيخ). في تقرير لجريدة «بيلد»، فندت تشكيلة ألمانيا وصنفت 9 لاعبين فقط جاهزين لخوض المونديال، على غرار لاعبي الوسط كروس ورويس واندري شورلي (تشلسي الإنجليزي) وتوماس مولر (بايرن ميونيخ). اعتمدت ألمانيا تاريخيا على قادة حقيقيين لمنتخباتها، على غرار شتيفان ايفنبرغ، بالاك أو الحارس اوليفر كان، لكن مع لام وشفاينشتايجر تبدو القيادة مشتتة على غرار الخسارة في نصف نهائي كأس أوروبا 2012 أمام إيطاليا أو نصف نهائي مونديال 2010 أمام إسبانيا. يقول بواتنج: «ألمانيا لديها فريق كبير وهذه هي المشكلة. تشعر بالضغط لتكون بطلة للعالم، لكنها لا تملك الشخصية والقادة على غرار ايفنبرغ وكان عندما يرتفع الضغط لا تحسن التعامل معه». منذ إحرازها كأس أوروبا 1996، تفتقد ألمانيا للألقاب، فاحتلت وصافة المونديال أمام برازيل رونالدو في 2002، وواظبت على بلوغ المراحل المتقدمة بعد ذلك دون ذهب. فضلا عن ألقابها ال 3، حلت وصيفة 4 مرات في 1966 و1982 و1986 و2002، وثالثة في 1934 و1970 وفي آخر نسختين في عامي 2006 و2010. برز في صفوفها تاريخيا فريتس فالتر، اوفي زيلر، فرانتس بكنباور، غيرد مولر، بول برايتنر، ماتيوس بالاك وغيرهم. تصدرت ألمانيا مجموعتها في التصفيات دون أن تخسر، وامتلكت أقوى هجوم في التصفيات الأوروبية مع 36 هدفا في 10 مباريات، فأعلنت صراحة نيتها في إحراز اللقب المرموق لأول مرة خارج حدود القارة العجوز. لكن يتعيّن عليها تقوية دفاعها وتفادي ما حصل مع السويد عندما تعادلت 4/4 بعدما كانت متقدمة برباعية. 6% فقط من الألمان يعتقدون أن بلادهم قادرة على إحراز اللقب، و11% لبلوغ النهائي، و41% للخروج من نصف النهائي و28% من ربع النهائي، حسب استفتاء في أيار/مايو الماضي، فيما اعتقد 38.6% منهم أن ألمانيا كانت قادرة على رفع اللقب قبل 4 سنوات في جنوب إفريقيا.