طابور من الجهلاء أو الظرفاء أو البسطاء الذين أنستهم الطاعة واجب الحذر يسيرون ناحية منزل أو وكر في إصرارغريب، إذن من المباح أن نتخيل ماذا يحدث بالداخل. هناك دعي أعلن في أقصوصات على جدران المساجد والمرافق العامة القدرة على شفاء المسحورين والمحسودين واستخلاص كومة أمراض بعد أن يكون قد سماها بأسماء سنسكريتية لها رنين ثم يمتص الأموال منهم في انسيابية رهيبة، ومن وجد أن جيوبه مكتنزة أكثر من اللازم وعقله من ورق سيقنعه بحتمية المداواة بالمثل والدفع أكثر، فمن يعاني اللوثة فليأكل لسان ماعز ومن يعاني الكاتاراكت فليمضغ أعين غزالة بعد أن يقرأ عليهم في النهاية بعض الآيات وقد يزيد في حماسه فيبصق في قنينة ماء وزيت ثم يبيعها بأسعار لها العجب. وهكذا استشفاء بطرائق تمتص النقود وتقنع ولا تنفع. لكن كيف استحوذ طب (النُّص لِبَّة) هذا على عقول شرائح وافرة من المجتمع رغم غياب الفاعلية؟ في دراسة خفيفة في الإيكونومست قرأت عن تجربة فريدة قام بها أحد أساتذة سيكولوجية الإعلان الذي قال إن هناك طريقتين للإقناع، الطريقة (ألفا) التي تقوم على ترغيبك في السلعة، والطريقة (جاما) التي تقوم على إزالة مقاومتك. الإغراء في الإعلانات عن مثل أساليب الاستشفاء تلك واتباع جاما في حذاقة مهم جدا لأساتذة نفش الجيوب وتفريغ الخزنات، هم يتبعون أسلوبا جذابا في جعل الناس يدخرون أدمغتهم في أكمامهم فينجحون وتتحسن أمورهم المالية. ولأن الناس محبطة نجدهم يتعلقون بهكذا نصابين كما يتعلق الحامول بغصن البرسيم. سيجربون التداوي بهذه الصيغة وعلى طريقة (ما دام ما بيضرش خلاص) حتى يفاجأون أن الريالات تحولت في جيوبهم إلى (هللة) دون فائدة علاجية.