يهاجر كثير من المتقاعدين الغربيين إلى دول أقل من بلدانهم في مستوى المعيشة وهي تكاد تكون ثقافة وعلى سبيل المثال عندما تسافر إلى دول شرق آسيا سوف تشاهد كثيراً من المتقاعدين الغربيين يقيمون في تلك الدول مثل تايلند والفلبين وإندونيسيا تجدهم بكل مكان بالمدن والجزر والعشوائيات وقد ارتبطوا بالمكان الذي يعيشون فيه وكيّفوا أنفسهم معه سواء مع الأغنياء أو الفقراء وفي غالبيتهم عازب يهاجر بمفرده يتزوج ويبحث عن حياة أخرى أكثر أمناً حيث يجد من يخدمه ويساعده بعد كبره ويكوّن أسرة جديدة تعينه على العيش بكرامة، وتجد القليل من العرب لأن العربي مرتبط في بلده بعدة أمور تمنعه من الهجرة بعد التقاعد ومن أهم هذه الروابط ارتباطه الديني بمسجده وقربه من المقدسات الإسلامية والارتباطات العائلية فنحن العرب حريصون على الأواصر الأسرية وهذه الارتباطات تجعل هجرة المتقاعد العربي نادرة الحدوث، فهل سوف تتغير هذه الثقافة والارتباطات ونشاهد العرب يهاجرون بعد التقاعد يبحثون عن حياة أفضل وأرخص ؟يقضون أيامهم الأخيرة في بلدان أخرى يبحثون عن هويات وانتماءات مختلفة حتى لا يقعوا في مطبات قد تكون قاسية مثلما وقع فيها بعض ممن سبقهم من المتقاعدين كما شاهدنا قبل عدة أيام الثمانيني من دولة الإمارات الذي كان يتعرض للضرب المبرح على يد خادمه الآسيوي، أو كما نسمع ونشاهد كل يوم عن متقاعدين ومسنين لا يجدون من يعينهم على الحياة حيث يهجرهم أبناؤهم أو يلقون بهم في قارعة الطريق أو في إحدى دور رعاية المسنين أو على أبواب المستشفيات ويهربون. فنحن في بلداننا العربية لا نهتم كثيراً بالمسنين وننسى فضلهم نحن في زمن العقوق، لذا فإن من وجهة نظري أن تتغير ثقافة التقاعد والجلوس بالمنزل لمراقبة كل شيء فعندما يتقاعد لدينا الشخص يبقى في منزله ويشتغل سباكاً وتارة نجاراً يخرّب كلّ شيء وقد يزعج من حوله وينصرف عنه أبناؤه وزوجته فلا يكاد يجد من يحكي معه يشعر بالوحدة فلا برامج ولا أندية تهتم بالمتقاعدين. عندما تخرج من الوظيفة تجد نفسك حائراً ووقتك مهدراً على انتقاد كل شيء في منزلك في حارتك تصبح ثقيلاً على أهلك وجيرانك. وأظن أن كل شيء يجب أن يتغيّر وأن يفكر المتقاعدون بجدية في الهجرة وإيجاد حياة أخرى أفضل فرواتبنا التقاعدية تمكننا من العيش في دول شرق آسيا الرخيصة وبناء نظام جديد على ضفاف أحد الشواطئ أو المزارع حيث تجد السكن والبيئة النظيفة والعلاج والمساعدة بأقل الأثمان، عن نفسي أفكر جدياً بعد التقاعد في الهجرة وسوف أفعل كما فعل الغربيون من قبلي ولن أنتظر حتى أصفع من عامل فأموت مقهوراً ذليلاً أو يسخر مني الأطفال ويقولوا عني (مخرّف) هاجروا سافروا ستجدون الابتسامة بمكان آخر.