أثارت محكمة أمن الدولة الأردنية، في شهر يونيو الماضي، عاصفة من الانتقادات المحلية والعالمية مصحوبة بضجة إعلامية غير مسبوقة، حينما وجهت تهمة لصحفي نشر مادة صحفية تناولت ولاية العهد في الأردن ، لم يكن لها حكم إلا الإعدام. وكانت النتيجة المباشرة لتلك الضجة استجابة الحكومة لمطالبات المعارضة منذ عدة سنوات بكف يد المحكمة عن المدنيين، وتم تقليص صلاحياتها بشكل كبير في التعديلات الدستورية، والتي أُقرت شهر أكتوبر الماضي. ولكن ذات المحكمة وخلال أقل من شهر حكمت على الناشط عدي أبو عيسى بالسجن عامين بعد حرقه صورة الملك عبد الله الثاني، كما أصدرت أمراً بتوقيف المعارض أحمد عويدي العبادي بعد دعوته لتحويل البلاد إلى جمهورية. وقال القيادي اليساري وعضو لجنة الحوار الوطني خالد كلالدة ل “لشرق” إن إصرار النظام على استخدام محكمة أمن الدولة ضد أصحاب الرأي – سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا – يظهر عدم الجدية في الإصلاح. وأضاف الكلالدة أن أصحاب الرأي، ومنهم العويدي، من حقهم أن يحاكموا أمام محاكم مدنية حيث القانون واضح ويستطيع القضاء المدني أن يقول كلمته في تلك القضايا. مشيراً إلى أنه من غير المعقول أن تستمر نفس الإجراءات الأمنية في التعامل مع المعارضين. وأيده في ذلك النائب محمود الخرابشة، الذي قال في حديثه ل “الشرق” إن محكمة أمن الدولة غير دستورية ويجب أن ترفع يدها عن القضايا المنظورة أمامها لمدنيين، حيث أن من يعين قضاتها معروف. وأضاف “آن الأوان لاحترام رغبات الشعب وإثبات جدية الإصلاح”. وقال النائب الخرابشة إن هناك تسويفاً في تطبيق التعديلات الدستورية هدفه إعطاء أمن الدولة صلاحيات لا تدخل في اختصاصه، مشدداً على أن التعديلات الدستورية أصبحت سارية المفعول منذ مطلع أكتوبر الماضي. وأبلغ قضاة محكمة أمن الدولة المحامين الذين اعترضوا على اختصاصها، بأن التعديلات الدستورية لم تصبح سارية المفعول بخصوص محكمة أمن الدولة، مستندين إلى المادة 128 من الدستور والتي تبقي التشريعات الحالية سارية المفعول إلى أن يتم استبدالها خلال ثلاث سنوات كحد أقصى. وقال المحامي يوسف الحامد المعروف بدفاعه عن النشطاء في حديثه ل “الشرق”، إن التعديلات الدستورية تحد صلاحيات أمن الدولة في حالات محددة من بينها التجسس، وليس من بينها الحالات الخاصة مثل الناشط عدي أبو عيسى والمعارض العويدي.