حسمت المحكمة الإدارية في الدمام نزاعاً بين أمانة الشرقية ومواطن؛ بحكم نهائي واجب النفاذ يقضي بإلزام الأمانة بمنح المواطن أرضاً سكنية لا تقلّ مساحتها عن 900 متر مربع، تنفيذاً لأمرٍ سامي سبق أن حصل عليه المواطن. وصدر الحكم بعد 12 جلسة قضائية في قضية تعود جذورها إلى عام 1415ه؛ حين حصل المواطن محمد بن عائش البقمي على أمر سامٍ بالمنحة. وطبقاً لصكّ الحكم الذي اطلعت عليه «الشرق»؛ فإن القرار نُفِّذ إجرائياً في شهر صفر 1416ه، على قطعة أرض تحمل الرقم 48/د في مخطط 209/2 في العزيزية بمحافظة الخبر، لكنّ المواطن لم يتسلّم الأرض فعلياً؛ وإنما سُلّمت إلى مواطن آخر بسبب شُغورها في السجلات، حسب إفادة الأمانة في الصك. ليدخل المواطن في سلسلة من المراجعات والإجراءات التي لم تُفضِ إلى حصوله على الأرض التي مُنحت له بأمرٍ سامٍ واضح وصريح. وقال محمد عائش البقمي إنه حفظ أروقة أمانة الشرقية وديوان المظالم في الدمام، وامتدت علاقته بهما منذ صدور الأمر السامي بمنحه أرضاً سكنية في عزيزية الخبر عام 1414 هجرية. وأضاف أنه استبشر خيراً بعد صدور الأمر السامي رقم «6/4480» في شهر جمادى الآخرة من عام 1415 ه، ونفذ بقرار رقم «12103» في ربيع الأول من عام 1416ه على قطعة أرض تحمل رقم (48/د) في المخطط رقم (2/209) بمساحة 900 متر مربع، إلا أن البقمي لم يتسلم الأرض، وبعد مرور عشر سنوات من صدور قرار التنفيذ تفاجأ بأمانة الشرقية تتنازل عن الأرض إلى شخص آخر، استناداً إلى خطاب من أمين الشرقية في حينها. وسعى البقمي إلى أرضه، وبعد عدة خلافات خاضها مع الأمانة والمحكمة، أوضح أن أحد كتاب العدل في ديوان المظالم بالدمام طلب منه الحضور لحسم القضية، مضيفاً أنه وقتها كان يتعافى من إصابته بجلطة، ودخل المحكمة على كرسي متحرك. وبين أن تسوية القضية تمت من خلال دفع 100 ألف ريال نقداً، لتحويل صك الأرض باسمه. وقال «الغريب في الأمر بعد أن راجعت الحاسب الآلي في وزارة الشؤون البلدية والقروية كانت الأرض تحمل اسمي، مع ذلك دفعت 100 ألف ريال حتى لا أخسرها، وفي الوقت ذاته طالبت الأمانة بتعويضي عن المنحة التي لم أتسلمها». وأوضح البقمي أن الأمانة حاولت منحه أرضاً أخرى إلا أن الأراضي كانت بأسماء مواطنين فتعذر ذلك، وقدمت شكوى على الأمانة في ديوان المظالم بالدمام، وبعد عدة جلسات محاكمة أصدر ثلاثة قضاة مشرفون على القضية حكماً في صالحي، بإجبار الأمانة على منحي أرضاً بديلة. بعد أن صدر حكم المحكمة، في ربيع الأول من عام 1434ه، بإلزام الأمانة بمنح البقمي أرضاً بديلة بمساحة الأرض السابقة (900 متر مربع)، تم إيقاف الحكم في كتابة العدل، وبحسب النظام القضائي يوقف الحكم مدة عشرة أيام، لكن مضت الآن سبعة أشهر من صدور الحكم من دون أن ينفذ، وقال البقمي إن أمر الإيقاف صدر بناء على «إقرار مزور بالتنازل عن المنحة، والاتفاق مع الشخص الذي منح الأرض مقابل مبلغ وهمي على أن يأخذ الأمر السامي الخاص بي ويتصرف به كيفما شاء» (تحتفظ «الشرق» بنسخة من الإقرار). ويقول البقمي إن الإقرار مزور، كما أنه لا يحوي اسم المالك الآخر للأرض التي دفعت لإفراغها مائة ألف ريال نقداً، مضيفاً أن التوقيع فيها مزور. ويوضح أن الأرض التي أفرغ صكها لي دفعت مقابلاً لها، على أن يصدر لي تعويض بأرض أخرى، إلا أن الأمانة لم تنفذ الأمر ومضت على ذلك عشر سنوات حتى صدر حكم المحكمة بتعويضي ولكنه أوقف منذ سبعة أشهر، تخللتها ثلاث جلسات من دون الوصول إلى نتيجة. وتقدم الوثائق التي قدمها البقمي أدلة على الأرض التي مُنح إياها نظاماً إلى مواطن آخر، فقد صدر صك الملكية في شهر صفر من عام 1426ه، عند كاتب عدل الخبر (تحتفظ «الشرق» باسمه)، وحضور مندوب الأمانة، وفيها تنازل الأمانة عن الأرض لصالح (تحتفظ «الشرق» باسمه)، وكتب خلف الصك أن الملكية انتقلت إلى محمد عائش البقمي لقاء ثمن قدره مائة ألف ريال نقداً. وقد تقدم البقمي بشكوى في محرم 1426ه ضد أمانة الشرقية لتأخرها في تنفيذ القرار، وعُقدت أولى الجلسات في رجب من عام 1432ه ونظر القضية ثلاثة قضاة. وطبقاً للصك فقد اعترفت الأمانة بتخصيص الأرض للبقمي في 1416ه، إلا أن البيان المعد لها لم يصدر إلى كتابة العدل ولم تستكمل الإجراءات من قِبل المختصين، ثم تنازلت الأمانة عن الأرض لمواطن آخر في 1426ه. ووثّق الصك أن البقمي دفع 100 ألف ريال لإفراغ صك الأرض باسمه، ومطالبته بمنحة بديلة عنها، وفي الجلسة الثانية عرضت الأمانة خطاب منح أرض بديلة وطلبت مهلة لعدم ورود رد من الوزارة. وفي الجلسة الثالثة قدم ممثل الأمانة خطاب مدير عام إدارة الأراضي والممتلكات يفيد بأن الأمانة لا تمانع منح قطعة بديلة للبقمي. وفي الجلسة الرابعة تبين أن الأرض البديلة تتجاوز النسبة المسموحة نظاماً، ويجري البحث عن أرض بديلة، وعرض قطعة في مخطط آخر، وطلبت الأمانة مهلة للرد. وفي الجلسة الخامسة؛ قال ممثل الأمانة إنه لم يتلقّ رداً من الوزارة حول الأرض البديلة ودفع فارق الأمتار لتجاوزها مساحة 900 متر مربع. وفي الجلستين السادسة والسابعة؛ طلب ممثل الأمانة مهلة، وفي السابعة اعتذر عن عدم تمكنه من إحضار صورة خطاب إدارة الأراضي. لكنه في الجلسة التاسعة قدم صورة خطاب مبعوث للرياض تفيد بأن الأرض سكنية وليست تجارية ولم يرد جواب من الرياض حتى تاريخ الجلسة في 1433ه. وهو ما أعلنه أيضاً في الجلسة العاشرة، ليذكر في الجلسة ال11 رفض مدير الأراضي الكتابة والتعقيب على الوزارة، معلناً الاكتفاء بخطابين سابقين قدمهما. وقد صدر الحكم في الجلسة ال12 بإثبات صدور الأمر السامي بمنح البقمي قطعة أرض، وعدم تنفيذ الأمانة القرار بمبرر مقبول، وتجاوزها في منح الأرض شخصاً آخر. وحكمت بإلزام الأمانة بمنح البقمي أرضاً سكنية لا تقل مساحتها عن 900 متر مربع.