عززت تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير مساء أمس الأول توقعات المراقبين باحتمال وقوع حرب بين السودان وجنوب السودان، وقال الرئيس البشير “إن الحرب مع الجنوب واردة، موضحا أن الخرطوم ظلت تتعامل مع الجنوب وفق أخلاقيات والتزامات اقتضتها المسؤولية، ولكن الحزب الحاكم في جوبا “الحركة الشعبية لتحرير السودان” تعاملت بأخلاق غريبة عن السودانيين بل حتى الأفارقة. تصريحات وتهديدات بالحرب وأكد البشير أن الخرطوم تبحث دوما عن السلام عبر التفاوض ولن تلجأ إلى الحرب، إلا إذا فرضت عليها كما حدث في أقاليم أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ومن جهته حذر رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميار ديت ، من تجدد الحرب بين بلاده والخرطوم في حال عدم توصل مفاوضات النفط لاتفاق بين بلاده والخرطوم. وقال سلفاكير “نرفض مقترح الوساطة الإفريقية ولن نمنح الخرطوم مليارات لم نكن ندين بها للخرطوم كما اقترحت الوساطة، وأضاف “مقترح الوساطة قد يولد أزمات في مجالات مختلفة. وأعلن عن استعداد بلاده لمواجهة أي صراعات محتملة تهددها” في إشارة منه إلى استعداد جوبا لمواجهة الخرطوم. وأعلنت دولة جنوب السودان عن توصلها لاتفاق مع شركات إسرائيلية وأمريكية لتوصيل خط أنابيب لنقل بترول الجنوب إلي مدينة لامو وميناء مومباسا الكيني. وكشف عن تلقيها عرضا بدفع مبلغ 11.6 مليار دولار من مستثمرين إسرائيليين وأمريكيين مقابل وقف ضخ نفط الجنوب لمدة عام. وأن جوبا لن تعود مجددا لتصدير نفطها عبر الأراضي السودانية لاتهامها للخرطوم بالقرصنة على نفطها المصدر عبر الأنبوب والموانىء السودانية. من جانبها أعلنت الخرطوم في أول ردة فعل عنيفة تجاه تعنت جوبا وتصرفاتها الاستفزازية على لسان وزير خارجيتها على كرتي الانتقال إلى الخطة “ب” في التعامل مع جوبا. وقال وزير الخارجية السوداني “لم نستخدم بعد أيا من كروتنا للضغط على دولة الجنوب، وقطع أن الخرطوم لم تسع من قبل إلى زعزعة استقرارها. وأضاف “لو فكرنا فقط فإن الوسائل لا تحصى ولا تعد”، محذرا دولة جنوب السودان “يجب عليها الانتباه لأنها ستحرق يدها قبل أن تحرق أيدي الآخرين. وأوضح وزير الخارجية السوداني أن القادة الأفارقة على دراية تامة بأن الخرطوم تملك كروت ضغط عديدة ضد دولة الجنوب، ولم تستخدمها. وأشار إلى أن الوقت الآن أصبح مناسبا أمام الحكومة السودانية للانتقال في الخطوة القادمة إلى ماسماه بالخطة “ب”، واصفاً ما يدور منذ توقيع اتفاق السلام مع الحركة الشعبية بمحاولات تغيير النظام في الخرطوم، مضيفا أن محاولات إنشاء مصفى للنفط وتمرير نفط الجنوب عبر كينيا، مؤشر لحصار السودان اقتصاديا وقطع الحبل السري بينها وبين الجنوب. حرب استنزاف وقدر مساعد الرئيس السوداني العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي تكاليف الحرب المتوقعة بين الدولتين بمائة مليار دولار من الجانب السوداني فقط، فيما بلغت خسارة السودان من الحرب الاقتصادية بين البلدين في المجال التجاري وحده ب 600 مليون دولار في العام الماضي نتيجة وقف التبادل التجاري مع الجنوب وإغلاق الحدود. واقتصاديا فقد السودان 36% من إجمالي عائدات الخزانة الاتحادية، فيما يشكل البترول الذي أوقف الجنوب ضخه 98% من عائدات دولة جنوب السودان. وانعكس إيقاف النفط الجنوبي لأيام في الحال على المواطن، حيث أعلنت حكومة الجنوب عن تدابير تقشفية لمواجهة أزمة وقف تصدير النفط بتخفيض الرواتب 40%. تداعيات أمنية ويشكل وقف ضخ النفط الجنوبي عبر الشمال تهديد أمني كبير لحكومة جوبا التي خفضت الرواتب 40%، ويعتمد معظم سكان جنوب السودان على الرواتب كمصدر دخل رئيس، حيث يعمل معظم السكان إما في القطاعات العسكرية “الجيش، الشرطة ، الأجهزة الأمنية ، أويعملون موظفين وعمال في سلك الدولة. فيما يعمل بقية السكان في الأنشطة الخدمية الأخرى لبيع خدماتهم لجمهور موظفي الدولة ، القلة الأخرى تمتهن الزراعة والرعي بصورة غير ذات جدوى اقتصادية مباشرة , حيث تعتبر الثروة الحيوانية مصدرا للمكانة الاجتماعية للفرد داخل المجتمع ، وأن النظرة لها لم تصل بعد لمرحلة الاستفادة الاقتصادية من الثروة الحيوانية التي يتمتع بها الجنوب ، وتستخدم في نطاق ضيق مثل الزواج وحالات اجتماعية أخرى مشابهة. ولم يصل الجنوب بعد لمرحلة استيعاب شعبه للتدابير الاحترازية بتخفيض الرواتب نتيجة أي طارئ، باعتبار أن مستحقاتهم حق تحقق عبر نضال البندقية، وبالتالي أنه حق لا يقبل النقاش مما يفتح باب العودة للتمرد مجددا لحمل البندقية ضد الحكومة في جوبا باعتبارها انتقصت حقوقهم المالية التي تحققت عبر النضال الطويل . المجاعة تهدد الجنوب وقالت الأممالمتحدة أن قرار جنوب السودان وقف إنتاج النفط سيجعل المزيد من سكانه يعتمدون على المساعدات الغذائية في واحدة من أقل الدول نموا في العالم، وقالت فاليري أموس وكيلة الأمين للشؤون الإنسانية “الوضع في البلاد بالغ الخطورة واحتمال أن تشهد تراجعا خطيرا. وأضافت أموس”إذا توقف إنتاج النفط سيشعر كثير من الناس بالعوز والاحتياجات الإنسانية حتما والجهود المشتركة للحكومة ووكالات المعونة والمانحين لن تكفي”. الجنوب يتسلح وكانت مصادر جنوبية كشفت عن وصول طائرات أمريكية من طراز (F15) إلى دولة الجنوب. وينشط جنوب السودان في حشد وتطوير قدراته التسلحية والقتالية قبيل انفصاله وتكوين دولته المستقلة. وأرسلت دولة الجنوب مجموعة من الطيارين إلي بعض البلدان الغربية لتلقي دورات تدريبية لتأهيلهم بصورة تجعلهم في وضع جاهزية للقتال، إلا أن مصدرا سودانيا رفيعا نفى وصول أي طائرات من هذا الطراز. سلفاكير في تصريح صحفي (رويترز)