استفادت محافظة الوادي والسليل، كما استفاد غيرها من مدن وقرى المملكة من السياسة التطويرية بوزارة التعليم العالي، القائمة على إنشاء كليات في معظم محافظات المملكة، عبر تأسيس خمس كليات يدرس بها ما يقارب ستة آلاف طالب وطالبة. وقد كانت تلك الكليات منضوية تحت جناح جامعة الملك سعود، الجامعة الأم لكل الكليات التابعة للوزارة في المنطقة الوسطى. وبعد أن جاءت السياسة الرامية إلى زرع وتأسيس جامعات ناشئة ومستقلة في مختلف المحافظات، كانت الميزة الأهم التي استفاد منها سكان تلك القرى والهجر، هي اختصار المسافات وتوفير مشقة السفر التي كان يعاني منها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حين يريدون مراجعة الجامعة الأم. فالقرى التي حول الخرج، كالحوطة والدلم، والأفلاج أصبحت تراجع الخرج التي هي أقرب إليهم من الرياض، وسكان شقراء والدوادمي وما حولهما من قرى أصبحوا يراجعون شقراء عوضاً عن الرياض. بيد أن الوضع في وادي الدواسر، الذي ضُمت كلياته إلى جامعة سلمان بالخرج، كان مختلفاً عن كل هذا ولم يحظ الوادي بهذه الميزة (اختصار المسافة) التي استمتعت بها بقية القرى حول الجامعات الناشئة. فالمسافة التي بين الوادي والرياض، التي ستصبح قريباً بعد افتتاح خط الحوطةالرياض، قرابة 500 كم، وهي المسافة ذاتها التي بين الوادي والخرج حيث المقر الرئيس لجامعة سلمان. هذا يعني أن الذي يحتاج إلى مراجعة مركز الجامعة (والكل محتاج) إن أراد السفر بالسيارة فعليه أن يقطع ما يقارب ست إلى ثماني ساعات حتى يصل إلى مركز الجامعة، مما يعني ضياع يوم في الذهاب ويوم آخر في العودة. ولا يخفى على أحد خطورة السفر بالسيارة لمسافات طويلة في المملكة، وكثرة الأرواح البشرية التي نخسرها سنوياً بسبب حوادث الطرق في المملكة (أكثر من 6000 روح). ولطول هذه المسافة بين الوادي والخرج، يضطر كثيرون إلى استقلال الطائرة عوضاً عن السيارة للوصول إلى الخرج. إلا أن الطائرة أيضاً لا تحل هذه الإشكالية لعدم وجود مطار في الخرج؛ مما يضطر الراغب في مراجعة مركز الجامعة إلى استخدام الطائرة للسفر أولاً إلى الرياض، ثم استخدام السيارة مرة أخرى للسفر ثانية من الرياض إلى الخرج. وهذا يعني أيضاً أن الوقت المستهلك بالطائرة قريب من الوقت المستهلك بالسيارة إن لم يكن أطول. ولو قمنا بتطبيق معيار المسافة على استحقاق الحصول على جامعة ناشئة، فالوادي تتفوق على كل المدن التي حول مدينة الرياض وحظيت بجامعة ناشئة، إذ تقع الوادي في أقصى الجنوب الغربي للمنطقة الوسطى. أما من حيث معيار المساحة الجغرافية والعامل الديموغرافي، فتعتبر محافظة الوادي والسليل من أكبر المحافظات على مستوى المملكة، إذ يحدها من الشمال محافظة القويعية ومن الشرق محافظة الأفلاج ومن الجنوب منطقة نجران ومن الغرب منطقة عسير ومنطقة مكةالمكرمة، أي أننا نتحدث عن منطقة شاسعة ربما تتجاوز (60000) كيلو متر مربع، وهي مساحة تحتوي على عشرات المناطق والهجر. من حيث الكثافة السكانية، يشير الموقع الرسمي لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (http://www.cdsi.gov.sa/index.php) إلى أن عدد سكان الوادي والسليل لوحدهما في السنة الحالية (2014) يقدر بما يقارب المائة والستين ألف (160000) نسمة، دون اعتبار سكان القرى التي حولها من المنطقة الجنوبية تثليث، التي يقطن بها، وفق الموقع أعلاه الستة والستون ألف (66000) نسمة، ويدرس كثير من أبنائها وبناتها بكليات الوادي والسليل. استبشر سكان المنطقة حينما قام سمو الأمير سطام (رحمه الله) بتشكيل لجنة خاصة للبحث في حل مشكلات الوادي ونقاش سبل التنمية في المحافظة، إذ كانت هذه المنطقة، ولا تزال، تعاني من مشكلات كبرى أهمها انتشار حوادث القتل وتهريب أو استخدام المخدرات. ومع زملائي المسؤولين في المؤسسات الحكومية بالمحافظة، شاركت إبان عملي وكيلاً للقبول والتسجيل في الكليات هناك، في هذا الاجتماع مع هذه اللجنة والذي اتفق فيه الجميع على أهمية تأسيس جامعة كأبرز المقترحات لحل تلك المشكلتين البارزتين، ولتقليص معدلات الهجرة من المنطقة، والنهوض بالمستوى الفكري بها بشكل عام، وهو الأمر الذي سينعكس لاحقاً على مستوى السلوك لدى الفرد ليجعله أكثر تقدماً ومدنية. إضافة إلى هذا قام أبناء المحافظة بتقديم مقترحات الحصول على جامعة عدة مرات وعبر عدة قنوات، سواء عبر قناة التعليم العالي، أو عبر إمارة منطقة الرياض، إلا أن شيئاً من هذا لم ير النور بعد. وفي الوقت الذي أبارك فيه، نيابة عن أبناء منطقتي، لإخوتنا المواطنين في منطقتي بيشة وحفر الباطن القرار السامي القريب القاضي بإنشاء جامعتين في هاتين المنطقتين، يحدونا الامل في التمتع بما تمتعت به بقية المحافظات من هذه المؤسسات العلمية المهمة في عملية التطوير والتنمية.