تباينت آراء محللين في قطاع الطاقة، بشأن إقدام السعودية على تطوير برنامج طموح لاستغلال الطاقة النووية للأغراض السلمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتخطط السعودية لبناء 17 مفاعلاً نووياً بحلول عام 2030 بتكلفة تتجاوز 100 مليار دولار، لمواكبة الطلب على الكهرباء وتعزيز طاقة التوليد المحلية باستخدام المفاعلات النووية. ورأى رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي، أن «الاتجاه نحو بناء مفاعلات نووية سلمية لإنتاج الطاقة، محفوف بالمخاطر الاقتصادية والبيئية معا»، مبيناً أن «دول العالم الأول بدأت تراجع نفسها في التوسع في المفاعلات النووية، بعد وقوع كوارث التسريبات النووية، كما حدث في مفاعل تشيرنوبيل عام 1986، وكارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011». وقال: «السعودية حتى اللحظة، لا تمتلك التقنية أو الخبرات لتشغيل أو صيانة هذه المفاعلات، وهذا يشير إلى اعتمادنا على الأيدي الأجنبية في إدارة تلك المفاعلات، ويعني هذا إهدار مزيد من الأموال»، مشيراً إلى اليابان بما لديها من علم وتقنية، تخصص مبالغ ضخمة للتخلص من خطورة الإشعاعات المسربة من تلك المفاعلات، عبر دفنها في صناديق من الخرسانة»، وتابع أبانمي «اتجاه دول الخليج صوب المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة يحتاج إلى مزيد من الدراسات التي تثبت الجدوى منها، قياساً بالميزانيات المخصصة لها»، مؤكداً أن «بناء 17 مفاعلاً في السعودية سيكلف مبالغ ستتجاوز مائة مليار دولار بمراحل». وأضاف أبانمي: «أدرك أن الاستهلاك المحلي للطاقة في السعودية يعد الأكبر من نوعه في العالم، بل إنه يتجاوز المعدل الأمريكي، وبالتالي من الصعب التغلب عليه، إلا عبر حلول، أهمها وقف تهريب الطاقة وتسريبها، اللذين يأتيان على 30% من إجمالي مشتقات النفط المدعمة، إلى جانب إلزام شركات الإسمنت والبتروكيماويات التي تحصل على دعم من الدولة، بتحديث آلاتها ومعداتها للتقليل من حجم استهلاك الطاقة». ومن جانبه، أعلن مازن السديري المختص بشؤون الطاقة أن الاتجاه لبناء مفاعلات نووية خيار استراتيجي عالمي، لا مفر منه، كما أنه يشكل المستقبل الحقيقي في الحصول على الطاقة اللازمة. وقال: «المفاعلات النووية ليست أكثر كلفة من صناعة استخراج النفط، خاصة إذا عرفنا أن استخراج النفط هي ثالث أكثر صناعة في العالم من حيث التكلفة، بعد الصناعات الطبية الكيميائية، وأبحاث الفضاء»، مشيراً إلى أن «المخاطر موجودة في الصناعات كافة، مثلما هي موجودة في المفاعلات النووية». وتابع: «ما حدث في مفاعل تشيرنوبيل وقع قبل 28 عاماً، وخلال هذه السنوات، شهد العلم تقدماً علمياً كبيراً، يحد من تلك الأخطار، وما حدث في اليابان، كان بسبب زلزال يخص البيئة الجيولوجية هناك، وليس له علاقة مباشرة بالمفاعل النووي»، مؤكداً «أن الصناعة النووية ذات جدوى عالية في توفير الطاقة، بعدما لاقت ثقة دول العالم، ويؤكد ذلك أن الطاقة النووية باتت تشكل 13% من إجمالي الطاقة في العالم، أما النفط فيشكل 1% فقط من مصادر الطاقة الكهربائية العالمية، ويفترض أن يحفز هذا الأمر السعودية على بناء المفاعلات النووية، للأغراض السلمية». وأضاف السديري «الإمارات وهي دولة خليجية، ماضية في برنامجها النووي لتأمين الطاقة، والمغرب سبقت السعودية في مشاريع الطاقة الشمسية، ولابد أن تواكب السعودية هذه الدول لتأمين الطاقة مستقبلاً».