أعاد مهرجان الساحل الشرقي المقام حالياً في متنزه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بالواجهة البحرية في الدمام، وينظمه مجلس التنمية السياحية في المنطقة الشرقية، مهناً وحرفاً كانت على الساحل الشرقي، وكادت أن تندثر بفعل التقادم والإهمال من الأحفاد. وعشق أهالي الساحل الشرقي البحر وقابلهم هو من جانبه بالخير والعطاء، وجمعته مع محبيه حكايات طويلة وآمال عريضة، وشكّل البحر جزءا من هوية وثقافة أهالي المنطقة، وكان مصدر الرزق الوحيد لهم ومصدر زينة النساء. وقدم خليفة عبدالرحمن الحمد من خلال مهرجان الساحل سرداً لتفاصيل دكان «الطواش» الذي يوجد داخله لؤلؤة كبيرة تسمى (الدانة) وأخرى (الحصباة)، وشرح للزوار المتعطشين للبحر وأسراره، ماضي الأجداد الأصيل، ومنحهم -وخاصة النساء العاشقات للزينة واللؤلؤ الأصلي الثمين- فرصة التزين بزينة جداتهن في الماضي. ويروي «الطواش» خليفة، قصص البحر لزائريه وأنواع اللؤلؤ وتسمياته حسب حجمه ولونه واستدارته، والمكانة التي كان يحتلها «الطواش» قديماً، وهو التاجر الذي ينقل كنوز الخليج لمن يقدرها، فينتعش بذلك اقتصاد من يقتاتون على مهنة صيد اللؤلؤ، موضحاً أن مصطلح «الطواش» كان يطلق قديماً على تاجر اللؤلؤ الذي يقوم بالتنقل والسفر والتطواف على سفن الغوص وهي في مواقع الصيد، أو بين نواخذة الغوص بعد عودتهم، للبحث عن اللؤلؤ وشراء ما ينتقيه منه بالثمن الذي يرغب فيه، لافتاً إلى أن «الطواش» يعدُّ رئيس فريق العمل الذي معه في السفينة التي يتنقل بها، وهو المسؤول عن بدء السفر وانتهائه، وتحديد المدة التي يمكث فيها خلال هذا السفر. وبيَّن أن «الطواش» كان يحتل مركزاً اجتماعياً واقتصادياً مشهوراً، مما جعل بعض الأسر والعوائل في وقت سابق، ترحِّب بتزويج بناتها من طبقات معينة في المجتمع كالنواخذة والطواويش والتجار، لافتاً إلى أن رأس تنورة كانت موقعاً يقصده الغواصون والطواشون، وكانت تستغل كمواقع لاستخراج اللؤلؤ، ويُصدَّر معظم ما يستخرج من هذه المناطق من لؤلؤ إلى البحرين والهند. وقال الحمد وهو يستعرض في دكانه بعض اللؤلؤ وأنواعه، إن اللؤلؤ قديماً كان يعتبر المصدر الرئيس للرزق قبل أن يظهر اللؤلؤ الصناعي الياباني، مبيناً أن قياس وزنه يتم بالمثقال عن طريق ميزان حساس للغاية مُخصص له ويُحفظ في علبة نحاسية، كما يتم استخدام الطوس، وهي بمنزلة المصافي والغرابيل أو المكاييل التي يعرف بواسطتها تجار اللؤلؤ أحجام اللآلئ لتحديد أوزانها وأثمانها. ويشير إلى أن أهل الشرقية ارتبطوا بعلاقة وطيدة مع البحر منذ القدم، وتبدأ رحلات الغوص في الربيع، برحلة قصيرة تسمى «الخانجية»، وتستمر لمدة شهر، يعقبها مباشرة الموسم الرئيس للغوص، وهو ما يسمى ب «الغوص العود»، أي الكبير ويستمر لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام، ويسمى «الدشة» أو «الركبة»، فيما يُطلق على نهاية هذه الرحلة وعودة السفن إلى الديار اسم «القفال»، والمقصود بها احتفالية تقام للقاء الغائبين على طول شواطئ الخليج يشارك فيها النساء والأطفال فرحين بعودة سفن الغوص بعد غياب طويل، وتطلق هذه الكلمة على موعد نهاية الغوص ومعناها العودة. وأكد أن اكتشاف النفط وظهور اللؤلؤ الياباني الاصطناعي قلل أرباح استخراج اللؤلؤ عن ذي قبل، وانصرف الغواصون إلى مهن أخرى لكسب لقمة العيش، ولكن على الرغم من ذلك لا يزال اللؤلؤ يحتفظ بأهميته في المنطقة الشرقية.