سعدت وتشرفت هذا الأسبوع، بهدية الأمير خالد الفيصل. وأجمل بها من هدية، ألا وهي كتابه الجديد (بناء الإنسان وتنمية المكان). صدّر الأمير خالد الفيصل كتابه بهمسة للقارئ عن محتوى الكتاب فقال: هذه ليست سيرة ذاتية.. ولا تقريراً، إنها تجربة إنسانية.. إدارية.. تنموية، لم أسعَ إليها، ولم أتهرّب من مسؤولياتها، فصارت. يبدأ الكتاب بفصل سماه خالد الفيصل (وداع أبها) يتحدث فيه عن اليوم الذي غادر فيه سحابات أبها إلى أمواج جدة، بعد صدور الأمر الملكي بتعيينه أميراً لمنطقة مكةالمكرمة بمرتبة وزير، وكانت تلك الرحلة إلى المطار رحلة معبرة فعلاً، حيث وصف الأمير الأماكن التي اعتاد أن يكون فيها أثناء إمارته منطقة عسير، مثل مسجد الملك فيصل الذي اعتاد أن يصلي فيه الجمعة. ومثل النادي الأدبي الذي يقابل المسجد من الناحية الشرقية، وهو أول نادٍ أدبي في المملكة يصبح له مقر. شيّده خالد الفيصل في بداية عهده بعسير. إنها لحظات وداع من الواضح أنها لا تخلو من حزن الوداع، إلا أن هذا الحزن سرعان ما يزول، فعسير ستبقى قريبة من القلب والعين، وقد أصبح خالد الفيصل في منطقة غالية أخرى، يقول الأمير: والآن أنا في مكة مطوّقاً بأغلى ثقة، من أكبر رجل، عن أطهر بقاع الأرض قاطبة، في موقف لا يدرك مدى دقته ومسؤوليته إلا من يقفه. إنها مكة.. مهوى الأفئدة بقدسيتها، حرمها ومناسكها، وبالجوائز الربانية لقاطنها ومجاورها، كما لضيوفه -جل وعلا- فيها، من عتق وغفران وتجديد حياة. وإنها المسؤولية التي شرّفنا المولى بها، قيادة وشعباً، وعلينا -كلٌّ في موقعه- أن نقوم بواجبنا ونؤدي أمانتنا تجاه هذه البلدة الطيبة المباركة، والمنطقة عموماً وإنسانها. الأمير الوزير خالد الفيصل رجل لا يعرف الفشل ولم يدوّن في تاريخه إلا النجاحات وراء النجاحات. وها نحن نجده في هذا الكتاب يدون فصلاً بعنوان: (مواجهة ثقافة الإحباط) يفصح فيه عن وعي عميق بأن ثقافة الإحباط المسيطرة على الروح العربية في هذه الأزمنة هي العائق الأكبر دون تنمية الإنسان. فالإحباط سرطان يقتل خلايا التنمية ويصيبها بالشلل. وأن مواجهة مثل هذه الآفة تحتاج للتواصل والتحاور مع كل أطياف المجتمع والعناية الخاصة بالشباب والتصدي للثقافات المجتمعية السلبية. كانت هذه لمحات من صفحات تشي بروح الكتاب ولا تغطّي كل ما جاء فيه، إذ لا أريد أن أحرق الكتاب على القارئ، إذ سيجد عند قراءته غير ما ذكرت من تفاصيل أرحب. وهو كتاب يمكن تصنيفه ضمن كتب الإدارة المتميّزة التي تظهر للقارئ أنه يمكن للإنسان أن يشق طريقه نحو النجاحات مهما كانت الصعوبات ومهما كثرت التحديات. هذا كتاب يبعث حقاً على الأمل والتفاؤل والإيجابية التي نحتاجها جميعاً.