عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".. رواه مسلم. في هذا الحديث وصية، وإرشاد نبوي بإفشاء السلام عند اللقاء، وأنه سبيلٌ إلى استجلاب المحبة، وغرس المودة بين المؤمنين، وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام، وبذله للمسلمين كلهم: مَن عرفت، ومَن لم تعرف! فالسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميّز لهم عن غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين، والناس اليوم مع السلام على أحوال: فالبعض خصّ به مَن يعرف فقط، والبعض الآخر استبدل به كلام الناس كقولهم: صباح الخير، أو مرحبًا، أو بعبارات أجنبية، وكلمات أعجمية، والبعض لم يتركه، ولكنه يُسِرُّ به ويجعله في نفسه، وهذا من ترك إفشاء السلام. فالإفشاء: الإظهار، والإعلان به، وتعميمه على الجميع، ونشره بينهم؛ ليحيوا سنته؛ فإنه يزيل الضغائن، ويورث التحابب. وأقلّه أن يرفع صوته بحيث يُسمع المسَلَّم عليه، فإن لم يسمعه لم يكن آتيًا بالسنّة. وفي الحديث جعل إفشاء السلام سببًا للمحبة، والمحبة سببًا لكمال الإيمان؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحابب، والتواد، أو هو سبب الألفة بين المسلمين المسبب لكمال الدين، وإعلاء كلمة الإسلام، وفي التهاجر والتقاطع التفرقة بين المسلمين، وهي سبب لانثلام الدِّين، والوهن في الإسلام ، وكُرِه إذا لقي جماعةً أن يخص بعضهم بالسلام؛ لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة، وفي التخصيص إيحاش لغير مَن خُص بالسلام. وأسعد المؤمنين مَن يهتدي بهدي نبيّه، ويلزم سنته، ويتّخذ من السلام شعارًا للإسلام، وعنوانًا للمحبة والسلام.