هل كان سقوط الرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش مع انتهاء الألعاب الأولمبية في روسيا مصادفة أم أن الأوكرانيين أرادوها مناسبة غير سارة للرئيس الروسي فلادمير بوتين عدوهم اللدود وأحد صناع سياستهم حتى إسقاط حليفه يانكوفيتش. وسواء كان إسقاط يانكوفيتش في ذلك اليوم أو غيره فهو بالتأكيد هزيمة لروسيا في منطقة طالما اعتبرتها موسكو إحدى مزارعها الخلفية منذ سقوط الاتحاد السوفييتي قبل ربع قرن. الخلافات بين الغرب وروسيا ليست وليدة المشكلة الأوكرانية اليوم بل هي أبعد من ذلك خاصة مع تقدم حلف الأطلسي إلى مناطق كانت بالأمس القريب تعتبر مناطق حيوية لروسيا منذ الحرب العالمية الأولى والثانية، فتفكك الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو شكل ضربة قاصمة للروس، خاصة أن معظم الدول التي كانت تحت مظلته أصبحت اليوم تحت مظلة الأطلسي وصواريخ الحلف اقتربت أكثر من الحدود الروسية. زعماء أوكرانيا يدركون تماما أن بوتين لن يقدم على عمل عسكري ضدهم ليس لأنه لا يستطيع بل لأن لديه موانع كثيرة يدرك مخاطرها وأبعادها، أولها أن الروس يرفضون هذه الحرب، والكرملين نفسه نشر استطلاعاً للرأي أظهر أن 73% من الروس يرفضون الانزلاق نحو أوكرانيا، كما أن بوتين لن يستطيع احتمال الخسائر الاقتصادية التي يمكن أن تتعرض لها بلاده في حال الإقدام على حرب ضد أوكرانيا، إضافة إلى أن الضغط الغربي الذي لم يصل إلى حده الأقصى بعد، هو العامل الأهم في حسابات بوتين العسكرية، ليس لأن الغرب سيتدخل عسكريا إلى جانب أوكرانيا لكن لحجم الضغوطات والإجراءات السياسية والاقتصادية التي سيتخذها ضد روسيا. وفي نفس الوقت لن يصل الضغط على بوتين إلى نقطة اللاعودة ومن المحتمل أن تكون شبه جزيرة القرم التي هي بالأصل أراض روسية جائزة الترضية لبوتين ومخرجا مشرفا له نوعا ما، وأوكرانيا لن تمانع إذا كسبت نفسها وخسرت القرم. الأزمة في أوكرانيا هي نقطة تحول كبيرة لصالح الغرب وانكفاء لموسكو، وهذا ما يظهر الحجم الحقيقي لروسيا التي حاولت خلال الثلاث سنوات الماضية إظهار نفسها كقوة عالمية فيما يتعلق بالمسألة السورية، وهذا ما يكشف حقيقة الدورالأمريكي والأوروبي المتواطئ مع روسيا في الصراع السوري.