اليابان هي الدولة الوحيدة في العالم التي ما زالت تحتفظ بهويتها الإمبراطورية، التي تأسست منذ 660 عاماً قبل الميلاد. وهي من أكثر دول العالم تقدماً صناعياً بالنظر للقيمة الصناعية المضافة مقابل عدد السكان مقارنة بالدول الصناعية الأخرى في الشرق والغرب. يعتقد كثيرون أن علاقة المملكة باليابان تتوقف على تصدير البترول. لكن الحقيقة أن كل مَنْ تابع زيارة الأمير سلمان، حفظه الله، يدرك أن المملكة، وتنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، تهدف إلى تعزيز الشراكة الوطنية مع العالم على المستوى الاقتصادي والتجاري والصناعي والعلمي والتقني والثقافي وكل ما فيه دعم التنمية في وطننا العزيز، وتحقيق الأمن والسلام في هذا العالم. وتعتبر اليابان الثالثة في العالم في إنتاج الطاقة، ولديها أحدث نظام متطور للحفاظ على الطاقة في العالم يسهم بدرجة كبيرة في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إضافة لمبادرة استحداث الاقتصاد الهيدروجيني في مدينة فوكوكا الهيدروجينية، التي بها 150 منزلاً يستخدم الهيدروجين كوقود لتزويد احتياجات الطاقة الأساسية. وتخطط اليابان لزيادة عدد محطات تعبئة وقود الهيدروجين إلى 4000 محطة في عام 2020 وإيجاد خمسة ملايين مركبة مزودة بتقنية خلايا الوقود التي تقوم بتحويل الطاقة الكيميائية المخزنة في الهيدروجين إلى طاقة كهربائية من دون أي انبعاثات للغازات الملوثة كغاز ثاني أكسيد الكربون وغيره. إن التعاون بين المملكة واليابان في أجندة الطاقة الحديثة يعد من أهم المجالات الإستراتيجية، التي ستسهم بإذن الله في تطوير صناعة الطاقة ليس فقط على مستوى البلدين، بل وعلى مستوى العالم. ولقد تسنى لي خلال عملي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يديرها السفير الياباني، يوكيا أمانو، مراجعة أنشطة الوكالة اليابانية للطاقة الذرية (JAEA)، التي تمتلك أحدث التجارب لإجراء عمليات إنتاج الهيدروجين كناقل نظيف للطاقة عن طريق الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وقد عانى الشعب الياباني كارثتين نوويتين كانت أولاهما خلال الحرب العالمية الثانية في هيروشيما وناغازاكي، والثانية قبل ثلاث سنوات في مفاعل فوكوشيما داييتشي. وتستحوذ الطاقة النووية على ربع إنتاج الكهرباء في اليابان ولديها 42 مفاعلاً نووياً، أي ما يقارب 10% من المفاعلات النووية في العالم، ولدى اليابانيين خبرة طويلة في إدارة المفاعلات وتقليل المخاطر النووية. كما تعتبر اليابان الدولة الأولى في العالم في مجال صناعة وتطوير الرجال الآليين (الروبوت) وتوظف حالياً حوالي ربع مليون رجل آلي في مختلف الصناعات. وتتوقع اليابان زيادة هذا العدد إلى أكثر من مليون رجل آلي في عام 2025 لتحقق أرباحاً تقارب 70 مليار دولار. وتعتبر جامعة واسيدا أحد أهم المراكز الوطنية لتطوير الرجال الآليين في اليابان. فالرجل الآلي الذي «تشرّف» بتقديم الزهور للأمير سلمان بن عبدالعزيز، يدعى «وابيان 2 آر» ويعمل بنظام يتحكم بحركته من نوع (كيو إن أكس نيوترينو) المعلق على ظهره ويتم تزويده بالطاقة باستخدام بطاريات اللثيوم. وقد طوره مؤخراً البروفسور آتسو تاكانيشي بجامعة واسيدا في طوكيو من أجل إيجاد وسائل إلكترونية صناعية من شأنها زيادة الرفاهية في المجتمع الياباني، خصوصاً لدى كبار السن، وبمشاركة تمويلية من المنظمة اليابانية للطاقة الجديدة وتنمية التقنية الصناعية (NEDO). لقد جاء الاحتفاء والتكريم لولي العهد السعودي من جامعة واسيدا اليابانية ليبين مجدداً للعالم أجمع المكانة المتميزة، التي تحتلها المملكة العربية السعودية ممثلة في حكومة خادم الحرمين الشريفين. ليس غريباً أن يحظى وطننا بهذا الاحتفاء، وليس هذا أيضاً بغريب على الشعب الياباني صاحب الحضارة العريقة. إن من أهم ما قاله الأمير سلمان لليابانيين «نفخر بطلابنا السعوديين، الذين يدرسون في معاهد وجامعات اليابان، ونشجعهم والآلاف من زملائهم الذين يدرسون خارج المملكة العربية السعودية ضمن برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، لقد أعددناهم ليكونوا نافذتنا على العالم، وسفراء لنا لتقديم بلادنا بصورتها الحقيقية».