تجاذبت أطراف مختلفة في المجتمع، على مستويات متباينة، قضية السماح للمرأة بالترشح للمجالس البلدية. فبين مؤيد ومعارض لأسباب مختلفة، وبين متفائل وغير متفائل بما يمكنها أو لا يمكنها وفقاً للصلاحيات التي ستمنح لها. وأبدى البعض تخوفهم من أن تتحول مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية إلى إضافة غير مؤثرة، بعد أن عجزت المجالس السابقة عن أن تقدم للمجتمع المحلي شيئاً مهماً. أوضح نائب رئيس المجلس البلدي في منطقة الرياض المهندس طارق القصبي أن نظام مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية صدر ودرس من هيئة كبار العلماء، ومشايخنا وافقوا عليه، وقال: لا نملك إلا أن نطبق النظام باللوائح التنفيذية، مؤكداً أن المرأة نصف المجتمع؛ فلماذا لا تشارك فيه؟ وأشار إلى أن عدد اللاتي يحق لهن المشاركة في الانتخابات يساوين عدد الرجال. وبيّن أن عدد سكان الرياض بلغ 5 ملايين نصفهم رجال ونصفهم نساء، ويشكل من تزيد أعمارهم عن 18 سنة 50% من هؤلاء الذين يحق لهم المشاركة. وبيّن أنه ستكون هناك أماكن مخصصة للنساء يصوتن فيها، وهناك لوائح لتنظيم مشاركة المرأة تعمل عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية وسترفع لمجلس الوزراء والشورى لأخذ موافقة عليها لاعتمادها. من جانبه أوضح عضو المجلس البلدي المهندس عيسى بن سليمان العيسى ل «الشرق» أن المرأة لها دور كبير في هذا المجتمع، ونأمل أن تكون لها إضافة في المجلس البلدي، باعتبارها مواطنة يحق لها ما يحق لأي مواطن. وقال إن التجربة تعد الأولى من نوعها في المملكة، ولا نستطيع أن نحكم على دورها في المرحلة الراهنة، ولكن نأمل أن يكون لها دور واضح وملموس. وقال إن المرأة مثلها مثل الرجل تُطوِّر وتناقِش إذا أتيحت لها فرصة الفوز في الانتخابات البلدية. وعن توقعه لنجاح المرأة في المجلس البلدي أسوة بمجلس الشورى، قال: لا نستطيع أن نحكم الآن على نجاحها من عدمه؛ لأن وجود المرأة في مجلس الشورى حديث ومازال يحتاج للوقت. من جهته، قال جمال خاشقجي: أنا لا أنظر لتجربة المرأة كامرأة، وإنما أنظر إلى تجربتها نفسها بصفتها عضو مجلس شورى أو مجلس بلدي، فتلك المرأة هي مثل زميلها الرجل سيكون لها حضور إذا سمح لها النظام بأن يكون لها حضور وصلاحيات وقدرة على المحاسبة والمساءلة، فهذه المسائل يجب أن نركز عليها وليس على نوع العضو؛ لأنه لا يُفرق سواء كان ذكراً أو أنثى، وإنما صلاحيات العضو هي الأهم. وأضاف أن ما كنا ننتظره فعلاً من تعديلات في نظام المجالس البلدية هو الصلاحيات، فالمجالس البلدية بدون أسنان غير مفيدة، وثبت من التجربة السابقة أن المجالس البلدية لم تساهم في مراقبة ومحاسبة ومحاكمة البلديات بل حتى أنهم لا يعرفون ميزانيات البلديات، مبيناً أن المطلب الذي ينبغي أن تركز عليه الصحافة هو الصلاحيات المتاحة للمرأة المتقدمة لعضوية المجلس. فإن أعطيت الصلاحيات سيكون لها دور كبير مثل إخوانها الذكور. وقال إنه من العبث أن نحتفظ بنظرة المجتمع نفسها بشأن مشاركة المرأة، وأن نظل نتجادل حول ما يجوز وما لا يجوز، لكن لا أحد ينظر إلى مسألة الكفاءة، بل ينشغلون بأين ستجلس؟ وهل ستتحدث عبر المايكروفون أو تتحدث مباشرة؟ وهل ستقوم بزيارات للمواقع وغيرها؟ لكن ليس هناك من يناقش صلاحيتها. واعتبر عضو المجلس البلدي الدكتور عبدالحفيظ بن محمد فدا مشاركة المرأة في الانتخابات كمرشحة قراراً إيجابياً وجيداً وتكملة لما بدأناه في مجلس الشورى. وأضاف أن دور المرأة إضافة إيجابية وستكون لها فعالية كبيرة بكل تأكيد، كما يعتمد دورها على العمل الجماعي للمجلس، فهو خليط من كفاءات وخبرات، ودورها تكميلي لباقي الأعضاء وليس بمجهود فردي. وتساءل رئيس المجلس التطوعي في حي النظيم رشيد مطر العنزي قائلاً: المرأة نصف المجتمع؛ فلماذا نهضم حقها؟ وقال: أنا أؤيد هذا القرار، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يذهب بهن للغزوات يداوين الجرحى ويعالجن المرضى ويجاهدن، ما المشكلة إذا كانت المرأة عضوة؟ أنا لا أرى أن هناك مشكلة، وبعض النساء أفضل من بعض الرجال، كما أن وعود المرأة تكون عملية وواقعية، كأن تنشئ سوقاً للأسر المنتجة أو مراكز حضانة ورعاية أما بعض المرشحين الرجال فقد لا تكون وعودهم منطقية. ويقول مسفر مازن المطيري إن الانتخاب لا يقتصر على الرجل فقط، بل على الإنسان الواعي الذي يسد حاجتنا، فربما يأتي رجل لا يفهم شيئاً، وتأتي امرأة متعلمة وفاهمة وتستطيع أن تقوم بالواجب، كما لا نستطيع أن نحكم على وعود الرجل أو المرأة إلا بالعمل على أرض الواقع، ونتمنى أن يقدم المرشحون كل ما فيه خير للبلد والمواطن. ويؤيد محمد بن ناصر العنزي بنسبة 100% مشاركة المرأة كمرشحة في الانتخابات البلدية. وقال إن المرأة قد تتفوق على الرجل؛ لأن عملها قليل ومتفرغة، أما الرجل فلديه أعمال كثيرة شاقة وربما يؤخر بعض الأعمال. أما من ناحية الوعود فلا نستطيع أن نحكم أي الفريقين أفضل، فكل منهما مكمل للآخر. أما عويد العنزي فيرى أن المرأة إن كانت مؤهلة ومتعلمة ومثقفة، فلا يوجد ما يمنع من ترشحها. وقال: أنا من المؤيدين لهذا القرار مادام فيه خير للبلد أولاً وآخراً. وقال: مع الأسف بُنيت المجالس السابقة للرجال على الواسطة والمحسوبية والمصالح المقدمة على مصالح المجالس ومصالح البلدية، وأنا من سكان الحي لم أعرف من أعضاء المجلس شخصاً واحداً، ولم نعرف عنه أي دور لا للمجلس البلدي ولا لعمدة الحي وأي شخص آخر، فجميعهم بلا أي دور، والأفضل أن يُنتخب المجلس انتخاباً صحيحاً ولا يُبنى على علاقات شخصية، وأن نعطي للمرأة الفرصة الآن ونرى ونأمل خيراً، مشيراً إلى أن التجارب السابقة كلها فشلت مع الأسف. ويعتبر سعد متعب الحربي مشاركة المرأة ضرورية، مؤكداً أنها يجب أن تعطي رأيها كما يعطيه الرجل، والنساء شقيقات الرجال والنصف الثاني لهم؛ فمن باب أولى أن تستشار في كل شيء. وقال: لله الحمد لدينا نساء متعلمات وأساتذة جامعات، وأنا آمل فيهن الخير ولو أنني غير متفائل بأن يقمن بعمل متطور. وعبّر عن اعتقاده بأن المرأة تفي بوعودها، وأن صوت المرأة في المجتمع أقوى. أما عضو المجلس البلدي الشيخ فهيد بن متعب السبيعي فقد انتقد قرار المجلس البلدي بانتخاب المرأة فيه. وقال ل «الشرق»: إن وجود المرأة في المجلس البلدي كناخبة أمر لا بأس به وجيد وسيتقبله الناس بروح جيدة إذا رتب لها وجعل لها مكاناً خاصاً في مدارس نسائية وغيرها، أما كمرشحة فهذا أمر خطير لا يقبله المجتمع ولا يتكيف معه، خاصة في ظل تحريم الاختلاط. وقال أتوقع أن يكون للمرأة دور جيد كناخبة، فليس هناك فرق بين متطلبات الرجل والمرأة، كلهم يجتمعون في الخدمات التي تقدمها البلدية للمجتمع، وليس هناك شيء خاص بالمرأة أو شيء خاص بالرجل فكلها مشتركة. فإن أطلق العنان لها في الاختلاط فهذا مخالف للشرع، وإن لم يطلق لها العنان وبقيت وحيدة فما الفائدة منها. وقال إن الإشكالية تكمن في أن المرشح الرجل يلتقي الرجال ويخاطبهم ويجلس معهم ويسعى لحل مشكلاتهم، فهل ستذهب المرأة إلى الدوائر الحكومية والمشاريع وتناقش وتبحث في أسباب تعثره؟ أعتقد أن هذا الأمر لا يصح، ولا أتوقع أن يكون لترشيحها جدوى. ويرى هندي أسود العنزي أن المرأة لا تصلح للترشح للعمل البلدي، مبيناً أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رُويَّ عنه أنه قال: «لا بارك الله في قوم تقودهم امرأة»، وقال لم تنجز المرأة من قبل شيئاً ولن أرشحها، وهذا رأيي وقد يكون لغيري رأي أفضل.