أكدت تقريرات وإحصاءات حصلت عليها «الشرق» ارتفاع نسبة مرضى الأنيميا المنجلية في محافظة العارضة وقطاعها الجبلي شرق منطقة جازان بفارق كبير عن السنوات الماضية. وأشارت الإحصاءات إلى أن الأطفال يشكلون النسبة الكبرى من بين المصابين من الفئات العمرية المختلفة نساء ورجالاً، وذكرت التقريرات أن ذلك يعطي مؤشراً خطيراً يحتاج إلى لفتة ورعاية عاجلة من جميع المسؤولين لتدارك المشكلة التي لا يشعر بها سوى المصابين وعائلاتهم، فيما تقف القطاعات الصحية عاجزة عن تقديم خدماتها واهتماماتها لهذه الشريحة من المجتمع. وفي حين تتفرق القرى والهجر، وتقل الخدمات الطبية المناسبة في محافظة العارضة، يتابع المرضى حالتهم في مراكز الرعاية الأولية، التي يتبعونها هم وأسرهم، فيما لا يجد بعضهم مراكز صحية، ويبقى كثيرون في منازلهم يصارعون المرض؛ لعدم توفر الخدمة الصحية بالقرب منهم، أو لعدم وجود مواصلات. ورصدت «الشرق» إصابات كثيرة بين طلاب المدارس، وكشفت التقريرات أن أكثر من خمسين طالباً في مجمع مدارس الجوة التعليمي للبنين مصابون بمرض الأنيميا المنجلية، حسب المتابعات الميدانية التي أعدها وكيل إحدى المدارس مع المرشد الطلابي، وقد تم توثيق معلومات الطلاب الصحية في سجل وأوراق رسمية؛ من أجل عرضها على المسؤولين في التعليم، كإجراء عام يؤكد أهمية الدور الصحي بالنسبة للطلاب والطالبات، مشيرين إلى أن الوضع أصبح خطيراً يهدد حياة الطلاب وأسرهم. وأشارت التقريرات إلى أن نماذج عديدة من المصابين أجبرتهم الأنيميا على البقاء متألمين بالمرض. وقال والد الطفل ريان بن عبدالعزيز الخبراني إن ابنه وصل الثامنة من العمر ولم يلتحق بأي مدرسة كأي طالب في سنّه وصل للصف الثاني الابتدائي؛ نتيجة إصابته بالأنيميا المنجلية الحادة، التي بالفعل تجبره على مراجعات مستمرة لمستشفى العارضة العام، ويبقى لأيام تصل في الشهر الواحد ما بين خمسة إلى 15 يوماً؛ ليتلقى إسعافات عاجلة بنقل الدم إليه حتى يبقى على قيد الحياة. أو تتسبب له في مضاعفات خطيرة، ويشير والده إلى أن ابنه يعاني من تأخر في النمو الجسدي والعقلي جرّاء الأنيميا، وعند بدايات التسجيل للطلاب في المدارس من كل عام دراسي يتراجع عن إلحاقه وتسجيله؛ نظراً لخطورة وضعه الصحي، وها هو الآن يشاهد أقرانه في مدارسهم وهو باقٍ في البيت أو في المستشفيات، بما يمثل معاناة له ولهم، ولا يدري ماذا يفعل معه لإنقاذه من وضعه الصحي. وقال المرشد الطلابي في مجمع الجوة التعليمي، محمود العقيلي، إنه تم توزيع استمارات على جميع الطلاب، وقاموا بتعبئة بياناتهم، وقد كشفت تلك الاستمارات أن أعداداً كبيرة منهم يعانون من مرض الأنيميا المنجلية، وسيتم التواصل مع أولياء أمورهم لمتابعة حالاتهم الصحية أولاً بأول؛ حتى لا يكون هذا المرض له تأثير سلبي على مستواهم الدراسي، أو يكون عائقاً وسبباً رئيسياً في تدني مستواهم التحصيلي، أو يمنعهم من الدوام اليومي بشكل منتظم. وأشار إلى أن بعض حالات الطلاب التي لها علاقة بهذا المرض بقيت تتابع علاجها في قسم التنويم بالمستشفيات لخطورتها، وأجبروا على الغياب بعذر طبي، وأضاف أنه سيتم رفع تقرير بأسماء هذه الفئة من الطلاب إلى الإدارة العامة للتربية والتعليم؛ حتى تدرس حالتهم الصحية، وتخاطب صحة جازان للوقوف المباشر على وضعهم الصحي؛ حتى لا تحدث لهم مضاعفات، وكي تجد حلاً مناسباً في علاجهم مما هم فيه. وأكد أحد منسوبي مركز الرعاية الأولية الصحية في الخبراية، التابع لقطاع محافظة العارضة، أن عدد ملفات المرضى المصابين بمرض الأنيميا المنجلية الذين يتابعون حالتهم في المركز، وصل 102، وأن ملفاتهم لها خاصية عن باقي ملفات وسجلات المرضى الآخرين؛ كونهم يعانون أمراضاً وراثية يجب أن تأخذ عناية أكثر، في محاولة للحد منها أو القضاء عليها، من خلال مراقبة الأوضاع الصحية للأسر المصابة. من جهة أخرى، أكد مدير المختبر وبنك الدم في مستشفى الملك فهد المركزي في جازان، الدكتور موسى علامي معشي، أن الأنيميا المنجلية من أمراض الدم الوراثية، وتتصف بفقر دم مزمن، وتؤثر على الملايين في جميع أنحاء العالم، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية. وأضاف أن عدد المصابين المولودين سنوياً ألفان و105، حيث يكلف المريض الواحد الدولة أكثر من مائة ألف ريال، ومن المناطق التي يشيع فيها هذا المرض منطقة جازان، حيث يوجد في مختلف قطاعات المنطقة، وليس في قطاع واحد. وبيّن أن المتابعة الصحية، وبرامج مكافحة المرض، تتمثل في برامج المكافحة في طريقتين متوازيتين، إحداهما وقائية بالفحص المبكر قبل الزواج، حيث يوجد أكبر مركز في مستشفى الملك فهد المركزي في جازان، ويتمثل البرنامج الوقائي في نصيحة المقبلين على الزواج بعدم الزواج إذا كان كلاهما يحمل الصفة الوراثية لهذا المرض، مع العلم بأن سلامة أحد الطرفين من المقبلين على الزواج ينجب أطفال أصحاء بإذن الله، وهذه الطريقة هي الأسلم والأكثر نجاحاً لمنع المرض قبل حدوثه. فيما تكون الطريقة الأخرى علاجية وتأهيلية، ونقل دم متكرر، ومتابعة طبية في مركز أمراض الدم الوراثية للمصابين بهذا المرض.