توجهت «الشرق» إلى بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة التي كانت تشتهر بزراعة الحمضيات في جميع أراضيها، إلا أن المشهد كان صادما يفوق كل التوقعات، حين وجدت أرضا قاحلة انتزعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي من أحضان تربتها كل عرق ينبض بالحياة، كما فعلت في مختلف حقول برتقال القطاع. واشتهر قطاع غزة بزراعة الحمضيات وتصديرها إلى الدول العربية والأوربية حيث كانت تشكل دخلا اقتصاديا كبيرا، وكان يطلق عليها الذهب الأصفر لعوائدها الكبيرة، غير أن غزة أصبحت تستورد البرتقال وأغلب الحمضيات من مصر بالتهريب عبر الأنفاق. ويقول المزارع يوسف أبو عمشة الذي يقف في أرضه البور التي كانت قبل الحرب على غزة خضراء تنبض بالحياة ل «الشرق» أن الاحتلال الإسرائيلي جرف أرضه البالغة 50 دونما ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يعيد زراعتها، إلا أنه استسلم للأمر الواقع في المرة الأخيرة وتوقف عن إعادة زراعتها. ويضيف أبو عمشة «الأرض التي كانت تدر علينا سنويا 16.000 دينار أردني، أصبح دخلها الآن صفرا، وأصبحت عالة علينا». ويقول المزارع كمال الكفارنة، مدير فرع بيت حانون لاتحاد لجان العمل الزراعي، أن قطاع زراعة الحمضيات أصيب بشلل كبير في غزة، للكثير من الأسباب أولها تجريف حقول البرتقال من قبل الاحتلال، وضرب البنية التحتية لها، «الاحتلال لم يكتف فقط بتجريف الأراضي، بل عمد إلى إزالة قشرة الأرض الخصبة الغنية بالعناصر التي تحتاج إلى خمس سنوات لإعادة نفسها مرة ثانية، إضافة إلى أن إسرائيل استهدفت بقذائفها وخاصة الفوسفور الأبيض حقول الحمضيات، ما أثر على نمو الأشجار».وأضاف الكفارنة أن الحصار أثر بدوره بشكل كبير على تصدير الحمضيات وزراعتها والأسمدة العضوية والأدوية التي تستخدم فيها.وشكل تهريب البرتقال المصري عبر الأنفاق أزمة جديدة لبرتقال غزة، فإلى جانب منافسة المنتج المحلي في السعر، تسبب في إصابته بآفات زراعية لم يسبق أن أصابت محاصيل البرتقال في غزة مما ضاعف المعاناة.ويقول ماهر الطباع، الخبير والمحلل الاقتصادي ل «الشرق» إن كميات إنتاج وتصدير الحمضيات انخفضت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ ومفاجئ وذلك نتيجة للإجراءات الإسرائيلية من تجريف الأراضي الزراعية واقتلاع الأشجار. «حيث انخفضت كمية إنتاج الحمضيات من عام 1994 – 2006 بنسبة تزيد عن 70% حيث بلغت الكمية المنتجة من 103774 إلى 19500 طن تقريبا عام 2006».ويضيف الطباع «انخفض عدد مصدري الحمضيات من 117 مصدرا عام 1994 إلى 12 مصدرا عام 2006، واليوم لا وجود لأي مُصدر للحمضيات».