من المفترض أن تكون القضايا الإنسانية في الحروب الصراعات الدولية والأهلية خارج الحسابات السياسية، ومن المفترض أن تدخل المنظمات الدولية الإنسانية والإغاثية والطبية إلى جميع أماكن النزاعات وتصل إلى المحتاجين دون أي إعاقة من أطراف الصراع، والقانون الدولي يضمن لكل مصاب ومدني من ضحايا الصراع حقه في الإسعاف والدواء والغذاء، كما أن المعتقلين والأسرى حقا على الهيئات الدولية بمتابعة أوضاعهم كما يتوجب على أطراف النزاع الحفاظ على حياتهم، ويجب أن لا تخضع هذه الحقوق لأي ضغوط من أطراف الصراع، ومن واجب الأممالمتحدة وهيئاتها العمل على تأمين المساعدات الإنسانية للمدنيين والأسرى ضحايا الحروب والصراعات في أي مكان وزمان. الوضع السوري اختلف، وكأن كل ما يجري فيها يحدث في كوكب آخر ولا يقع ولا تنطبق عليه هذه القوانين والعهود والمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف بشأن إسعاف الجرحى والأسرى والمعتقلين وتأمين وصول المساعدات لمن يحتاج من ضحايا الصراع، فعشرات الآلاف بل المئات من السوريين يحاصرهم نظام الأسد في مناطق متعددة، وبدأ الناس يموتون جوعا بالعشرات دون أن يتحرك المجتمع الدولي باتجاه هذه الكارثة الإنسانية التي اعتبرت من قبل منظمات دولية جريمة حرب. الأممالمتحدة ومجلس الأمن يبدوان عاجزين تماما عن القيام بواجباتهما تجاه هؤلاء المحاصرين والمعتقلين والجرحى والأطفال الذين يتساقطون من الجوع يوميا، رغم أن ما لدى هذه المنظمات من تقارير ووثائق تكفي لإصدار عديد من القرارات الحاسمة من مجلس الأمن وتفرض على النظام السوري إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية لضحايا الصراع وتقدم مسؤوليه لمحكمة الجنايات الدولية. لكن كل ما قدمه المجتمع الدولي إلى الآن هو وضع هذه القضية الإنسانية في النزاع السوري ضمن بنود التفاوض بين الطرفين في مفاوضات جنيف وهذا يعتبر مخالفا بشكل صريح لكل العهود والمواثيق الدولية التي من المفترض أن ينفذها مجلس الأمن بإجبار أطراف النزاع على ضمان وصول المساعدات الطبية دون إخضاعها لشروط أو مفاوضات سياسية. ويرى السوريون أن إغماض المجتمع الدولي عيونه عما يجري لهم وصمة عار في جبين الإنسانية، وهو سابقة خطيرة في تجاهل القوانين والمواثيق التي أقرتها هيئة الأممالمتحدة التي لم تحمهم من القتل والموت جوعا، وأنهم تركوا دون أي عون في مواجهة نظام استخدم كل أنواع الأسلحة لقتلهم ، من الأسلحة الكيماوية إلى سلاح الجوع.