خرجت الفنانة التركية من الحمام تجر خطاها بدلع العذارى. كانت قطرات الماء تتساقط آسفة من شعرها الأسود القصير، وتسيل على الأرض الرخامية. جففت شعرها أمام المرآة وهي تتأمل ملامحها الجميلة الهادئة بإعجاب. تلقت اتصالا من حبيبها الذي تعشق لكنها تجاهلته بغضب واضح ثم أغلقت هاتفها المحمول. كانوا يشاهدون وعيونهم جاحظة من خلف الشاشة الكبيرة ولعابهم يتطاير من أفواههم ك «تسونامي» غاضب. توقف سيلان اللعاب ليطير الشرار من عيونهم بعد توقف المسلسل لعرض الإعلانات التجارية. تذمر أحدهم بغضب مبدياً رفضه هذا الأسلوب الرخيص الذي تنتهجه القنوات الفضائية في عرض الإعلانات التجارية دائماً وسط المشاهد ومتسائلاً بحيرة عن السبب الحقيقي. أردف بأن القنوات الفضائية تجبرهم بهذا الأسلوب على متابعة الإعلانات التجارية خشية بدء المسلسل دون علمهم. أيده آخر وهو يرخي رأسه مفكراً ومحاولاً بحماقة استثنائية فهم سبب هذه السياسية التسويقية. لكن ثالثهم الذي صحا للتو من نشوة المشهد نفث الهواء الملوث من خلف سيجارته وهو يهز رأسه بأسف عميق. قال وهو يمتص السموم من سيجارته بقوة «شفتو الحريم كيف؟». أكمل تساؤله باستغرابه من سبب جمال التركيات المذهل وتناسق أجسادهن الرائع ومن هذه الأناقة الفائقة في اختيار الملابس. ضحك الأول وهو يقول «تبي أم ركبة مثل الأتراك الصواريخ». غضب ثانيهم لضحك الأول وبادر بعضّ أظفره المتسخ بأسنانه بحركة عصبية معتادة وأكد على أحقيتهم كرجال بالتمتع بجمال من هذا النوع. توقف الأول عن الضحك وعلل الفروقات الجمالية لعدم حرص نسائهم على العناية بأنفسهن والاهتمام بأجسادهن المترهلة. أكد بأن نساءهم همهن الدائم شراء ملابس مهرجين بأسعار خرافية والتهام وجبات دسمة من المطاعم بدلاً من الطبخ في المنزل. أشعل الثالث سيجارة عاشرة وهو يقول باستسلام من خلف سحبه السوداء «أعاننا الله». أكملوا سهرتهم الطويلة في الاستراحة حتى ملت منهم الفنانة التركية وأنهت حلقاتها لهذا اليوم. قام ثانيهم بتغيير القناة والانتقال إلى إحدى القنوات الغنائية التي تعرض رقصاً رخيصاً أحيا غريزة إنسان الكهف بداخلهم. تبادلوا تجاهل الاتصالات التليفونية التي تصل هواتفهم المحمولة في حركة معتادة. أنهوا ليلتهم بابتلاع وجبة دسمة ساخنة كسخونة سهرتهم وحقنوا أجسادهم بكثير من المياه الغازية بشراهة غريبة. بعد غيبوبة التخمة الصغيرة التي اجتاحت عقولهم تمكن أولهم من النهوض وقام بتشغيل الأنوار التي يكرهون. نظر إلى ساعته التي تجاوزت الثالثة صباحاً وأدرك تجاوزهم يوم عمل كامل في هذه الاستراحة البائسة. اتفق الجميع على فض السهرة والعودة إلى زوجاتهم الثكالى. كان الأول يجر كرشه بصعوبة بالغة والثالث يتثائب بكسل من خلف أسنانه السوداء المهترئة وأوسطهم يرتدي ملابسه لليوم الرابع على التوالي.