تومض أنوار مصابيح صغيرة، بين برهة وأخرى، في ظلمة مسرح فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام، ويتتبع مشعلوها أبيات شعر وُزِّعت عليهم قبل بدء أمسية «بويتك بوبري» الثانية، التي اختار معدها ومقدمها الدكتور مبارك الخالدي، شعراء عرب أمريكيين، ضمن سلسلة تتناول شعراء من أصول غير أمريكية. وألقت الأمسية، التي أقيمت مساء أمس الأول، الضوء على سيرة ثلاثة شعراء من أصل عربي، هم: الشاعر فادي جودة، والشاعرتان ناتلي حنظل وسهير حماد. وعلى غير العادة الدارجة، من الاحتفاء بحضور شخصي للشعراء أمام الجمهور، كان وجود الشعراء طيفاً عابراً بالاستعانة بمقاطع «يوتيوب»، يلقي فيها الضيوف الثلاثة قصائدهم، ثم يتولى الخالدي قراءة نصوص شعرية لكل واحد منهم من ترجمته، وعلى رغم «غرابة» التجربة على المتلقي المحلي، إلا أن الخالدي يرى أن الجمهور متفاعل معها، مبيناً أن الأمسية الثانية شهدت حضوراً أكثر من الأولى. ويلاحَظ تفاعل الجمهور، الذي احتل نصف مقاعد قاعة المسرح، بالتصفيق مع نهاية بعض القصائد، وبخاصة تلك التي تمس جانباً واضحاً من هويته العربية، كما حدث مع قصائد الشاعرة من أصل فلسطيني سهير حماد. ووظف الخالدي تقنيات المسرح، سواء بالحركة فوق خشبته أو التلاعب بالإنارة بالاستعانة بمصمم الإضاءة مرتجى الحميدي، ويبرز الحضور المسرحي، رغم كون الأمسية شعرية، إسناد مهمة إخراج العمل إلى المسرحي سعود الصفيان، ما أدى إلى تمازج فنَّيْن «المسرح، الشعر» ليقدما خليطاً يدخل الجمهور في حالتين شعوريتين، الأولى التفاعل مع الشعر الذي يقدح في خيالهم معاني جمالية، والثانية الفرجة المسرحية. وفيما يراهن الخالدي على نجاح الأمسيات المقبلة، مستشهداً بالحضور في الأمسية الثانية، يعتقد أن المتلقي لديه الاستعداد لاستيعاب هذه التجربة، مضيفاً إنه يحدد إذا كانت جيدة أو لا، مبيناً: فيها خروج عن الإطار التقليدي للأمسيات الشعرية. وذكر أن الأمسيات ستستمرُّ في موعدها «آخر أربعاء من كل شهر»، مضيفاً إن العمل سيتناول شعراء من أصول غير أمريكية، مثل الصينيين والإفريقيين واليابانيين وغيرهم. وسيتوَّج العمل في نهاية المطاف بجمع القصائد في ديوان شعري، سيحمل عنوان الأمسيات ذاته، الذي فسره الخالدي ب «البوتيك تعني شعري، والبوبري تعني خليطاً من الأزهار والورد»، موضحاً أن الأمسيات ستتناول من حديقة الثقافة الأمريكية خليطاً أدبياً متعدداً.