يبدأ المؤتمر الدولي للسلام في سوريا«جنيف- 2» اليوم الأربعاء في مدينة مونترو السويسرية، على أن تتواصل المفاوضات بين نظام بشار الأسد والمعارضة في جنيف. ويتوجه الائتلاف السوري المعارض إلى مؤتمر جنيف – 2 وسط انقسامات تعصف به، خصوصاً بعد انسحاب المجلس الوطني السوري منه، وفي ظل شكوك حول قدرته على تطبيق أي اتفاق محتمل. في سياقٍ آخر، كشف فريق من المحققين في جرائم الحرب وخبراء الطب الشرعي عمَّا سموها «أدلة مباشرة» لعمليات «التعذيب والقتل الممنهج»، التي يقوم بها نظام بشار الأسد. وأكد محامون في فريق المحققين الدوليين أن التقرير، الذي يستند إلى آلاف الصور لعدد من جثث القتلى، الذين يُعتقَد أنهم سقطوا داخل سجون تابعة للحكومة السورية، سوف يتم تقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأثبتت جميع الفحوصات التي أجريت على 26 ألفاً، من أصل 55 ألف صورة، أنها كانت حقيقية، ولم يُجرَ عليها أي تعديل، وأظهرت الوثائق بعد التدقيق، أن الضحايا في الصور تعرضوا للتعذيب الممنهج وهم موثوقو الأيدي والأرجل مع وجود حالات خنق متعمد بواسطة أسلاك أو حبال، فيما أظهرت حالات أخرى أن بعض الضحايا فقدوا حياتهم بعد أن تم خنقهم بواسطة «سيور مركبات محززة». واللافت هو استخدام النظام السوري للجوع كأسلوبٍ من أساليب التعذيب، فيما قدرت اللجنة عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم، وتم توثيقهم في الصور الملتقطة، بقرابة ال 11 ألف شخص. من جانبه، قال المعارض السوري المستقل، مالك الداغستاني، ل «الشرق»: «أعتقد أن السوريين جميعاً أمضوا ليلة قاسية بعد انتشار الصور، خاصةً العائلات التي لديها معتقلون ومفقودون وهم بعشرات الآلاف». وأضاف: «المؤسف هو الاعتقاد بأنه تم تسريب الصور كورقة ضغط عشية انعقاد مؤتمر جنيف- 2 وليس بهدف كشف الجريمة وسوق المجرمين إلى العدالة». وقال الداغستاني: «أظن أن التسريب تمَّ من أرشيف مركزي، وليس من قِبَل مصور واحد، خاصةً أنه حظي بكل هذا الاهتمام، ورغم الصدمة التي أصيب بها السوريون إلا أنهم يبقون أكثر العارفين بإجرام النظام». وتابع: إن «وفد المعارضة إلى جنيف يتحمل مسؤولية أخلاقية باتت مضاعفة تجاه الضحايا وعائلاتهم، وعليه أن يتشبث ببديهية صارت جزءاً من قناعة معظم السوريين، وهي أنه لا يمكن لسوريا أن تتعايش مع هؤلاء المجرمين مرتكبي المجازر، وأنه يجب العمل اليوم ودائماً من أجل سوقهم إلى العدالة الدولية». وقالت صحيفة «الجارديان» البريطانية نقلاً عن ثلاثة محامين فحصوا الملفات إن مسؤولين سوريين قد يواجهون اتهامات بجرائم حرب بعد أن انشق مصور في الشرطة العسكرية السورية وقدَّم أدلة تظهر قتلاً منظماً لأحد عشر ألف معتقل. وقال ديفيد كراني، أحد المشاركين في وضع التقرير، إن «هذا دليل دامغ»، وأضاف إن «أي محقق ادعاء سيفضل مثل هذا النوع من الأدلة، الصور والعملية.. هذا دليل مباشر على آلة القتل التي يقوم بها النظام». وكان كراني رئيس المحققين في جرائم الحرب التي وقعت في سيراليون، التي قادت رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور، إلى السجن لمدة 50 عاماً بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب في الدولة الإفريقية المجاورة لبلاده. وقالت وكالة أنباء الأناضول إن أحد العناصر الذين خدموا على مدار 13 عاماً في سلك الشرطة العسكرية التابعة لنظام الأسد انشق عن النظام وكان مكلفاً بالتقاط صور الأشخاص الذين يتم إحضارهم أمواتاً إلى المستشفيات العسكرية التابعة للنظام. وتُظهر الصور، التي تضمنها التقرير، جثثاً لقتلى تعرضوا لعمليات تجويع متعمدة، ومن مجموعة ضمت 150 صورة تم تحليل تفاصيلها بواسطة الخبراء، تبين أن 62 % من الجثث بدا عليها هزال شديد، مما يشير إلى أنهم تعرضوا لعمليات تجويع قسرية، وغالبية الضحايا من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاماً. واستطاع أعضاء اللجنة الاستماع إلى شهادة الشرطي المصور، فضلاً عن استماعها إلى شهادة شخص آخر على علاقة أيضاً بالموضوع. وقررت اللجنة التي قدمت تقريرها أن جميع المواد المسربة تحمل درجة «أدلة قوية»، ومقبولة من قبل المحكمة التي سيتم إنشاؤها، فضلاً عن أنها تشكل «أدلة دامغة» لإدانة نظام الأسد بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» و«جرائم حرب».