في مقابل حفنة من الدولارات، يعمد إبراهيم إلى تهريب من يرغب إلى تركيا في إطار «خدمات» يعرضها عناصر «جبهة النصرة» الإسلامية على السوريين المتضررين من النزاع في بلادهم. وقاد إبراهيم أخيراً قافلة من سيارات الأجرة على طول طريق موحلة عبر بساتين الزيتون، حتى الحدود، حيث كان عشرات السوريين ينتظرون جالسين على حقائب وأكياس لمغادرة البلاد. وفرَّ آلاف الأشخاص في الأيام الأخيرة من شمال سوريا الذي يشكل إحدى جبهات النزاع الدامي ضد قوات نظام بشار الأسد. ويشنُّ تحالف من كتائب مقاتلي المعارضة هجوماً منذ بداية يناير الجاري على جهاديي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) المرتبطة بالقاعدة والمتهمة بارتكاب فظائع والسعي إلى بسط هيمنتها ونفوذها. ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من ألف قتيل منهم 130 مدنياً سقطوا في هذه المواجهات. وينتمي إبراهيم الذي لم يشأ كشف اسمه الحقيقي، إلى جبهة النصرة الفرع «الرسمي» لتنظيم القاعدة في سوريا، التي تعتبرها الولاياتالمتحدة إرهابية وتتبنى استراتيجية السيطرة على الناس من خلال تقديم المساعدة الاجتماعية والخدمات. وقال إبراهيم الذي يطلب في مقابل خدماته 15 دولاراً عن الشخص الواحد، وأقل من هذا المبلغ للمعوزين، «نحن متحضرون، وليست لدينا العقلية المتخلفة» للدولة الإسلامية في العراق والشام. وأضاف «أنا هنا لأحمي الناس من الظلم ولمساعدتهم بكل الطرق الممكنة». وأصدرت الحكومة تعليمات لحرس الحدود بالسماح للاجئين بالمرور، لكن الذين لا يحملون جوازات سفر لا يستطيعون اجتياز المراكز الحدودية الرسمية التي غالباً ما تشهد معارك عنيفة منذ أسبوعين. وعَبْر واحد من هذه المراكز الحدودية، غادر أبو عمر لتوه بلاده مشياً مع زوجته وأبنائهما الخمسة، هرباً من المعارك بين مقاتلي المعارضة وجهاديي الدولة الإسلامية في العراق والشام التي ينتشر مقاتلوها العراقيون والمصريون والتونسيون في مدينة جرابلس القريبة من الحدود. وقال أبو عمر «الأمر بالغ السوء في الداخل»، عارضاً كيف منع الجهاديون في وقت سابق تدخين السجائر وأرغموا النساء على تغطية كامل الوجه بالحجاب وجعلوا الصلوات إلزامية. وأقدم عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام قبل ثلاثة أشهر على قتل رجلين في عملية إعدام علنية في جرابلس، وقال الابن الصغير لأبي عمر «لقد وجهت إليهما تهمة السرقة». وعلى بعد بضعة كيلومترات إلى الغرب، تتوقف شاحنات صغيرة على رصيف طريق واسع أمام مشهد ريفي من التلال والحقول، وتبدو في الخلفية مدينة عفرين الكردية السورية. وتحتشد مجموعة من اللاجئين أمام الحاجز الذي يدل إلى الحدود في أسفل واد، وتحاصر الدولة الإسلامية في العراق والشام منذ بضعة أيام مدينة عفرين، وبدأت تتناقص فيها المواد الغذائية والمحروقات.