يطغى على الإدارة المحلية للمناطق أسلوب المركزية، فهي مشلولة اليد عن اتخاذ القرارات وعن متابعة فروع الوزارات، ولابد أن ترجع في كل صغيرة وكبيرة إلى المراكز الرئيسة للوزارات في العاصمة الرياض. وليس لأمراء المناطق ولا لمجالسها إلا أدوار ثانوية لا تعدو أن تكون من باب تقديم التوصيات والرد على الاستشارات. وهذه المركزية في عمل الوزارات وفي رسم ميزانياتها وفي تحجيم دور المناطق فيها تأخير لاتخاذ القرارات وفيها بيروقراطية مميتة وعدم وصول الصورة الواضحة من احتياجات المناطق الملحة والدقيقة ومن ثم ملاءمتها. وفيها وأد لروح المشاركة والتفاعلية من أبناء المناطق. ودائماً ما يكون تعثر المشاريع في مناطق الأطراف التي يضعف فيها الإشراف المركزي وتغيب الدراية عنها. إن المركزية الإدارية القوية لا تصلح في دولة قاريّة المساحة مترامية الأطراف. لقد ظل نظام المناطق طوال ربع قرن، وذلك منذ أن أقر دون أن يخضع للتعديل أو يستوعب مراحل التطور المُتسارعة. لذا لابد أن تتغير بعض مواده وتمنح صلاحيات أوسع للأمراء ومجالس المناطق ليكون لهم تدخل مباشر وإلزامي في تنفيذ المشاريع ورسم ميزانية الفروع الإدارية وتحديد أولويات مشاريعها المبنية على التوازن العادل لتوزيع التنمية ومراعاة الكثافة السكانية لكل منطقة. وأن يكون للإمارة الحق في المشاركة الإشرافية والتنفيذية على الفروع الوزارية والحق في التفاهم مع مديريها العموميين، بل حتى المشاركة في تعيينهم وإقالتهم. وكذلك من الأفضل فصل ارتباط إمارات المناطق عن وزارة الداخلية، لأن الدور الأساس للإمارة هو التنمية والإدارة المحلية والتنسيق بين القطاعات الخدمية. ومهمة وزارة الداخلية أمنية وليست إدارية، فمن الأفضل استقلال الإمارات عنها ليخف العبء عن وزارة الداخلية وتترك المهام الإدارية وتُركز على المهام الأمنية. وقد سبق وأن انفصلت الشؤون البلدية عن وزارة الداخلية في الماضي، فليس هناك ما يعيب هذا الاقتراح بالانفصال والاستقلال والدخول تحت مظلة جديدة، ولتكن بإنشاء وزارة للإدارة المحلية كما هو معمول به في كثير من الدول.