قال وزير الخارجية، الأمير سعود الفيصل إنه ينبغي «إفشال مخططات الذين يتآمرون لإفساد العلاقات بين المملكة وباكستان». وأكد الفيصل، خلال تصريحاتٍ له أمس الثلاثاء في باكستان، ضرورة بذل جهود مشتركة لمنع الإرهابيين من إعادة تنظيم صفوفهم وملء الفجوة التي ستنجم بسبب انسحاب القوات الدولية من أفغانستان بحلول نهاية العام الجاري. في سياقٍ متصل، استقبل رئيس باكستان، ممنون حسين، أمس في القصر الرئاسي بإسلام آباد الأمير سعود الفيصل. وقال بيانٌ رسمي صادر عن القصر الرئاسي الباكستاني إن الجانبين بحثا خلال اللقاء العلاقات الثنائية بين المملكة وباكستان، واستعرضا عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأعرب الرئيس الباكستاني عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على الدعم المتواصل الذي تقدمه المملكة لباكستان وشعبها في كل الأوقات بخاصة في الأوقات الصعبة، مؤكداً أن شعب باكستان يكن كل حب واحترام وتقدير لخادم الحرمين الشريفين رافعاً له التحيات باسمه واسم الشعب الباكستاني متمنياً للمملكة وشعبها التقدم والازدهار. وقال إن باكستان ترتبط مع المملكة بعلاقات أخوية عريقة تنبع من قيم دينية مشتركة وقواسم ثقافية تضرب جذورها في التاريخ، مشيراً إلى أن البلدين يتمتعان بتوافق الرؤى إزاء معظم القضايا الإقليمية والدولية. وأضاف أن باكستان حريصة على تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون الثنائي مع المملكة في مختلف المجالات، مؤكداً وجود مجالات واسعة لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، وموضحاً أن باكستان لديها فرص استثمار هائلة في مجالات البنية التحتية والطاقة وبناء السدود والزراعة والثروة الحيوانية وترحب بالمستثمرين السعوديين. حضر اللقاء وكيل وزارة الخارجية للعلاقات الثنائية، الدكتور خالد بن إبراهيم الجندان، ووكيل الوزارة للشؤون الاقتصادية والثقافية، الدكتور يوسف بن طراد السعدون، ومدير الإدارة الإعلامية، السفير أسامة نقلي، وسفير المملكة لدى باكستان الدكتور عبدالعزيز الغدير وكبار المسؤولين الباكستانيين. كما استقبل رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، أمس الأمير سعود الفيصل في إطار الزيارة التي يقوم بها إلى باكستان. وأوضح بيان رسمي صادر عن الحكومة الباكستانية أن الجانبين بحثا خلال اللقاء، الذي حضره وفدا البلدين بديوان رئاسة الوزراء في إسلام آباد العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وباكستان وسبل دعمها وتطويرها في مختلف مجالات المنفعة المتبادلة. وأكد رئيس الوزراء الباكستاني حرص بلاده على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية مع المملكة، واعتبر أنه ينبغي دفع هذه العلاقات نحو آفاق جديدة من التعاون الاستراتيجي لتعميق وترسيخ العلاقة الودية القائمة بين البلدين الشقيقين. وشدد على ضرورة تعزيز الروابط التجارية بين البلدين لترقى إلى مستوى العلاقات الأخوية القائمة بينهما، مبيناً أن حكومته مستعدة لمنح رجال الأعمال السعوديين امتيازات استثنائية للاستثمار في باكستان بقطاعات الطاقة والبنية التحتية والزراعة والثروة الحيوانية. كما قدم شكره لحكومة المملكة على ما تلقاه العمالة الباكستانية في المملكة من معاملة طيبة، واصفاً الجالية الباكستانية في المملكة بجسر إنساني بين البلدين الشقيقين. ورفع باسمه واسم الشعب والحكومة الباكستانية التحيات والتمنيات الطيبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، سائلاً المولى أن يديم عليه الصحة والعافية وأن يجعله ذخراً للأمة الإسلامية. وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقال رئيس الوزراء الباكستاني إن بلاده تدعم جميع الجهود التي ترمي إلى تقوية الوحدة بين الدول الإسلامية. في السياق نفسه، اتفقت المملكة وباكستان على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية القائمة بينهما في مختلف المجالات. جاء ذلك خلال المباحثات التي جرت أمس بين وفدي البلدين في مقر وزارة الخارجية الباكستانية في إسلام آباد بقيادة الأمير سعود الفيصل ومستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية والأمن القومي سرتاج عزيز. وأفادت وكالة الأنباء الباكستانية بأن الجانبين اتفقا على تعزيز التعاون المشترك لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وزيادة الاستثمار في القطاع الخاص، كما اتفقا على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات الأخرى بما فيها الاقتصاد والتجارة والاستثمار والقوى العاملة الماهرة. وقال سرتاج عزيز في مؤتمر صحفي مشترك عقب المباحثات إن باكستان ترتبط مع المملكة بعلاقات وثيقة تضرب جذورها في عمق التاريخ، مشدداً على حرص بلاده على تعزيز وتطوير هذه العلاقات في شتى المجالات. ورأى أن زيارة الأمير سعود الفيصل تحمل مصدر اهتمام كبير بالنسبة لباكستان، فهي أول زيارة بهذا المستوى الرفيع من الجانب السعودي منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء نواز شريف. وبيَّن أن البلدين اتفاقا أمس على تعزيز وتوسيع علاقات التعاون الثنائي في مختلف المجالات بما في ذلك الاستثمار والتجارة والطاقة، كما أشار إلى إطلاع رئيس الوزراء نواز شريف وزير الخارجية السعودي على خطط حكومته لتعزيز النمو الاقتصادي في باكستان. ولفت الانتباه إلى أن البلدين لديهما توافق في الرؤى إزاء معظم القضايا الإقليمية والدولية، وأن البلدين الشقيقين يقفان دائماً جنباً إلى جنب لدعم الأمن والاستقرار الإقليمي. ورداً على سؤال في المؤتمر الصحفي، نفى المسؤول الباكستاني أن تكون قضية الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف نوقشت مع وزير الخارجية، موضحاً أن قضية مشرف شأن داخلي لباكستان وأن المملكة لا تتدخل في شؤون باكستان الداخلية بصفتها صديقاً وثيقاً لها. من جانبه، قال الأمير سعود الفيصل إن «المملكة ستواصل تقديم الدعم والمساعدات الممكنة لباكستان لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لديها»، ونبّه إلى أنه «يجب إفشال مخططات الذين يتآمرون لإفساد العلاقات بين المملكة وباكستان»، مضيفاً أن المملكة تمد يد التعاون إلى باكستان لمساعدتها في مجال الطاقة وغيره. ودعا وزير الخارجية في المؤتمر الصحفي إلى ضرورة بذل جهود مشتركة للقضاء على خطر الإرهاب، وذكَّر بأن القوات الدولية ستنسحب من أفغانستان بحلول نهاية العام الجاري، ويجب بذل جهود مشتركة لمنع الإرهابيين من إعادة تنظيم صفوفهم وملء الفجوة التي ستنجم بسبب انسحاب القوات الدولية من أفغانستان. وقبل المؤتمر الصحفي، قال وزير الخارجية خلال اجتماعه مع سرتاج عزيز «لا بد لي من الإشارة في هذا الخصوص إلى التعاون الوثيق بين بلدينا في مجال مكافحة الإرهاب على المستويين الثنائي والدولي، وإصرارنا على المضي قدماً في هذه الجهود، حتى يتم القضاء عليه واقتلاعه من جذوره». واستطرد بقوله «فيما يتعلق بأفغانستان، ترى المملكة أنه يمر في مرحلة مفترق طرق، مع الانسحاب المرتقب للقوات الأمريكية والدولية منه، وهذا الأمر يتطلب من الأفغانيين بكل مكوناتهم نبذ المصالح الفئوية الضيقة وتغليب مصلحة البلاد ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية والتصدي لأي محاولات تهدف إلى استغلال أي طرف خارجي للفراغ الأمني في أفغانستان ومحاولة التغلغل بين أبنائه لإثارة النزعات الطائفية والمذهبية التي من شأنها تعميق جراح الأفغانيين». وأكد الفيصل أن المباحثات التي أجراها أمس مع الرئيس ممنون حسين ورئيس الوزراء نواز شريف ومستشار رئيس الوزراء سرتاج عزيز عكست العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين وحجم التعاون المشترك بينهما في عديد من المجالات، مشيراً إلى الاتفاق بين الجانبين على دعم التشاور والتنسيق المستمر بينهما حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وبيَّن الأمير سعود الفيصل أنه تشرف أمس بنقل رسالة من خادم الحرمين الشريفين للرئيس ممنون حسين. وقال «بدون شك عكست المباحثات (مع المسؤولين الباكستانيين) العلاقات التاريخية والوطيدة بين بلدينا، وحجم التعاون المشترك في عديد من المجالات، والهادف إلى تعزيز وتطوير التعاملات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية بينهما، والسعي الدائم إلى تنميتها لمستوى أكثر ترابطاً واستغلالاً للموارد المتاحة في البلدين». وأضاف «كما أود أن أنوه بالحرص على دعم نشاط اللجنة المشتركة وتفعيل مجلس الأعمال والمشترك والعمل على عقد اجتماعهم بصورة منتظمة، وفي إطار السعي لإقامة مزيد من المشاريع الاستثمارية المشتركة في شتى المجالات، سواءً تلك المتصلة بالزراعة أو الصناعة وغيرها من المشاريع ومن بينها بحث التعاون في مشاريع الطاقة في ظل ما يتوافر لدى باكستان من إمكانات كبيرة في إنتاج الطاقة الكهربائية، التي لا يُستثمَر منها سوى 16%، وهذا الأمر يمكن بحثه بين البلدين في إطار اللجنة المشتركة التي نأمل انعقادها خلال الشهرين القادمين». ونوّه وزير الخارجية ب «الاتفاق حول دعم التشاور والتنسيق المستمر بيننا حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، والتعاون الوثيق وذلك علاوة على تعاوننا البنّاء في خدمة القضايا الإسلامية وفي إطار منظمة التعاون الإسلامي». وبالنسبة للوضع في سوريا، دعا الأمير سعود الفيصل جميع الأطراف إلى الجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمي للأزمة، موضحاً أنه لا ينبغي أن نعطي نظام بشار الأسد السلطة المطلقة ولا بد من إنهاء الأزمة بالتشاور والتعاون من قبل الأطراف المعنية كافة. وهنأ وزير الخارجية، في كلمته خلال الاجتماع مع سرتاج عزيز، الائتلاف الوطني السوري بإعادة انتخاب أحمد الجربا رئيساً له. وأشار إلى ما وصفه ب «التصريحات غير الموفقة لبعض الأطراف الدولية، التي لا تصب في خدمة الجهود الرامية لإنجاح مؤتمر (جنيف2-) المزمع عقده لحل الأزمة السورية»، وتخوّف من أن يكون هدف هذه التصريحات إخراج المؤتمر عن مساره الهادف إلى تطبيق توصيات مؤتمر (جنيف1-). وتابع «نجدد التأكيد في هذا الخصوص على العناصر التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر أصدقاء سوريا الأخير في لندن، ومن أبرزها أن يفضي المؤتمر إلى عملية سياسية قوامها تشكيل حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات، وألا يكون للأسد أو أيٍّ من رموز النظام ممن تلطخت يدهم بالدماء أي دور فيها، والعنصر الثاني والمهم أن يكون الائتلاف الوطني السوري هو الممثل الشرعي والوحيد لكل أطياف المعارضة السورية». وتطرق وزير الخارجية إلى القضية الفلسطينية بقوله إن «المملكة ترى أن نجاح المفاوضات مرهون باستجابة إسرائيل لمبادئ السلام والتزاماته واستحقاقاته، علاوة على أهمية تركيز المفاوضات على قضايا الحل النهائي التي تشكل لب النزاع». وأوضح «نرى في استمرار إسرائيل في سياساتها الأحادية الجانب، والاستفزازات المتواصلة في القدس الشريف والمستعمرات ما يمكن أن يقوض مفاوضات السلام الجارية، ويلقي بالشكوك حول إمكانية إنجازها في فترة التسعة أشهر المقررة لها». وختم الفيصل كلمته بقوله «مواقفنا إن لم تكن متطابقة تماماً، فهي متشابهة فيما يخص القضايا الإقليمية والسعي لتحقيق السلام في المنطقة».