إن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم تعتبر من الصروح الإسلامية التي تفخر بها هذه البلاد المباركة وتدعمها وترعاها لتحقيق أهدافها النبيلة. إذ إنها تحتاج ولاشك إلى دعمنا جميعاً مادياً ومعنوياً في كل وقت لتكتمل مسيرة هذه الجمعية المباركة بإذن الله تعالى… إخواني الأعزاء في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمات جليلة لكتاب الله العزيز خاصة في مجال حفظ كلام الله عزّ وجلّ وتجويده ووجوب التمسّك به وتدبّر معانيه.. جعلنا الله جميعاً وذرياتنا من حفظة كتابه الجليل، فقد قال الرسول صلًى الله عليه وسلًم في الحديث الصحيح الذي يرويه الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه) والمعروف أن من أساسيات ومقومات وقواعد حفظ القرآن الكريم إخلاص النية لله عزّ وجلّ وإصلاح القصد واتباع سُّنة وهدي الرسول صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله تعالى والفوز بجنته والحصول على مرضاته، وكذلك المتابعة الدائمة المستمرة يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم (والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) متفق عليه وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقرأه نسيه) رواه مسلم.. إن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم تضع على عاتقها عدداً من الأهداف الجليلة والعظيمة في تنشئة الجيل على حفظ كتاب الله تعالى سواء كانوا شباباً أم صغاراً ذكوراً أم إناثاً، كل ذلك من أجل خدمة كتاب الله عزّ وجلّ الذي من ورائه الأجر والمثوبة العظيمة بإذنه سبحانه.. وكذلك إقامة مسابقات تحفيظ القرآن الكريم وتجويده إضافة إلى الدورات الخاصة بحفظه وتجويده أيضاً، وقد حددت وقدمت وزارة الشؤون الإسلامية في بلادنا الغالية ممثلة بهذه الجمعيات المباركة الجوائز القيمة تحفيزاً وتشجيعاً للحفظة لإتمام حفظ كتاب الله الكريم، ويساندهم في ذلك المسؤولون وأهل الخير من رجال الأعمال وغيرهم جزاهم الله خيراً وبارك في جهودهم وأموالهم وذرياتهم وأهليهم، وجعل ذلك في موازين حسناتهم اللهم آمين، وإن من مهام هذه الجمعيات الخيرية أيضاً – تربية الناشئة على أخلاق القرآن الكريم، وقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقالت: (كان خلقه القرآن). إن حافظ القرآن يشفع في أهله يوم القيامة ويلبس تاج الوقار.. جعلنا الله منهم اللهم آمين . كما أن جهود مكاتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في بلادنا الغالية واضحة للعيان كوضوح الشمس في رابعة النهار كما يقولون. فكم شخص اهتدى من الجاليات في بلادنا لهذا الدين القويم «الإسلام» فأصبح أفراد هذه الجاليات إخوة لنا فرحنا لهدايتهم للدين المستقيم، وقد قال الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم: (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) أي إن هداية شخص واحد «رجلاً أو امرأة» خير لك من نعم عظيمة وكثيرة لأنك أنت كنت سبباً في هدايته إلى الحق، وإنقاذه من النار. فقد زار الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) يهودياً ودعاه للإسلام ثم نطق ذلك الرجل بالشهادتين (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله). وخرج من عنده الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار ، ومن الأعمال الجليلة لهذه المكاتب دعوة الناس إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتوعية المسلمين بأمور دينهم، المحافظة على الفطرة بدعوة الناس إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة، إحياء السُّنة ونشرها وإماتة البدعة والتحذير منها وربط الناس بمنهج السلف الصالح «رضي الله عنهم» تحقيق الطاعة لله تبارك وتعالى ولرسوله (صلّى الله عليه وسلّم) ثم لولاة الأمر، دعوة غير المسلمين للدخول في الإسلام وتعريفهم به وبيان محاسنه لهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة عنه، رعاية من يدخلون الإسلام وتعليمهم أصوله والاعتناء بهم والتواصل معهم، الاهتمام بطباعة الكتب والمطويات الدينية وتوزيعها على الناس، نشر العلم النافع وتبصير المسلمين بأمور دينهم عقيدة وعبادة ومعاملة وأخلاقاً، وغير ذلك من الأعمال الدعوية التوجيهية والإرشادية، جعل الله ذلك في ميزان حسناتهم وجزاهم الله خيراً على ما يبذلونه من دعوة إلى الله تبارك وتعالى، وإن الدعوة إلى الله عزّ وجلّ من أفضل وأجلّ الأعمال والقربات، فهي دعوة الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم.. قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وقال عزّ من قائل (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) أي لا أحد أحسن ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين. اللهم اجعلنا ممن يدعون الناس إليك بالحكمة والموعظة الحسنة.