كشف تكليفُ صاحب السمو الملكيِّ الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم ملامحَ مستقبلٍ ينتظره الوطنُ؛ لينتقلَ به ومعه إلى مصاف العالم الأول، متجاوزاً مشكلاته الفكريَّة والاجتماعيَّة والتنمويَّة والاقتصاديَّة من خلال بوابة التربية والتعليم التي ظلَّتْ مغلقةً أو شبه مغلقة عن التطوير والتغيير عقودا، وإن كانت سنوات الوزير الرشيد – رحمه الله – أضاءت المسيرةَ بضع سنين أُعْتِمَتْ بعدها المسارات، تكليفٌ أحيا آمالاً وطموحاتٍ وطنيَّة ستزيحُ إحباطاتٍ مزمنةً وإخفاقاتٍ متلاحقة. لسروري بتكليف خالد الفيصل، ولسعادتي بما ينتظره الوطن بمشيئة الله أرجأتُ كتابة مقالتي هذه لتخفَّ انفعالاتُ مشاعري ووهجُ عواطفي لأطرح طرحاً علميّاً متأنِّياً، يتناول أولويَّات العمليَّة الإصلاحيَّة قبل عمليَّات التطوير، آملاً أن أحقِّقَ ذلك من خلال خبرة ميدانيَّةٍ أنتجتْ عشرات الدراسات والأبحاث العلميَّة، وأضعافها من النشرات التربويَّة، والبرامج التدريبيَّة، ومراجعات المناهج الدراسيَّة، والتقارير الإشرافيَّة، رصدتُ فيها الميدان التربويَّ كاشفاً الصعوبات والمعوِّقات ومحدِّدا الإخفاقات وأسبابها متحمِّلاً جرَّاء ذلك عبئاً وعنتا؛ لذلك سأعيد في مقالتي طروحات سابقة ضمَّنتُها منجزاتي ومقالاتي، أعيدها كرسائل لوزير التربية والتعليم ليكونَ فيصلاً فيها بمشيئة الله وخالداً بجهوده الإصلاحيَّة فالتطويريَّة بتوفيق الله. تساءَلت يا خالد الفيصل من ضيَّع البسمةَ في عسير؟، بل وأجبتَ محدِّداً مَنْ ضيَّعوها وكيف ضيَّعوها؟، وها أنت الآن تواجه أولئك، فهل آن الأوان لاستعادة تعليمنا ممَّن اخترقوه واختطفوه وعاقوا تطويره إدارةً تعليميَّة وإدارةً مدرسيَّة وعملاً إشرافيّاً وبرامج تدريبيَّة ومناهج دراسيَّة، وأنظمة تعليميَّة ونشاطات طلاَّبيَّة وبرامج إرشاديَّة؟!!، واستبدالهم بالتربويِّين الوطنيِّين الذين أقصتهم المرحلة السابقة وهمَّشتْ أدوارهم التربويَّة والوطنيَّة؟!!، قلتُ سابقاً في صحيفة الشرق قبل تكليفكم: آمل أن يتحقَّق ذلك بإرادة سامية اكتشفتْ ما يخطَّطُه الإخوانُ المسلمون والمتأخونون لبلادنا، فالتعليم أخطر الميادين لهدم الوطن في تنميته واستقراره وأمنه، وأسماها في حمايته وفي تحقيق أهدافه التنمويَّة والتقدُّميَّة، لأقول لك الآن: أعانك الله يا خالد الفيصل لترجمة توجُّهات قائدنا – يحفظه الله- ، فخلِّص تعليمنا منهم ومن منهجهم الخفي. حدَّدتْ الأمانةُ العامَّة لإدارات التربية والتعليم مهامَها بدليلها الإجرائيِّ وهيكلها التنظيميِّ برصد أداء الإدارات التعليميَّة وتقويمه، وإجراء مقارنات بين أدائها من جهة ومقارنتها عالميّاً من جهة أخرى، وتحديد ضوابط ومعايير اختيار قياداتها والتمديد لها وإعفائها، فأين منجزاتها في ذلك؟!!. تُخترقُ ضوابطُ الترشيح للإشراف التربويِّ وشروطه باستثناءات وبمحسوبيَّات، فيرشَّحُ غير تربويِّين بل قاد ويقود بعض أولئك الإشراف التربويَّ وإدارات التعليم، فأضعفوا دورَ الإشراف التربويِّ؛ ليعزفَ أكفاء المعلِّمين عنه وعن الإدارات المدرسيَّة، فلتراجِعْ الإدارةُ العامَّةُ للإشراف التربويِّ تطبيق ضوابطها وشروطها لتكتشفَ الخلل. أدانتْ هيئةُ الرقابة والتحقيق قياداتٍ تعليميَّة في منطقة حائل بفساد ماليٍّ وإداريٍّ بأدلَّةٍ وشواهدَ فاعترافات، فأصدرت قرارها بكفِّ أيديهم عن العمل، لتتعاطف الوزارةُ معهم طالبةً تأجيل ذلك لحساسيَّة توقيته؛ ممَّا سيجعله – بحسب دفوعاتها- قراراً مربكاً للعمليَّة التعليميَّة والتربويَّة في المنطقة، وطالبتْ هيئةُ الرقابة والتحقيق بتنفيذ قرارها وأصرَّت على ذلك بعد ارتكاب بعضهم مخالفات مستجدَّةٍ للنظام، لتطلبَ الوزارةُ مجدَّداً التَّريث في التنفيذ على الرغم من إدانتهم، فأولئك لم يخالفوا النظام بعد أن ثبتتْ عليهم الاتِّهاماتُ إلاَّ لأنَّهم وجدوا من الوزارة سنداً يجعلهم يستهترون بمبادئ التربية وبقيمها غير متخوِّفين من الأنظمة الوزاريَّة والعامَّة، فهل القياداتُ الوزاريَّة تخشى انكشاف أدوارها بفساد أولئك؟!!، فصلةُ القرابة الجامعة مدير عام المتابعة بالوزارة بمدير عام التربية والتعليم في حائل أثَّرت بسير القضيَّة فلتراجَعْ القضيَّة، وليُنْظَرْ في قضايا تعليم المدينة المنوَّرة وتعليم القريات، بل وفي غيرها من قضايا المتابعة. نقلَت عن وزارة التربية والتعليم أخباراً بوجود 32 قياديّاً فيها بشهادات دكتوراة وهميَّة، ثمانية بجهاز الوزارة، أحدهم بوظيفة خبيرٍ بتطوير المناهج الدراسيَّة، وبقيَّتُهم بإدارات التعليم في مناصب قياديَّة، وكلُّ ما في الأمر أنَّ الوزارة أصدرت قراراً بمنعهم فقط من استخدام ألقابهم العلميَّة الوهميَّة بالمخاطبات الرسميَّة، علماً بأنَّ معظمهم وصلوا لمناصبهم بشهاداتهم الوهميَّة، وأنَّ قدرات معظمهم دون أدوارهم القياديَّة، مفتقدين الأمانة والنزاهة، في حين أنَّ الأمر يتطلَّب إقصاءَهم عن مناصب وصلوها بتزوير شهاداتهم، وبانكشافهم بأمانتهم ونزاهتهم وهي المبادئ والقيم المطلوبة في منسوبي التربية والتعليم، فظاهرة الشهادات الوهميَّة ليست مستجدَّةً على الوزارة وإداراتها التعليميَّة، فقبل سنواتٍ ثلاث كشفتْ الوزارة عن 64 دكتوراً وهميّاً فأصدرتْ قراراً آنذاك بمنعهم من استخدام ألقاب علميَّة لا يستحقُّونها، فهل ال 32 دكتوراً وهمياً الصادر بهم القرار الأخير مستجدُّون؟!، وبالتالي لم تستطع الوزارة منع منسوبيها من استمراريَّة التزوير، أم إنَّهم بقايا الأمس فلم تتخلَّص الوزارة منهم فما زالوا في قياداتها وقيادات إدارات التعليم على الرغم من انكشافهم للوزارة وللمجتمع، فهل القرار بالتخلُّص منهم بأيدي بعضهم؟!، فأولئك وصلوا لمناصبهم القياديَّة على حساب مؤهَّلين تأهيلاً علميّاً حقيقيَّاً من منسوبي الوزارة وإداراتها التعليميَّة، بل ويمارس أولئك إقصاءً وتهميشاً لأولئك لأنَّهم سيكشفونهم بتدنِّي قدراتهم العلميَّة ومهاراتهم العمليَّة، فإلام يهمَّش المؤهَّلون ويقصون عن أدوارهم الوطنيَّة؟!!. لا غرابة في أن تتدنَّى مخرجاتُ التربية والتعليم، وأن يتعثَّر تطوير التربية والتعليم، وأن تنتشر ظاهرة الدرباويَّة بما فيها من انتهاكات أخلاقيَّة وجرائم وعنفٍ مدرسيٍّ، وأن تتدنَّى هيبةُ المعلِّم، وأن تنتشر ظاهرة البويات وظاهرة الإيمو في ثانويَّات البنات، فوجود قيادات تعليميَّة فاسدة، وقيادات بشهاداتٍ وهميَّة منشغلين بمصالحهم عن مخرجات التربية والتعليم إعداداً وسلوكاً، بل إنَّهم غير قادرين على شيء حيال ذلك أحسبه السبب لذلك، فلتتحرّ الوزارةُ في إدارتها التعليميَّة ولتراجع السير الذاتيَّة لقياداتها لمعرفة كفاءاتهم وقدراتهم، فالوطن أحوج ما يكون لأبنائه وبناته لبنائه، وفيهم كفاءات مؤهَّلة قادرة حين تُعطى أدوارَها أن تحقِّق أهدافه التعليميَّة والتربويَّة، فلتلتفت الوزارةُ إليهم. أقرَّ عام 1427 ه مشروعُ خادم الحرمين الشريفين- يحفظه الله – لتطوير التعليم فانتهت سنواته الستّ وملياراته التسعة فأين منجزاته؟!!. ليس هذا فحسب يا وزير التربية والتعليم ولكنها مساحة المقال، وسأعود للكتابة مرَّاتٍ طارحاً ما ضمَّنتُه منجزاتي ومقالاتي كما أنجزتها وكتبتُها في حينها على امتداد عقدين من الزمن.