يعيش مبتعثونا، طلاباً وطالبات، لذة الإنجاز والتحصيل العلمي في أفضل جامعات العالم شرقه وغربه، يقدمون الأوراق العلمية في المؤتمرات العلمية العالمية وهم يفتخرون بحق أمام نظرائهم الأوروبيين والأمريكان والآسيويين وغيرهم من الأعراق بأنهم جاؤوا لتلك الدول ليسوا كلاجئين، بل من أجل العلم طلباً ونشراً، وطمعاً في نيل الشهادات العليا، ليعودوا بعدها للمساهمة في الارتقاء ببلدهم المملكة العربية السعودية، البلد الذي يعرفه العالم أجمع بأنه مركز للعالَمين العربي والإسلامي وصاحب الثقل في ميزان السياسة والاقتصاد الدوليين، وبالإضافة إلى هذا فهم يطمحون إلى أن يكون بلدهم منارة للعلم، جاذباً للعقول والأنظار من جميع أقطار العالم. ولكن – ويا للأسف الشديد – في الوقت الذي تتوالى فيه إنجازات المبتعثين وأخبارهم السارة، نسمع بعض مثقفينا الأعزاء ودعاتنا الأفاضل يقومون بنشر بعض التعليقات التي تشوش على المبتعثين أكثر مما تنفعهم! نحن نؤمن بأن النقد مهم لتقويم بعض القرارات وحتى المشروعات القائمة، طالما كان ذلك النقد موضوعياً وفي حدود المعقول، ولم يتم تعميمه على مجتمع المبتعثين. ويجب أن نعي أن الابتعاث وراءه وزارة تخطط له وجامعات لها باع طويل في الابتعاث يديرها أساتذة نثق بهم كانوا أنفسهم مبتعثين سابقين. وقبل ذلك كله، فالبرنامج يحظى باهتمام راعي التعليم وقائد مسيرته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (متعه الله بالصحة وأطال في عمره) ولن يرضى لأبنائه أن يسلكوا طريقاً لا يعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والرخاء. نعم لكل عمل ضريبة، وكل مشروع مهما كان نوعه لا بد فيه من نسبة فشل طبيعية متوقعة سواء درس الطالب داخل بلده أو خارجه. ولكن يجب على مجتمعنا إذا ما أراد الرقي والمنافسة أن يستغل كل جديد ويحسن التعامل معه بدلاً من التشكيك فيه ومحاولة تشويهه. لا يمكن لنا أن نستمر في تكرار الماضي أو اجترار الحاضر، الذي هو في أحسن أحواله لا يرضي الكثير من الطامحين وأجيال المستقبل. الأمة الواثقة لا تتعامل مع الجديد بمحاولات يائسة من المنع والتحجير، بل بدلاً من ذلك تبني أجيالاً حرة واثقة من نفسها ومتسلحة بالمعرفة والعقيدة الصحيحة، ثم لا تخشى عليهم بعد ذلك من الاحتكاك بشعوب الأرض والعيش في مجتمعات غير مجتمعاتهم. إنهم الطاقة التي لا تنضب والترسانة التي تزداد قوة مع مرور الزمن.