سجلت مجموعة من الدراسات تفوقاً متصاعداً لشبكات التواصل الاجتماعي، حضوراً وتواصلاً وتسويقاً وتجارة عبر العالم، حيث قفزت بالإنفاق الإعلاني عبر الإنترنت إلى 18.3% من إجمالي الإنفاق الإعلاني على مستوى العالم. وقدرت معدلات نمو الإنترنت بنحو 14.2% بين عامي 2010 و 2013 بفعل تنامي قوة الشبكات الاجتماعية، لتقتطع ما نسبته 16% من إجمالي الوقت على الإنترنت. وبين 200 شبكة تواصل معروفة حول العالم، مازال فيسبوك وتويتر و«جوجل بلس» تتصدر عدد المستخدمين. وتشكل الفرص التجارية التي تتيحها الشبكات الاجتماعية فرصاً هائلة للمسوقين، الذين أصبحوا أكثر زهداً في الوسائل الإعلامية التقليدية، بعد أن أثبتت الإنترنت أنها قادرة على تقديم البديل الأرخص والأكثر فعالية. وكشفت دراسة عن خمس حقائق حول التطورات التي طرأت على استخدامات شبكات التواصل الاجتماعي، كان من أهمها تزايد جمهور مستخدمي الشبكات الاجتماعية عبر الهواتف المتحركة، حيث يقدر عدد مستخدمي فيسبوك عبر الهواتف الذكية فقط، بنحو 200 مليون مستخدم، يمثلون 20% من إجمالي مستخدمي فيسبوك البالغ عددهم مليار نسمة. واعتبر خبراء أن هذه الحقيقة تكشف عن الواقع الجديد، الذي أصبحت الهواتف الذكية تمثله في العالم. ويرتبط بذلك حقيقة مهمة وهي أن اجتذاب هذا الجمهور العريض من مستخدمي الهواتف الذكية، خاصة أنهم لا يملكون أجهزة كمبيوتر، يستلزم تطوير تطبيقات متفوقة الأداء تناسب احتياجاتهم وتتفق في الوقت ذاته مع ما تتيحه الهواتف الذكية من إمكانات وتقنيات. ويسعى الصانعون الكبار في عالم الهواتف الذكية إلى توفير تطبيقات قادرة على المرور بمحتواها «كاملاً» من فلاتر الجهات الرسمية، التي ترغب في حجب مضامين معينة لا تروق لها، ما يعني أن المعركة التقنية الراهنة والمستقبلية ستكون بين الحكومات وهؤلاء الصانعين الراغبين في منح مستخدميهم الفرصة للوصول إلى ما ينشدون رغم كل المعوقات. وبالتالي يسعى الصانعون عبر منصات الهواتف الذكية كالأندرويد والويندوز والبلاكبيري والآي أو إس، إلى توفير خبرة استخدام متميزة لجمهورهم. وأشارت الدراسة إلى تفوق شعبية يوتيوب على التليفزيون الكابلي، خاصة مع قدرة يوتيوب على الوصول إلى المراهقين والبالغين عموماً. وفي مسح ميداني أجري في الولاياتالمتحدة مؤخراً، تبين أن مستخدمي التليفزيون الكابلي جائوا في المرتبة الثانية بعد مستخدمي يوتيوب، ما يوحي لمنتجي «المحتوى السمع/بصري» بهجر التليفزيون عما قريب ليصبوا كل خبراتهم عبر يوتيوب. ويتزامن مع ذلك، تفوق برامج إنتاج الفيديو وإتاحتها لجميع المستخدمين في الوقت الذي تواصل التطبيقات المطورة لهذا المحتوى قفزاتها، آخذة في التطور والتبسيط، ما يعني فتح مزيد من القنوات أمام الهواة والمحترفين على السواء لتقديم أفكارهم عبر يوتيوب، بما قد يشكل الضربة القاضية للتليفزيون التقليدي والكابلي. وفي الوقت الذي يزحف يوتيوب في اتجاه القمة، ويقبض عليها بشدة، زادت فرص الإعلانات التجارية للوصول إلى ملايين المستخدمين، عبر هذا الموقع خاصة مع تقنيات (ARIA) التي تتيح عرض «الإعلانات الطافية» بصورة تلقائية عند طلب تشغيل أي فيديو مع ربط الإعلان برابط يتيح مزيداً من المعلومات حول كبار الصانعين، ودون تكلفة تذكر مقارنة بتكلفة الإعلان في التليفزيون، حيث تقتصر التكلفة على الإنتاج فقط، أما العرض فيقل كثيراً عن التليفزيون. ومازال فيسبوك يتصدر قائمة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث الفعالية يليه «تويتر» ثم «لينكد إن» حيث تبين الإحصائيات أن 95% من مستخدمي فيسبوك يدخلون على حساباتهم بصورة يومية، في حين تصل نسبة المستخدمين النشطين على تويتر إلى 60% وفي «لينكد إن» 30% ما يجعل التنافس على الوصول إلى جمهورها والاستفادة منهم تجارياً يقترب من حد الصراع لينحصر عملياً بين فيسبوك وتويتر. وسجلت تجارة الهواتف المتحركة زيادة بمقدار ثمانية أضعاف لترتفع من 600 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2010 إلى 4.7 مليار دولار في الربع الثاني من 2013م. وتكشف إحصائيات «يوبرفليب» المتخصصة حول اتجاهات التسويق عبر الإنترنت، عن استخدام 90% من تجار التجزئة لآليات التسويق عبر شبكات التواصل، في حين يستخدم 93% من تجار الجملة هذه الآليات، مقارنة ب 85% عام 2012. وتوقفت جوجل خلال 2013 عن تقديم إحصائيات حول معدلات عمليات البحث التي يجريها المستخدمون عن مالكي العلامات، ما جعل هناك غياباً شبه كامل لقراءات المستخدمين لشعبية تلك العلامات. وفي سياق متصل، تشير الدراسة إلى أن خمسة ملايين طفل تقل أعمارهم عن عشر سنوات، لديهم حسابات على فيسبوك، وهو ما يعني أن وصول الأطفال إلى الشبكات الاجتماعية لم يعد تعتريه عقبات تذكر، ويدرك خبراء التسويق هذه الحقيقة، ما يحفزهم على صب مزيد من الخبرات في مجال الوصول إلى جمهورهم المستهدف من الأطفال عبر الشبكات الاجتماعية. ويرتبط ذلك بتقديم عروض تخفيضات أكثر جاذبية، ومن ثم هم يدركون أن الوقت حان للتحول نحو الشبكات الاجتماعية التي أصبحت أكثر فعالية لعروضهم التسويقية. وإذا كان مستخدمو فيسبوك يفوقون عدد سكان الولاياتالمتحدة بمقدار ثلاثة أضعاف، فإن الرقم جدير بالاهتمام، خاصة للشركات التي تمارس أنشطة عابرة للقارات، ما يشكل ضغطاً مستمراً على المنافسين المحليين الذين أصبحوا مضطرين للوجود على فيسبوك، في وقت تسعى هذه الشبكة العملاقة إلى فرض رسوم على الأنشطة التجارية عبرها، ما يعني أنها تتجه للهيمنة الكلية على النشر الإلكتروني حول العالم. في غضون ذلك، تتجه أنظار الآباء والأمهات بشكل متزايد نحو التقنية، محاولين الاستفادة مما تتيحه من فرص تتصل برعاية ومراقبة أبنائهم وبناتهم، فضلاً عن متابعة ما يفيدهم والتسوق عبر الإنترنت، في حين ينظر إليهم المسوقون بصورة مختلفة، حيث يسعون لجني الأرباح من خلال تواصلهم مع الشبكات الاجتماعية. وكشف مسح ميداني أجرته «ميليسا ديسيزار» بدعم من شركة «أربيترون»، عن تواصل مزيد من الأمهات خلال 2013 مع الشبكات عبر هواتفهن المتنقلة، مشيرة إلى أن الأجهزة اللوحية سجلت تفوقاً في هذا المجال، فيما تستمر الهواتف الذكية في تسجيل نسب قبول مرتفعة بينهن. وكشف المسح الميداني الذي أجري على 2021 شخصاً بينهم 319 أماً، أن غالبية مستخدمي الشبكات الاجتماعية من الأمهات تزيد أعمارهن على 35 عاماً، وتشكل الفئة العمرية من 35- 44 ما نسبته 33% منهن، وجاءت الفئة من 25-34 في المرتبة الثانية بنسبة 28% في حين تصل نسبة من تزيد أعمارهن على 45 سنة نحو 24% أما الفئة من 18- 24 سنة فتصل نسبتهم إلى 15%. وفي سياق متصل، أشار المسح الميداني إلى أن 40% من الأمهات المستخدمات لشبكات التواصل الاجتماعي خلال 2013 يعملن بدوام كامل، في حين تعمل 24% منهن من المنزل، و16% بدوام جزئي، و6% بشكل موسمي. وتتصل 90% من الأمهات بالإنترنت من أي مكان. وزادت معدلات استخدام الأمهات للإنترنت في 2013 لتصل إلى ثلاث ساعات يومياً. فيما تعدت معدلات تعرض الأمهات لوسائل التقنية في 2013 حد ثماني ساعات و37 دقيقة، صعوداً من سبع ساعات وثلاث دقائق في 2003. وتشير الأمهات المشاركات في المسح إلى أن 41% منهن يوجد في منازلهن خمسة أجهزة فأكثر متصلة بالإنترنت، في حين توجد أربعة أجهزة تتصل بالإنترنت لدى 25% من الأمهات، أما البقية وهي 35% فيوجد لديهن جهاز أو اثنان متصلان بالإنترنت. لكن المسح الميداني كشف عن زيادة في أعداد الآباء المتسوقين عبر الإنترنت مقارنة بالأمهات، حيث تصل نسبتهم إلى 59% في حين تصل نسبة المتسوقات من الأمهات عبر المنزل إلى 50%. وتشترك في فيسبوك سبع من كل عشر أمهات. وتستخدم 47% من الأمهات خلال 2013 شبكات التواصل أكثر من مرة في اليوم، بمعدل خمس مرات يومياً، في حين يتصفحها الآباء بمعدل 3.5 مرة يومياً. وكشف المسح عن تقليدية تعامل الأمهات مع التقنية، حيث يتصل 86% منهن بالإنترنت عبر أجهزة الكمبيوتر في 2013، في حين يستخدم 72% منهن الهواتف الذكية، و37% منهن الأجهزة اللوحية. وتفضل 83% من الأمهات فيسبوك على سائر الشبكات الاجتماعية. في حين لا تزيد نسبة الأمهات اللاتي يستخدمن تويتر على 13%. وتملك 95% من الأمهات هواتف نقالة، في حين تصل نسبة مَنْ يملكن هواتف ذكية بينهن إلى 89%. ** وتعكس هذه الحقائق، مؤشرات مهمة، حول طبيعة جمهور الإنترنت، وآليات الوصول إليه، ودور الشبكات الاجتماعية في إيجاد فرص تجارية عريضة، والوجود المتصاعد للهواتف الذكية في نطاق التنافس. وهي حقائق تتطلب تفاعلاً عملياً مع تلك الشبكات، بفتح المجال أمامها لا حجبها أو مناصبتها العداء كما هو حاصل في العالم العربي.