يتحدث حزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني السوري عن «فدرلة سوريا» وعن إقليم كردي مستقل له تشريعاته الخاصة ودستوره ويضم ثلاث محافظات هي عفرين والقامشلي وعين العرب. هذا الحزب الكردي الذي يعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا، والمعروف بقربه من نظام بشار الأسد وبتنسيقه مع السلطات يتحدث عن مسألة مصيرية دون تفويضٍ من أحد، يستبق الأحداث ويربك المشهد لخدمة النظام الذي وعده منذ بداية الثورة بعديد من المكاسب مقابل مواجهة قوى الثورة إذا وصلت إلى المناطق الكردية أو المناطق القريبة منها. تصريحات الحزب الكردي عن الفيدرالية السورية تحمل رسالة إلى تركيا، بأن إقليماً كردياً، ربما يكون نواة لدولة كردية، سينشأ على حدودها الجنوبية في حال استمرت في دعم المعارضة السورية. قضية الحكم الفيدرالي في سوريا يحددها السوريون أنفسهم ودون تأثرٍ لا بإرادة النظام الساقط لا محالة ولا بإرادة قوى خارجية، ويتطلب الأمر الانتقال بالدولة السورية إلى مرحلة ما بعد نظام الأسد، حينها سينتخب السوريون برلماناً يفصل في قضاياهم المعلقة والخلافية ومنها القضية الكردية. هذا هو المسار الذي يمكن حل موضوع الأكراد من خلال السير فيه، أما أن يقرر حزب ما، أياً كان حجم السلاح الذي تمتلكه ميليشياته، وأياً كانت درجة شعبيته مصير المناطق الكردية فهذا ليس في مصلحة سوريا ولا ثورتها، علاوةً على ذلك فإن عديداً من القوى الكردية المعارضة للنظام السوري منخرطة في الائتلاف الوطني المعارض ولا تتفق مع أجندات هذا الحزب، وهذه الآراء لا ينبغي تجاهلها. إن سوريا المستقبل التي تسعى القوى الثورية إلى تأسيسها تعتمد المساواة بين المواطنين بغض النظر عما إذا كانوا عرباً أو أكرادا أو حتى علويين (الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد)، لذا فإن إثارة مسألة الحكم الفيدرالي يعد خطوةً متعجلة تصادر حق السوريين وممثليهم المنتخبين – في مرحلة ما بعد الأسد – في اختيار نظام الحكم المناسب لبلدهم.