افتتحت أعمال ملتقى الباحة للإعلام «الإعلام والتنمية» أمس، بعقد جلسته الأولى بعنوان «الإعلام المرئي في ظل المتغيرات المعاصرة»، شارك فيها كل من رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع، ومدير عام جهاز إذاعة وتليفزيون الخليج الدكتور عبدالله بن سعيد أبو راس، ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون والفيلم في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور مساعد بن عبدالله المحيا، فيما أدارها الإعلامي عبدالله المديفر. وأكد الهزاع في ورقته التي حملت عنوان «دور الإعلام المرئي في الحفاظ على الأمن الوطني»، أن الإعلام المرئي هو أكثر الوسائل تأثيراً وقبولاً لدى جمهور المتلقين، فيما يعد الأمن الوطني عنصرًا مهماً في حياة الأفراد والشعوب، مشيراً إلى أن الإعلام المرئي حينما يعرض مادة فيلمية عن التربية الأسرية الصحيحة وتجنب أنماط السلوك العدائي فهو بذلك يسهم بطريقة مباشرة في تحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي، وعندما يعرض أنماطاً من الجور على الحياة الطبيعية والفطرية فهو يستهدف التوعية بمفهوم الأمن البيئي، وهكذا يستمر الحال في جميع مناحي الأمن. وأكد أن تأصيل العلاقة التكاملية بين الإعلام المرئي والأمن الوطني يتأتى بعديد من مجالات العلاقة النموذجية بين الجانبين، وبالقناعة التامة لدى القائمين على الأمن في كل مناحيه بأهمية الإعلام المرئي في إيصال وتحقيق مفهوم هذا الأمن بأسهل الطرق وأسرعها، وبتوفر التجهيزات والآليات التي تمكن رجل الإعلام من أن يقدم من خلالها طرحاً مستنيراً وجاذباً لجمهور المتلقين ويجعلهم في نهاية الأمر يتبنون ما يدعون له من رؤى وأفكار، مشيراً إلى أن الإعلام المرئي لا يمكن أن يكون دائماً هو المبادر والساعي في سبيل إيصال المعلومة وشرح الفكرة؛ حيث لا بد للمجتمع بكافة أطيافه أن يستشعر المسؤولية ويبادر بالقيام بالدور المناط به ويفتح الآفاق للإعلام كي يتمكن من تلمس خطاه والوصول إلى أمور قد تكون غائبة عنه. وشدد الهزاع على أهمية دور الإعلام المرئي في إيقاع الأثر وإصلاح السلوك وإرساء دعائم الأمن الوطني، مشيراً إلى ضرورة ألا يترك وحيداً في الساحة ويلقى عليه باللائمة في كل شيء؛ إذ إن هناك إعلاماً مسموعاً وآخر مكتوباً وثالثاً إلكترونياً، وجميع هذه الوسائل كفيلة بتعميق الأثر وزيادة المردود في إرساء دعائم الأمن الوطني. وقال الهزاع «التحديات كبيرة أمام الإعلام المرئي للقيام بدوره كاملاً في تحقيق الأمن الوطني، فالشاشة اليوم مليئة بآلاف الساعات من المواد المسجلة والمباشرة، والنصيب الأوفر يذهب للمتعة والترويج، أو العبث والتهريج، ومن هنا لابد من وقفة نستشعر من خلالها أهمية التليفزيون في الإصلاح، ونحاول الارتقاء بالرسالة التعريفية لحقوق الوطن وأمنه، وهذه الرسالة ستجد صعوبة في وصولها إلى المستهدفين منها طالما افتقرت إلى المصداقية والشفافية والإبهار في التقديم والإخراج، ومن هنا كان لزاماً على كل وسيلة إعلامية أن تسعى جاهدة إلى استقطاب كل القدرات والطاقات المؤهلة وتخصص وقتاً كثيراً وقدراً كبيراً من مخصصاتها للتدريب والتأهيل، وكل ذلك لا يساوي شيئا في سبيل تحقيق والحفاظ على ما نسعى إليه جميعا من أمن وطني شامل والمحافظة عليه». من جانبه، تطرق الدكتور عبدالله أبو راس في ورقته التي حملت عنوان «الدور التربوي والاجتماعي للإعلام المرئي في ظل المتغيرات المعاصرة»، إلى عديد من النظريات والآراء والدراسات التي قدمها عدد من المهتمين بالشأن الإعلامي، والمتعلقة بتوصيف الإعلام المرئي ودوره التربوي والاجتماعي، مشيراً إلى ما يتميز به العصر الحديث من قفزات تكنولوجية للاتصال فاقت توقعات الخبراء، خاصة ما يتعلق بالبث المرئي والمعلومات. وأكد أبو راس أن الانفتاح العالمي في الاتصالات بين المجتمعات على الكرة الأرضية وما ينتج عنه من نقل للعلوم والثقافات والأفكار، يحتم على التربية المنهجية أن تغير محتواها وأساليبها لتعمل على تخفيف حدة هذا النقل وتهيئة الناشئة نفسياً وإدراكياً لفهم استخدام الصالح منها، مشيراً إلى أن الإعلام أمانة ومسؤولية، كون المؤسسة الإعلامية تشابه المؤسسة التربوية من حيث أثرها في تشكيل بنية المجتمعات ورسم ملامحها، وقد يتفوق أثر المؤسسة الإعلامية على التربوية نتيجة عوامل مختلفة، منها طبيعة المادة التي تقدمها كل منهما ومدى مناسبتها لأهواء المتلقين. بدوره، أشار الدكتور مساعد المحيا في ورقته التي حملت عنوان «الإعلام المرئي المحلي بين غياب الرؤية ورحيل الجمهور»، إلى بدايات القنوات الفضائية، وما صاحبها من نمو وتطور جعل الكثير يغفل عن الإعلام المحلي، الذي كان يتحرك بشكل بطيء وسط غياب ملحوظ، في حين أصبح يمنح كثيراً من الوقت لعدد من القنوات وعبر اليوتيوب، ما جعل السعوديين من أنشط مستخدمي أنماط الإعلام الجديد وبخاصة عبر تبادل ملفات الفيديو من خلال هواتفهم الذكية أو عبر الآيباد أو من خلال حواسيبهم المنزلية. ورأى المحيا أن ثمة محاور مهمة تتعلق بواقع الممارسة المهنية للإعلام المرئي المحلي؛ إذ تظهر كثير من الدراسات والجهود البحثية وآراء المهتمين والمتخصصين التي تناولت غياب الرؤية من حيث المهنية في الإنتاج المرئي وفي مدى الاهتمام بصناعة الصورة الذهنية للقنوات المحلية، مؤكداً أن الخروج بالإعلام المحلي لعودة جمهوره يتطلب إرادة مؤثرة وخارطة طريق مهني. فيما واصل ملتقى الباحة للإعلام «الإعلام والتنمية» أعماله أمس، بعقد الجلسة الثانية، التي حملت عنوان «الإعلام والمجتمع». وشارك في الجلسة كل من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي، وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود الدكتور فهد بن عبدالعزيز السنيدي، ورئيس فريق الإعلام التطوعي هاني المقبل، فيما أدارها الإعلامي الدكتور علي الرباعي. وفي البداية تناول اللواء التركي في ورقته التي حملت عنوان «دور الناطق الإعلامي في تنمية الوعي الاجتماعي»، أهمية تنمية المجتمعات المعتمدة على التنمية الذاتية التي تحقق خفض السلبيات ورفع الإيجابيات في المجتمع. وأكد أن ذلك يتطلب العودة لوسائل الإعلام للحصول على المعلومات، الأمر الذي يسبب الإشكالية كون أهداف وسائل الإعلام ليس بالضرورة أن تتفق مع أهداف المجتمع، وهنا تكمن أهمية الناطق الإعلامي لتوضيح الحقائق التي لا ترتبط فقط في التعامل مع الأحداث ونقلها، إنما تتجاوز ذلك بشرح وتفسير المعلومات وتوضيح المعلومات المغلوطة وشرح القرارات والخطط والتنظيمات، علاوة على الوجود المستمر في حالات الأزمات المتنوعة. بعد ذلك استعرض الدكتور فهد السنيدي في ورقته التي جاءت بعنوان «البرامج الحوارية وأثرها في التنمية»، أنواع البرامج الحوارية وأهميتها في المجتمعات، مستشهداً بعدد من الدراسات العربية والعالمية التي تؤكد أن أكثر البرامج مشاهدة هي البرامج الحوارية؛ حيث تصل النسبة أحياناً إلى 80% من المشاهدة بكافة أشكالها وأنواعها وتوجهاتها الثقافية والعلمية والرياضية والفنية والسياسية وغيرها. وأكد الدكتور السنيدي ضرورة الاهتمام بشكل وتنوع مضامين البرامج الحوارية حتى تكون مؤثرة في التنمية، مع التركيز على عناصر القوة، التي تشمل الموضوع القوي والضيف المتمكن والقناة المحترفة، مشيراً إلى الأهمية التي تحظى بها البرامج الحوارية التنموية، من خلال الأرقام والدلائل التي تصل إلى القنوات، وتفاعل الجمهور بكثرة الاتصال، وما يتم متابعته عبر اليوتيوب من هذه البرامج، علاوة على نسب المشاهدة التي تتجاوز أحيانا ال 20 مليون مشاهدة. وطالب القائمين على البرامج الحوارية بأهمية الابتعاد عن التشغيب أو التشويه أو خدش الحياء، وكذا الرتابة. وحول أهم الأدوار التي تقوم بها البرامج الحوارية في التنمية تحدث الدكتور السنيدي عن الرقابة على الأداء من خلال البرامج الجادة واستطلاع الآراء عبر الميدان وسؤال الناس، مؤكداً ضرورة البعد عن الصراع الفكري الذي صار مغالبة أكثر منه خدمة للتنمية؛ حيث إن كل تيار يريد أن يظهر فريقه أمام الناس أنه صاحب المشروع التنموي الصحيح، بينما أغفل هؤلاء المساحة التنموية المشتركة التي من الممكن أن تقدم للناس، وشدد على أهمية أن تكون طريقة الحوار مما يكشف الحقيقة بالمعلومة وليس الرأي والعاطفة، مؤكداً ضرورة عدم إغفال الطرف الآخر في الحوارات وهو المواطن المستفيد من هذه التنمية، مطالباً الإعلاميين بالاستفادة من المساحة المتاحة للحرية التي لم تكن موجودة. من جانبه، سلط رئيس فريق الإعلام التطوعي هاني المقبل في ورقته التي حملت عنوان «الإعلام التطوعي.. مفهومه وآلياته»، سلط الضوء على أعمال فريق الإعلام التطوعي الذي يمثله مجموعة إعلاميين يحلمون همّاً مشتركاً، ويهدف إلى تبني رسالة الإعلام التطوعي، بكل جوانبه المهنية والإعلامية، وأكد أن الظروف والمتغيرات الحالية من خلال نمو مفهوم التطوع ونمو الإعلام الجديد، تمثل عناصر داعمة ومعززة لتقديم الدعم للجمعيات الخيرية والإنسانية، متناولا قصة تأسيس الفريق الذي يعد أول فريق متخصص في المملكة في جانب الإعلام التطوعي. وأكد المقبل أن المساهمة في الإعلام التطوعي تبدأ من رئيس التحرير ومدير عام القناة حتى أصغر العاملين في المجال الإعلامي، مشدداً على أن مشروع الإعلام التطوعي مشروع للجميع، وليس للأفراد المؤسسين له. وفي ختام الجلسة فُتح باب الحوار، فيما تم تكريم المشاركين من قبل أمانة الملتقى تقديراً لمشاركتهم.