دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور سعود الشريم إلى التعامل مع أخطاء الآخرين بميزان الشرع، بحيث يلجم المرء الصادق نفسه إلجاماً عن أن تقع في أتون تصيد الأخطاء وتتبع العورات يقوده في ذلك العلم والعدل. وقال في خُطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام إن هناك فرقاً بين تصيد الأخطاء وبين تصحيحها، فالأول إنما هو من باب التعيير والتشهير والتشفي، والثاني من باب بيان النصح بالحق والدعوة إليه فالبون شاسع بين التعيير والنصح، كما هو شاسع أيضاً بين ما كان لحظ النفس وما كان لله، ثم إن من المجرب المشاهد أن المعيرين الذين يشهرون غيرهم بالأخطاء تدور عليهم الدوائر فيقعون في الحُفر التي حفروها للمعيرين، لأن التعيير داء منصف يفعل بالمعير فعله بالمعير والجزاء من جنس العمل، ولأن في التعيير شماتة ظاهرة تحيد بالمرء عن معالي الأمور إلى منادمة سفسافها. وقال إن صفاء السر والعلانية خصلة يعيي طلبها كثيرون، وهكذا هي الأشياء النفيسة يعز وجودها ويرتفع ثمنها، ومن أراد أن يفتِّش عن مثل هذا المعدن النفيس في زمن كثرت فيه الأثرة وأحضرت الأنفس الشح، فإنه سيفتح عينه حين يفتحها على كثير، ولكن لا يرى أحداً إلا من رحم الله وقليل ما هم. مشيراً إلى أن صورة المظهر ينبغي أن تكون ترجمة صادقة لحقيقة المخبر لأن الظواهر لا قيمة لها إذا كانت ستاراً لبواطن معيبة. وذكر أن أمتنا أحوج ما تكون في أزمنة الشح، وإعجاب كل ذي رأي برأيه إلى الألفة واعتدال بعضهم لبعض، وغض الطرف عما يمكن غض الطرف عنه مما سببه الاجتهاد المقبول شرعاً إذا كان مرجوحاً، أو الخطأ إن كان مبنياً على اجتهاد سائغ حسب الاستطاعة، فينبغي ألا يغيب عنا كرم جلال الله جل وعلا حينما يمنح المجتهد المخطئ أجر الاجتهاد ويغفر له خطأه، إن الحق أبلج مهما أسدلت دونه ستور الباطل، وقلبت لأجله الأمور، وإن الباطل لجلج مهما زوقت له الألفاظ ورقشت له الحجج. وفي المدينةالمنورة حذَّر إمام وخطيب المسجد النبوي صلاح البدير المسلمين من اتباع البدع والضلالات، مؤكداً أن طريق أهل الإيمان والتوحيد يكمن في لزوم السُّنَّة، واتباع الأثر ونبذ البدع والخرافات، ورد المحدثات والضلالات والبراءة منها ومن أهلها. مبيناً أن الصحابة والتابعين وأتباعهم وعلماء السُّنَّة مضوا على هذا مجمعين متفقين، واستشهد بأحاديث وأقوال الأئمة وأهل العلم التي تحضّ على التمسك بالسُنَّة ولزوم ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، من القول والعمل، وما أمر به صحابته رضوان الله عليهم أجمعين. كما أوصى المسلمين أن يلزموا هذا النهج القويم والطريق المستقيم للفوز بجنة النعيم، محذراً مما تروج له المذاهب الفاسدة، والعقائد الخبيثة، من نشر للبدع، والضلالات، والخرافات، والخزعبلات، والمآتم، والشركيات بين عوام المسلمين. وقال البدير في وصف أهل البدع إنهم قوم هم أشد الناس بغضاً وكراهية للسُّنَّة, يفارقونها ويصادمونها، ويحاربونها، ويعاندونها، يقتلون دعاتها، ويقاتلون حُماتها.