دائما ما تكون التصاريح النارية والخارجة عن المألوف او المخالفة لحكم شرعي ، ان تعقبها الانتقادات الشديدة وربما الدعوة الى الاستتابة لاصحابها، وكانت الكاتبة الكويتية د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب قد وقعت مؤخرا في هذا المأزق بعد اطلاق آرائها خلال مقابلة على الفضائية اللبنانية ، ونظر للحملة الشديدة التي واجهتها الكاتبة حاولت ان تخفف من حدة الانتقادات ولكن يبدو انها لم تستطع أو بمعنى آخر أنها لا يمكن ان تؤكد على أقوالها المثيرة للجدل وتحاول في نفس الوقت اقناع الاخرين بتلك الآراء بطريقة "اللف والدوران" ، حيث يصعب على بعض الكتاب التراجع عن أقواله حتى لو عرف لاحقا انه يجانبه الصواب من منطلق المكابرة ، مع أن "الرجوع للحق فضيلة". فقبل يومين سعت الكاتبة الى جريدة "الراي" الكويتية لتوضح للناس ما كانت تود قوله ، ولكن فيما يبدو ان محاورها قد زاد تعقيد المسألة عليها ، فكتبت بيانا في الجريدة نفسها تتهم الجريدة ، يوم أمس ، بانها تقولت عليها وشوهت آرائها. واليوم ابتعدت عن جريدة "الراي" فكتبت مقالا في السياق نفسه ، خصصته للدفاع عن افكارها المثيرة للجدل ، ولكن هذه المرة في جريدة " أوان" وهي أيضا تصدر في الكويت. وعزت كتابة مقالها الموسوم ب "لن أتخلى عن أي كلمة قلتها.. ولا عن رأي أدليت به" الى مطالبات أحبائها وأصدقائها لتوضيح ما أسمته "اللغط على الانترنت" حول مقابلتها الأخيرة مع وفاء الكيلاني على LBC في برنامج «بدون رقابة». وأكدت في مقالها بأنها لن تتخلى عما جاء في المقابلة ومتمسكة بكل كلمة قالتها ومؤمنة بكل رأي أدلت به في تلك "الليلة الليلاء"، مستدركة بأنه لا يستطيع الإنسان الذي يملك عقلاً ومنطقاً، سوى أن يقف بخفر ووجل أمام جرأة النقل بطريقة وصفتها "بالكذب". وقالت "إن هناك الكثير من الفتاوى المدفونة في أمهات الكتب، الشيعية والسنية، التي تحتاج لإعادة نظر، ونفض، بل وإزالة تامة لابتعادها المهول عن المنطق الإنساني، منها مثلاً فتوى إرضاع الكبير والتمتع بالصغيرة" ولكن بعض المواقع الانترنتية كتبت ما يخالف رايها ، حسب قولها ، وكتبت «ابتهال الخطيب تشجع التمتع بالرضيعة» . وترى الخطيب بإن الزواج المثلي يتم تشريعه في بعض المجتمعات، طبقاً لدراسة اجتماعية، لاعتقادهم بحاجتهم لمثل هذا التطبيق، ولكن يصعب تطبيق هذه الممارسة في مجتمعاتنا، حيث يبنى عليها تغيير شامل لمفهوم الأسرة وقوانينها. وقالت " وعندما سألتني الكيلاني عن رأيي، وبشكل عام، في الزواج المثلي، قلت لها اذا سمحت لهم قوانين دولهم بذلك، فذلك حقهم وليس من شأننا" موضحة أن مواقع الانترنت كذبت عليها بالقول «ابتهال الخطيب تشجع زواج المثليين». وبالنسبة لما قالته نادين بدير، قالت بأنها "لم تطالب بتعدد الأزواج، بل أتى مقالها ساخراً من تعدد الزوجات كتطبيق متعسّف ضد المرأة في مجتمعاتنا" ،وأبدت الخطيب وجهة نظرها حول هذه المسالة وقالت " أنني لا أؤمن بالتعدد سواء مؤنثاً أم مذكراً، وأنني أؤمن بالأسرة النووية من أب وأم" ، وعادت لتنفد ما كتبته المواقع الالكترونية مستنكرة الكذب عليها عندما كتبت تلك المواقع «ابتهال الخطيب تؤكد تأييدها بشكل قاطع لتعدد الأزواج». وحول الحق بالمجاهرة بالإلحاد، قالت " إنني مع حق الإنسان بالمجاهرة بمعتقده أياً كان، (والذي هو حق أصيل في الدستور الكويتي) ، لكنها تفاجأت ، حسب تعبيرها ، بان المواقع الانترنتية تتهمها بالقول «تؤيد الخطيب وبقوة المجاهرة بالإلحاد».. وذكرت بان المواقع الانترنتية حملت لها الشتائم والسباب، منه ما لم تسمع وقالت " كيف أردّ على، أو أفند ما لا يحتاج لردّ أو تفنيد، كيف أبين أن نقدي للفتاوى أعلاه مثلا هو «رفض»، وليس مطالبة تطبيق، هل أفسر الماء بالماء؟ ليس لديّ شرح أفضل لما قلته عما قلته". ونوهت هنا بأن ركيزة آرائها التي أطلقتها في البرنامج بقولها " أنا إنسانة حقوقية في الدرجة الأولى، عملي التطوعي الأساسي ينصب في الحريات وحقوق الإنسان، لذا لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أسمح لمعتقدي أو توجهي الفكري أو مشاعري أو آرائي الشخصية أن توجه أحكامي الإنسانية". وهذا نص مقال الكاتبة ابتهال الخطيب المنشور على جريدة "أوان" اليوم الاربعاء بعنوان " لن أتخلى عن أي كلمة قلتها.. ولا عن رأي أدليت به": لا، لن أتخلى عن شيء مما جاء في المقابلة. أنا متمسكة بكل كلمة قلتها، ومؤمِنة بكل رأي أدليت به في تلك الليلة الليلاء. لكن، لا يستطيع الإنسان الذي يملك عقلاً ومنطقاً، سوى أن يقف بخفر ووجل أمام جرأة النقل بطريقة لا أستطيع أن أصفها حتى بالكذب. وقد يضع لها القراء وصفاً يعجز عقلي عن صوغه. ومما جاء في المقابلة، رداً عن أسئلة السيدة الكيلاني، أن قلت إن هناك الكثير من الفتاوى المدفونة في أمهات الكتب، الشيعية والسنية، التي تحتاج لإعادة نظر، ونفض، بل وإزالة تامة لابتعادها المهول عن المنطق الإنساني، منها مثلاً فتوى إرضاع الكبير والتمتع بالصغيرة، فجاء العنوان الإنترنتي «ابتهال الخطيب تشجع التمتع بالرضيعة». قلت إن الزواج المثلي يتم تشريعه في بعض المجتمعات، طبقاً لدراسة اجتماعية، لاعتقادهم بحاجتهم لمثل هذا التطبيق، ولكن يصعب تطبيق هذه الممارسة في مجتمعاتنا، حيث يبنى عليها تغيير شامل لمفهوم الأسرة وقوانينها. وعندما سألتني الكيلاني عن رأيي، وبشكل عام، في الزواج المثلي، قلت لها اذا سمحت لهم قوانين دولهم بذلك، فذلك حقهم وليس من شأننا، فجاء العنوان «ابتهال الخطيب تشجع زواج المثليين». قلت رداً على تعليق الكيلاني حول مقال نادين بدير، إن الاخيرة لم تطالب بتعدد الأزواج، بل أتى مقالها ساخراً من تعدد الزوجات كتطبيق متعسّف ضد المرأة في مجتمعاتنا. وأكدت أنني لا أؤمن بالتعدد سواء مؤنثاً أم مذكراً، وأنني أؤمن بالأسرة النووية من أب وأم، ولكنني مع حق البدير في إعلان رأيها أياً كان، ثم نردّ عليها الحجة بالحجة، فجاء العنوان «ابتهال الخطيب تؤكد تأييدها بشكل قاطع لتعدد الأزواج». قلت رداً على سؤال الحق بالمجاهرة بالإلحاد، إنني مع حق الإنسان بالمجاهرة بمعتقده أياً كان، (والذي هو حق أصيل في الدستور الكويتي) فجاء العنوان «تؤيد الخطيب وبقوة المجاهرة بالإلحاد».. كل ذلك جاء مطعّماً بالشتائم والسباب، منه ما لم أسمع به من قبل، مختوماً بالصلوات والتسليم والدعوة على أعداء الدين. كيف أردّ على، أو أفند ما لا يحتاج لردّ أو تفنيد، كيف أبين أن نقدي للفتاوى أعلاه مثلا هو «رفض»، وليس مطالبة تطبيق، هل أفسر الماء بالماء؟ ليس لديّ شرح أفضل لما قلته عما قلته. ويبقى هنا تنويه مهم، هو ركيزة آرائي التي أطلقتها في البرنامج: أنا إنسانة حقوقية في الدرجة الأولى، عملي التطوعي الأساسي ينصب في الحريات وحقوق الإنسان، لذا لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أسمح لمعتقدي أو توجهي الفكري أو مشاعري أو آرائي الشخصية أن توجه أحكامي الإنسانية. فمثلاً أنا لا أعرف مؤسسة حقوق إنسان معتبرة تقر مبدأ الإعدام كعقوبة، على الرغم من إقرار هذه العقوبة في كل الأديان السماوية، وذلك لأن حقوق الإنسان ليست مفصلة لأصحاب ديانات، أو تقاليد، أو توجهات معينة، بل هي مظلة تظلل البشرية جميعها. فعندما أُسأل أنا عن رأي حقوقي، فإنني أضع نصب عيني نظرة إنسانية عامة تخلو من أي أحكام مسبقة، أضع حقيبتي الإنسانية التي أحمل فيها إيمانياتي ومعتقداتي ومشاعري جانباً، وأتخفف من كل تحيز، ما أمكن، لأصدر حكماً إنسانياً يمكن تطبيقه على الستة مليارات إنسان على سطح الخليقة. المبادئ لا تتجزأ ولا تنتقى، وليست رهن الموقف أو الوقت أو الأشخاص المعنيين وتوجهاتهم، المبادئ الإنسانية شاملة، عامة، متحررة من كل تقليد، أو انتماء، متلبسة ثوب الإنسان في أنقى وأبسط صوره دونما قيد أو شرط أو توصيف. الحقوقي يشبه عمله عمل المحامي إلى حد ما، فالمحامي يدافع عن المتهم ما أمكنه ليضمن له حكماً عادلاً ما أمكن، وكذا المؤسسات الحقوقية، دورها أن تسعى للدفع بالحق الإنساني، بالتسامح والقبول ما أمكن، ولو بطريقة مبالغ فيها كما يبدو للبعض، حتى يتوازن عملها مع الشر الكثير في الدنيا. عندنا يصدر حكم بإعدام شخص ما، تنفر الجمعيات الحقوقية لرفض الحكم وللتذكير بالحق الإنساني للمتهم، وهذا ليس إقراراً ببراءته، ولكنه إقرار بإنسانيته التي تستحق التعاطف والتسامح حتى آخر درجة. أخيراً، لا بد أن أقول إنني أقف مشدوهة أمام طبيعة البشر «التكافلية».. كيف يمكن لإنسان أن يؤلف كلمة، أو يطلق كذبة، أو يبعث استثارة، فتتدحرج ككرة ثلج تتضخم بانضمام آلاف البشر إليها من دون وعي منهم، تكنسهم في طريقها فيستسلمون سعداء بانضمامهم إلى تلك الكتلة البشرية الهائلة، مؤمنين بأن تكون «نتفة» في كرة الثلج الكبيرة، تتدحرج مع الآخرين وتستقوي بتكتلهم خير من أن تقف وحدك شجرة جرداء صغيرة ترتجف أمام الكرات المهولة. إنها ظاهرة إنسانية خارقة تدهشني في كل مرة تتمثل أمامي، بكل قوتها، وبكل عواصفها، وبكل هياجها، ثم بكل ضعفها وخوائها. فما أن تشرق الشمس، حتى تذوب كل كرات الثلج مهما عظمت، وتبقى الشجرة الجرداء المنبوذة، وقد تخضّر وتكبر وتتفرع. تحديداً، نحن مخلوقات «شرقية» غريبة، لا نتعلم من تاريخنا، نعشق الانضمام للركب، شعارنا «إللي يحب النبي يضرب». لا نعرف للتفرد قيمة، ولا نعي للأمان معنى، إلا ونحن في ركب الجماعة، ولا مانع من أن نكون مركوبها (وهو الحذاء في اللفظ المصري). من موقفي ههنا، يبدو المشهد عجيباً جداً، سيريالياً، معقدا جداً وساذجا جداً، لوحة إنسانية خالصة في نقصها وعيوبها، وأنا أحب العيوب، فهي طبيعية، إنسانية، وتعلمني أشياء ثمينة. وللأحبة المهتمين أقول اتركوا عنكم الألم والاستياء، وتعالوا معي إلى خارج الدائرة. انظروا في مشهد هذه الكرة الثلجية الرائعة، على الرغم من خوائها.. ظاهرة إنسانية عظيمة وفظيعة، وبما أننا في طريق الكرة لا محالة، فلا مانع من الاستمتاع بالمشهد، على الأقل، والابتهاج باللعب بالثلج الى أن يأتي الله أمراً كان مفعولا.