شهدت قضية طفلة بريدة التي زوجها والدها برجل ثمانيني تطورا مفاجئا بتنازل والدتها أمس عن القضية المرفوعة أمام المحكمة العامة في القصيم لتطليق ابنتها، مقابل أن يتنازل طليقها عن الدعاوي التي رفعها ضدها. فقد اشترطت والدة الطفلة في مكتب الشيخ إبراهيم العمر قاضي المحكمة العامة ناظر القضية في جلسة صلح جمعتها بوالد الطفلة تنازل طليقها عن كافة الدعاوى المرفوعة ضدها سابقاً، إضافة إلى اشتراطها إكمال الطفلة لدراستها في الصف الخامس الابتدائي ، بحسب ما ذكرته جريدة "الرياض". وقالت الطفلة أمام القاضي بأنها وافقت على هذا الزواج بكامل إرادتها، وهو ما يخالف رأيها الأول الذي قالته سابقا بأنها لا تريد الثمانيني زوجا لها. وأكدت مصادر أن والدة الطفلة تنازلت عن الدعوى المرفوعة دون سابق إنذار وقررت مصادقته رسميا. وفيما رفض الوكيل الشرعي التعليق على مستجدات القضية، أبدى محامي الطفلة المكلف من جمعية مودة لقضايا الطلاق صالح الدبيبي امتعاضه للتغير المفاجئ في مسار القضية خاصة بعد أن تمكن من إيجاد صيغة قانونية وشرعية لإبطال الزواج، مشيراً إلى أن تغير كلام الأم في اللحظات الأخيرة وتنازلها لا يمكن تفسيره. وأكد الدبيبي بأن القضية الأساسية وهي زواج القاصرات باقية من منطلق عدم جعل البنات الصغار سلعه للمساومة والضغوط بجانب أن الضرورة أصبحت ملحة لتقنين زواج الصغيرات وإلزامية التعليم. من جانبها، ناشدت صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت مساعد بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية مودة لقضايا الطلاق ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين بأن يتدخل لدراسة مشكلة زواج القاصرات وعمل دراسة مستفيضة ومن ثم إصدار فتوى بتحديد سن الزواج. وعللت هذا المطلب بأن هذا العصر يختلف كليا عن الأزمنة الماضية وزواج القاصرات له تبعات تؤثر سلبا على الطفلة نفسها وعلى المجتمع ككل. وفي تعليقها على تنازل والدة الطفلة، قالت "إذا تنازلت والدة الطفلة عن قضيتها فالمجتمع لن يتنازل عن قضايا تزويج القاصرات والمتاجرة بهن". أما صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز نائبة رئيسة برنامج الأمان الأسري الوطني اعتبرت حالة طفلة "بريدة" والبالغة من العمر 12 عاما والتي زوجها والدها برجل ثمانيني بأنها انتهاك لحق الطفولة، مشيرة بقولها: "أنا شخصيا وكذلك العديد من المتخصصين بالمجال الاجتماعي والتربوي يشاركونني الرأي في ذلك". وألمحت في تصريح لجريدة "الرياض" إلى أن هناك إجراءات سوف تتخذ قريباً من الجهات المعنية للحد من هذه الحالات والتي وصفتها بأنها "فردية" ولم تصل لحد الظاهرة. وقالت سمو الأميرة عادلة: "نحن نعمل حالياً مع العديد من المنظمات والجهات والجمعيات التي تعنى بكل ما يخص حقوق الطفل وتوجهنا دائما مواز للمواقف والتوجهات التي يتخذونها". وأضافت: "من حق الطفل أن يعيش طفولته ولا يرغم على الزواج قسراً، فالكبير لا يرضى بذلك فكيف بطفل!". وفي سؤال حول دورهم الفعال تجاه هذه الحالة من قبل برنامج الأمان الأسري الوطني أوضحت الأميرة عادلة بأن البرنامج ليس جهة تنفيذية بل هو جهة تشريعية تخطيطية تدريبية، ولكن هناك تنسيق مع الجهات الأخرى للعمل كدعم للحد من هذه القضية وسنقدم كل تعاون في هذا الإطار. يشار الى أن تقارير صحفية سابقة أكدت أن جهات رسمية تستكمل تفاصيل القضية كافة للتدخل فيها، وإنهاء معاناة الأسرة التي وقعت تحت ضغط نفسي كبير". وقال عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان المشرف العام على مركز الإعلام والنشر الدكتور عثمان المنيع "شكلت الهيئة لجنة لمتابعة قضية طفلة بريدة مكونة من أعضاء مجلس الهيئة ذوي التخصصات الشرعية لمتابعة هذه القضية والاتصال بالأطراف المعنية للتأكد من جميع المعلومات واتخاذ الإجراءات المناسبة". ونقلت تلك التقارير الصحفية عن مصدر مطلع في وزارة العدل أن تتخذ الوزارة إجراء قضائياً بحق مأذون الأنكحة، وأن تحيل والد الطفلة إلى المحكمة.