دعا الشيخ عائض القرني مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني إلى صياغة ما أسماه ب"ميثاق التعايش الطائفي" بين طوائف الإسلام، بحيث يصوغه علماء ومفكرون من كل طوائف الإسلام، وينص على منع التعرض للرموز الدينية بالسب والشتم، بداية من أصحاب الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ونهاية برموز السنة والشيعة وغيرهم من الطوائف المعاصرة. وعرف الميثاق المقترح بأنه "وثيقة ينشرها الإعلام والدعاة والخطباء والمفكرون والكتاب بكل وسيلة، ليفهمها مثيرو الشغب وعشاق الإثارة الذين لا يفكرون في العواقب"، لافتا إلى أن هذا الميثاق "لا يعارض بيان الحق وعرض الأدلة، فتقديم المنهج الصحيح ليس معناه سب المخالف ولعنه وتجريمه وتجريحه. ويهدف ميثاق التعايش الطائفي الى مناقشة الخلاف بين الطوائف في دوائر مغلقة بين العلماء وحملة الفكر، بعيدا عن العامة والغوغاء، وتُعقد لقاءات للتباحث والتشاور بين رموز هذه الطوائف تحت مظلة التفاهم والحوار وسماع الحجة وطلب الإنصاف والبحث عن الحقيقة. وفي ذات السياق كتب الشيخ عائض القرني مقالا في جريدة "الشرق الاوسط" دعا فيه إلى أن يمتنع السنة والشيعة وغيرهم من الطوائف عن التراشق بالسباب والشتائم ، ويمنعون من خلاله ايقاض الفتنة في دائرة الإسلام ، خصوصا وان الأمة الإسلامية تتعرض لحملة عدوان من الصهيونية ومن أعداء الله في كل مكان. وأكد في مقاله إن الأمة الإسلامية لا تحتاج إلى مزيد من الشقاق والفرقة والعداوات والمعارك، ففيها ما يكفيها، وقال أنه " ليس من العقل ولا من الحكمة ولا من المنطق أن يستعدي السنة الشيعة، وأن يستعدي الشيعة السنة" معتبرا أن هذا العداء يزيدنا تمزقا وهزيمة وإحباطا وقلة وذلة. وذكر المسلمين بان أن الله عز وجل نهانا عن أن نسب أعداءه لئلا تكون العواقب أكثر سوءا ، فمن له المصلحة في ، حسبما يقول ، في أن " يتراشق الرموز في السنة والشيعة أو غيرها من الطوائف بالسباب والشتائم؟". وتسائل "لماذا نوقد نار الفتنة في دائرة أهل الإسلام وأمتنا الإسلامية تتعرض لحملة عدوان من الصهاينة ومن أعداء الله في كل مكان" ، واستنكر أن يساء إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم يُساء إليه جهارا نهارا برسوم مسيئة وتهم باطلة فيترك هؤلاء الأعداء والرد ، و "نأتي إلى طوائف أهل الإسلام فنستثير رموزهم ونقلل من شأنهم وننشر معايبهم دون تذكر للنتائج المؤلمة" حسب قوله. وتسائل " لماذا لا يكون الحوار والتواصل والجدل بالتي هي أحسن والتعارف مكان التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق" وقال " لقد شكونا وبكينا وتظلّمنا واعترضنا على سب أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله رضي عنهم وزكاهم وأثنى عليهم، فهل نأتي لنأخذ السب سلما والشتم طريقا والقذف منهجا لنصلح ما أفسده الدهر". وأقسم بالله قائلا "والله إن مَنْ أراد الانتقام بالسب والشتم من إحدى الطائفتين أو غيرهما من طوائف الإسلام لا حقا نصروا، ولا باطلا كسروا". وتابع القرني في مقاله " ولمصلحة من يُنشر الخلاف والسب والشتم والتجريح في الفضائيات ومواقع الإنترنت؟ وكل مَنْ كتب سطرا واحدا أو قال كلمة واحدة فيها تكفير وتبديع وتضليل إنما صب الزيت على النار وأضاف عود حطب إلى فرن العداوة،" تلا ذلك تعجبه " من أتباع الطائفتين كيف يتحمّسون للخصومة والعداوة ويزرعون الكراهية في القلوب ويغرسون البغضاء في النفوس" . وقال متسائلا" لقد مرت بنا مئات الأعوام من السب والشتائم، فهل أصلحنا بذلك فساد ذات البين؟ وهل أنهينا بهذا المسلك الخلاف؟ وهل داوينا الجراح ؟" وأجاب بقوله " بل والله زادنا وهنا على وهن، وخلافا على خلاف". واعتبر القرني إن الخطاب الجميل والكلمة اللينة والذوق العالي هو منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقال "وقد أرشدنا الله عز وجل إلى الحكمة والرفق واللين حتى مع فرعون ومع عبّاد الأصنام ومع اليهود والنصارى" وتسائل "فأين نحن من هذا المنهج القويم والصراط المستقيم؟ ". وتابع بالقول " لماذا نُخرج الحيات من جحورها والثعابين من بيوتها؟ لماذا نحوّل منابر الدعوة والحكمة والحوار والتربية والإقناع إلى منابر للسب والشتم والتكفير والتضليل والتجريح؟ ماذا ينتظر ممن أغضبناه وجرحنا مشاعره وآذيناه في عرضه ومعتقده أن يقابلنا به؟". ويرى أن استخدام السب والشتم كسلاح من طرف فان الطرف الآخر سوف يحارب بالسلاح نفسه والطريقة بعينها، مثلا بمثل سواء بسواء، معتبرا أن ذلك لا يؤدي إلى الإقناع أو الإرشاد بل يؤدي إلى العداوة والمحاربة والاستثارة . ووجه كلامه إلى الناس من السنة والشيعة وغيرهم من الطوائف بأن يمسكوا ألسنتهم ويغمدو اقلامهم ، داعيا إلى السكينة والهدوء الهدوء مذكرا بأن أمتنا الإسلامية بها من الجراح والمآسي والصدمات واللكمات ما يعجز عن علاجه أطباء العالم وحكماء الدنيا . وقال في ختام مقاله " إن هذه المعارك المفتعلة هي نتيجة لإعراضنا عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأصحابه، وقد حذرنا الله من التفرق والاختلاف وذم من وقع في ذلك من أعدائه فقال: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).