رحب أطباء بريطانيون اليوم في لندن بالاكتشاف الطبي الذي تمكن من خلاله علماء بريطانيون وآخرون من كسر الشفرة الجينية الكاملة لإثنين من أكثر السرطانات انتشارا في العالم هما سرطانا الرئة والجلد وقالوا إن ذلك يشكل فتحا علميا باهرا قد يحدث ثورة في طريقة تشخيص وعلاج هذا المرض القاتل . وقال الدكتور بيتر كامبل من معهد هنغستون لأبحاث السرطان في مقاطعة كامبرج شاير في شمال انكلترا إنه على الرغم من المشوار الطويل لتحقيق الحلم بالقضاء على مرض السرطان إلا أن اكتشاف جينات المرض من شأنه أن يسهل الأمر لتطوير أدوية جديدة تستهدف الجينات المسببة للسرطان . من ناحيته, أشار أستاذ علم الجينات في جامعة كامبرج البرفسور كارلوس كلداس أن ما توصل إليه العلماء البريطانيون والامريكيون والهولنديون في اكتشاف الخرائط الجينية المسببة للسرطان سوف يسهل في المستقبل طرق معالجة السرطان, معتبرا الاكتشاف بأنه فتح طبي باهر . في غضون ذلك نقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن فريق البحث التابع لصندوق ويلكوم للأبحاث السرطانية أن الخرائط الجينية التي اكتشفت مؤخرا لن تمهد الطريق لابتكار فحوص تتمكن من تشخيص الإصابة بالسرطان في وقت مبكر فحسب بل وستساعد أيضا في اكتشاف المواقع الأكثر تأثرا بالعقاقير في الاورام نفسها . واضافت أن عدة فرق علمية في بلدان مختلفة تقوم حاليا بأعداد قوائم بيانات تحتوي على أسماء كل الجينات التي يصيبها الخلل عند الإصابة بالسرطان كما أن العلماء البريطانيين على سبيل المثال يعكفون على البحث في جينات سرطان الثدي بينما يقوم زملاؤهم اليابانيون بالبحث في سرطان الكبد والهند في سرطان الفم أما الصين فتدرس سرطان المعدة بينما تبحث الولاياتالمتحدة في سرطانات الدماغ والمبيضين والبنكرياس . ونسبت الاذاعة إلى العلماء المشاركين في هذا المشروع الضخم قولهم إن هذا المشروع سيتطلب حوالي خمسة أعوام ومئات آلاف الدولارات لكنهم أكدوا أن المصابين بالسرطان سيستفيدون حتما من هذا المجهود. ويقول البروفيسور مايكل ستراتون وهو قائد الفريق البريطاني في المشروع أن مجموع الخرائط الجينية التي سيتم التوصل اليها سيغير الطريقة التي نرى بها أنواع السرطانات المنفردة. وبينت الإذاعة البريطانية أن العلماء اعربوا عن الاعتقاد أن اكتشاف الخريطة الجينية لسرطان الجلد من نوع ميلانوما أكدت أن هناك نحو 30 ألف خلل في الجلد جله راجع للتعرض لأشعة الشمس كما أن شفرة سرطان الرئتين تشمل نحو 23 ألف خلل مرد معظمها إلى دخان السجائر. وذكرت أنه إنطلاقا من مثل هذه المعطيات يقدر الخبراء أن المدخن المتوسط يتعرض لطفرة جينية كلما دخن ما معدله 15 سيجارة. ورغم أن معظم تلك الطفرات لا تكون ضارة إلا أن بعضها قد يكون الشرارة التي تبدأ سرطان الرئة. وأوضح الخبير بيتر غامبل أن معظم التغييرات التي تلحق بالشفرة الجينية لا يحدث أي ضرر لكن بعضا منها قد يقع بالضبط في أماكن من الشفرة بحيث تؤدي إلى الاصابة بالسرطان مباشرة لكن بإمكان المدخنين إن هم عدلوا عن التدخين أن يقلصوا احتمال الاصابة بسرطان الرئة مع مرور الوقت . ويعتقد بعض العلماء أن ذلك مرده قدرة الرئة على استبدال اجزاء الجينوم التي تعرضت لطفرات بسبب التدخين بأخرى سليمة من الاخطاء الجينية. وكان باحثون بلجيكيون وألمان قد توصلوا في اكتوبر الماضي إلى كشف طبي آخر يساعد على الكشف المبكر عن سرطان المعدة والقولون وذلك من خلال تحليل عينات من الدم للتوصل إلى إشارات جينية دقيقة تفيد بإصابة الأشخاص بسرطان المعدة والقولون في مراحله الأولى.