اعتمد مجلس حقوق الإنسان أول من أمس، نتائج استعراض تقرير المملكة في ضوء آلية الاستعراض الدوري الشامل، بعد حوارٍ «تفاعلي»، سجل خلاله رئيس الوفد السعودي نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور زيد آل حسين، رفضه لتوصيات «تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية»، بحسب قوله. ولفت إلى أن رفض المملكة لهذه التوصيات «كان منذ تقديمها للتقرير في شهر شباط (فبراير) الماضي». وان من بين التوصيات المرفوضة ثمانٍ حول «وقف العقوبات البدنية، التي تتضمن عقوبة الإعدام، ووقف تنفيذ هذه العقوبة، والنظر بإيجابية إليها». فيما رفضت كذلك خمس توصيات حول «رفع التحفظات على اتفاقية التمييز ضد المرأة». ونوه آل حسين، إلى توقيع المملكة على اتفاق «مكافحة التمييز ضد المرأة»، «مع الإبقاء على هذه التحفظات». وأشار إلى موقف هيئة حقوق الإنسان، من زواج القاصرات، وقيامها بمعالجة هذه القضية مع الجهات المعنية، معتبراً أنه «لا يمثل ظاهرة»، ووصفه بأن فيه «ظلماً وضرراً على القاصرات»، مؤكداً «عدم وجود موانع شرعية، أو رسمية لقيادة المرأة للسيارة، بيد أنه قرار يحتاج إلى قبول شعبي». وذكر رئيس الوفد السعودي، أن الإجراءات القضائية المتعلقة في الجرائم الكبرى، التي توجب الإعدام «محكومة بنظام الإجراءات الجزائية الذي يستوفي المعايير الدولية، وكذلك نظام المرافعات الشرعية، وتلك القضايا تنظر من جانب 13 قاضياً في المحاكم الابتدائية، ومحاكم الاستئناف، والمحكمة العليا، ولا يحكم بهذه العقوبة إلا في الجرائم الجسيمة جداً، وبعد ثبوتها بأدلةٍ قاطعة». فيما أعلن آل حسين، عن قبول توصيات أخرى، منها «الانضمام إلى بعض الاتفاقات الدولية ذات العلاقة في حقوق الإنسان، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيزها، مع مراعاة الشريعة الإسلامية وخصوصيات المملكة الثقافية، وكذلك تعزيز الحوار بين الأديان والحضارات، وأن تطلع البلدان الأخرى على تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب، وأن تواصل جهودها لإصلاح النظامين القانوني والقضائي». وأكد «إيمان المملكة بأهمية الاستعراض الدوري الشامل». وقرن فاعلية نتائج هذه الآلية، بمدى «مراعاتها لمراحل نمو وتطور المجتمعات وخصوصياتها من منظورٍ عملي، إيماناً من المملكة بهذا التوجه»، مشيراً إلى «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان»، التي تهدف إلى «الفهم المتبادل بين جميع الثقافات السائدة في العالم، واستثمار ما لهذه الثقافات من خصوصيات تثري الحياة الإنسانية، وأن الحوار هو السبيل الناجع لتلافي النزاعات والخلافات المؤدية إلى العنف والصراع بين البشر، لذا فقد راعت المملكة مبدأ إنسانية هذه الحقوق، لتشمل الجميع من دون استثناء، بل إنها امتدت إلى من ينتسبون إلى الفكر الضال، في محاولةٍ لإعادتهم إلى الطريق السوي والأسلوب الفكري، الذي انتهجته في محاربة الإرهاب، بعد انتشالهم من دوائر الانحراف، من خلال برنامجي المناصحة، وإعادة التأهيل، ما جعل التجربة الأمنية الفكرية السعودية في مواجهة هذا الفكر الضال؛ رائدةً طالبت الكثير من الدول في توصياتها بتعميمها». وحول التوصيات المُقدمة إلى المملكة، ذكر أنه تمت «مراجعتها مع الجهات المعنية الرسمية والأهلية، باهتمام، وأنه تم قبول معظم هذه التوصيات». وأكد أن المملكة «ستواصل جهودها في هذا المجال، وفاءً بحقوق الإنسان التي هي جزءٌ لا يتجزأ من الالتزامات التي تنص عليها الشريعة الإسلامية». كما أكد أن «الإرادة التطويرية تُرجمت إلى برامج تطويرية مستمرة، تعزز حقوق الإنسان وتحميها». واستعرض أمثلة توضح ما تحقق في الفترة التي تليت مناقشة تقرير المملكة. ومنها «تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة العليا، ومجلس القضاء الإداري، والمحكمة الإدارية العليا». وقال: «إن هذه التطورات تأتي في إطار نظام القضاء الجديد، الذي عزز استقلال السلطة القضائية، وإنشاء قضاء متخصص، يتمثل في المحاكم العمالية، والأحوال الشخصية، والجزائية، والتجارية، وكرس مبدأ تعدد درجات التقاضي»، مشيراً إلى المشروع الجديد لنظام المجالس البلدية، الذي «يأخذ في الاعتبار تجربة المجالس الحالية، ويهدف إلى توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية». وذكر أن «مجلس الشورى أقر نظام مكافحة الاتجار بالبشر، الذي يستوفي المعايير الدولية لمنع الاتجار بالبشر والمعاقبة عليه». وحول المستويين الثقافي والعلمي، ذكر أن «الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، أنشأت كراسي للبحث في مجالات عدة، منها حقوق الإنسان، والدراسات المتعلقة في المرأة، والأمن الفكري». وأكد أن «تعزيز حقوق الإنسان يتطلب جهداً متواصلاً، ومن المهم أن يكون متوازناً، يأخذ في الاعتبار الظروف الاجتماعية والثقافية انسجاماً مع سنن التغيير والنمو».