اعتمد مجلس حقوق الإنسان أمس نتائج استعراض تقرير المملكة في ضوء آلية الاستعراض الدوري الشامل بعد حوارٍ تفاعلي بدأ بكلمةٍ ألقاها الدكتور زيد بن عبد المحسن آل حسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان رئيس الوفد استهلها بشكر الدول الأعضاء التي انتخبت المملكة لشغل عضوية جديدة في مجلس حقوق الإنسان مؤكداً على إيمان المملكة بأهمية الاستعراض الدوري الشامل . و قرن آل حسين فاعلية نتائج هذه الآلية بمدى مراعاتها لمراحل نمو وتطور المجتمعات وخصوصياتها من منظورٍ عملي مشيراً إلى انه إيماناً من المملكة بهذا التوجه فقد جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله للحوار بين أتباع الأديان التي تهدف إلى الفهم المتبادل بين جميع الثقافات السائدة في العالم ، واستثمار ما لهذه الثقافات من خصوصيات تثري الحياة الإنسانية، وأن الحوار هو السبيل الناجع لتلافي النزاعات والخلافات المؤدية إلى العنف والصراع بين البشر . وأضاف آل حسين أن المملكة راعت مبدأ إنسانية هذه الحقوق لتشمل الجميع دون استثناء بل إنها امتدت إلى من ينتسبون إلى الفكر الضال في محاولةٍ لإعادتهم إلى الطريق السوي والأسلوب الفكري الذي انتهجته في محاربة الإرهاب بعد انتشالهم من دوائر الانحراف من خلال برنامجي المناصحة وإعادة التأهيل مما جعل التجربة الأمنية الفكرية السعودية في مواجهة هذا الفكر الضال رائدةً طالبت الكثير من الدول في توصياتها بتعميمها. وفيما يتعلق بالتوصيات المُقدمة للمملكة ذكر الدكتور زيد آل حسين أنه قد تمت مراجعتها مع الجهات المعنية الرسمية والأهلية باهتمام وأنه قد تم قبول معظم هذه التوصيات مؤكداً أن المملكة ستواصل جهودها في هذا المجال وفاءً بحقوق الإنسان التي هي جزءٌ لا يتجزأ من الالتزامات التي تنص عليها الشريعة الإسلامية . كما أكد على أن الإرادة التطويرية التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود ويتابعها باهتمامٍ بالغ سمو ولي العهد وسمو النائب الثاني قد تُرجمت إلى برامج تطويرية ٍ مستمرة تعزز وتحمي حقوق الإنسان, وذكر بعض الأمثلة التي توضح ما تحقق في الفترة التي تلت مناقشة تقرير المملكة وفق الاستعراض الدوري الشامل في دورة الرابعة للاستعراض ومنها الأوامر السامية الكريمة التي صدرت بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة العليا، ومجلس القضاء الإداري، والمحكمة الإدارية العليا. وأضاف أن هذه التطورات تأتي في إطار نظام القضاء الجديد ، الذي عزز استقلال السلطة القضائية ، وإنشاء قضاء متخصص يتمثل في المحاكم العمالة ، ومحاكم الأحوال الشخصية ، والمحاكم الجزائية ، والمحاكم التجارية ، وكرس مبدأ تعدد درجات التقاضي كما أشار إلى المشروع الجديد لنظام المجالس البلدية الذي يأخذ في الاعتبار تجربة المجالس البلدية الحالية ، ويهدف إلى توسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية . وذكر الدكتور آل حسين بأن مجلس الشورى قد أقر نظام مكافحة الاتجار بالبشر الذي يستوفي المعايير الدولية لمنع الاتجار بالبشر والمعاقبة عليه . وفيما يخص المستوى الثقافي والعلمي ذكر أن الجامعات ومؤسسات البحث العلمي ، أنشأت كراسٍ للبحث في مجالاتٍ عدة ومنها حقوق الإنسان، والدراسات المتعلقة بالمرأة ، والأمن الفكري. وفي ختام كلمته أكد أن تعزيز حقوق الإنسان يتطلب جهداً متواصلاً ، من المهم أن يكون متوازناً، يأخذ في الاعتبار الظروف الاجتماعية والثقافية انسجاماً مع سنن التغيير والنمو . عقب ذلك أتيح المجال للدول والمنظمات غير الحكومية للإدلاء بمداخلاتها حيال تقرير المملكة حيث أثنت جميع الدول على التطور المستمر الذي تشهده المملكة في مجال حقوق الإنسان وانتخابها للمرة الثانية للمجلس. ورحبت بتعاون المملكة مع آلية الاستعراض الدوري الشامل مشيدة بمساهمات المملكة الإنسانية المتمثلة في تقديمها الدعم المالي للدول الأشد فقراً , ومبادرتها للحوار بين أتباع الأديان والحضارات ، كما رحبت بإصدار نظام القضاء الجديد وتوسيع مشاركة المرأة . وأوصت باعتماد تقرير المملكة. وقبيل اعتماد التقرير أُتيح المجال للدكتور زيد آل حسين للرد على بعض الملاحظات التي أُثيرت خلال الحوار التفاعلي حيث ذكر أن بعض الملاحظات التي طُرحت تؤكد حقيقة ما أشار إليه في كلمته وهو عدم الإدراك الحقيقي للواقع المُعاش أو الاستناد إلى معلومات غير دقيقة . وذكر أن الإجراءات القضائية المتعلقة بالجرائم الكبرى التي توجب الإعدام محكومة بنظام الإجراءات الجزائية الذي يستوفي المعايير الدولية ، وكذلك نظام المرافعات الشرعية ، وتلك القضايا تنظر من قبل ثلاثة عشر قاضياً في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمحكمة العليا ولا يحكم بهذه العقوبة إلا في الجرائم الجسيمة جداً وبعد ثبوتها بأدلةٍ قاطعة . وفيما يخص العمال الأجانب ذكر بأنه لو كان هناك تمييز ضد هذه الفئة لما تزاحم للحصول على فرص عمل في المملكة أكثر من سبعة ملايين عامل . بعد ذلك أُعتمد تقرير المملكة، وهنأت الكثير من وفود الدول والمنظمات غير الحكومية المملكة على اعتماد نتائج استعراض تقريرها ، الذي وصفه الكثيرون بأنه كان وافياً وموضوعياً . الجدير بالذكر أن المملكة رفضت عدداً من التوصيات التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ومنها: إلغاء عقوبة الإعدام، وإلغاء العقوبات البدنية، ومن التوصيات التي قبلتها : الانضمام إلى بعض الصكوك الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان ، ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها مع مراعاة الشريعة الإسلامية وخصوصيات المملكة الثقافية ، وتعزيز الحوار فيما بين الأديان والحضارات ، وأن تطلع البلدان الأخرى على تجربتها في مكافحة الإرهاب ، وأن تواصل جهودها لإصلاح النظامين القانوني والقضائي . وقد مثَّل المملكة في هذا الدورة وفدٌ يرأسه الدكتور زيد بن عبد المحسن آل حسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان، والدكتور/ هادي اليامي عضو مجلس الهيئة، والدكتور/ سعيد الزهراني عضو مجلس الهيئة والأستاذ/ محمد العجاجي الخبير النظامي بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء ، والدكتور/ عبدالله الأنصاري مدير عام إدارة الشؤون القانونية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية ، والدكتور/ ناصر الشهراني أمين اللجنة الإدارية بهيئة التحقيق والادعاء العام، والأستاذ/ عبد الرحمن الرسي مدير إدارة المنظمات غير الحكومية بوزارة الخارجية وعدد من المختصين من هيئة حقوق الإنسان.