أرقام تحذيرية أطلقها طبيب سعودي, عن "القاتل الصامت" أو مرض ارتفاع ضغط الدم في السعودية, وتستحق الوقوف عندها لاتخاذ إجراءات عاجلة: "39% من شباب المملكة معرضون للإصابة بارتفاع ضغط الدم". التحذير جاء من رئيس "الجمعية السعودية لضغط الدم" الدكتور عثمان بن إبراهيم الفريج, الذي تابع تحذيره:"بالنسبة لي, هذا يمثل أخطر رقم لأنه يعتبر قنبلة موقوتة في المستقبل. وهؤلاء ال39% هم زبائن العناية المركزة وأقسام غسيل الكلى". ويحيلنا الفريج إلى معلومات جديدة كشفتها الحملة التوعوية لضغط الدم التي قادها طبيب الأطفال بالمنطقة الشرقية الدكتور صالح الشرفة في أحد المجمعات التجارية, وقال: "إن 5% من 450 طفلاً أجري عليهم الكشف خلال الحملة مصابون بارتفاع ضغط الدم, وتتراوح أعمارهم من 5 إلى 14 سنة, غالبيتهم يعانون من السمنة". ويضيف معلومات من آخر دراسة أعلنتها وزارة الصحة السعودية مع منظمة الصحة العالمية, ويقول إنها: "شملت جميع مناطق المملكة, وخلصت إلى أن 21% من البالغين مصابون بارتفاع ضغط الدم, واحد بين كل خمسة أشخاص". وأكد أنه لا فرق في الإصابة بين المرأة والرجل بضغط الدم بعد سن ال55 سنة، وأن معدل السمنة بين السعوديات يرتفع أكثر منه لدى الرجال "لذلك أعتقد أن احتمال إصابة السعوديات بالمرض أكبر قبل سن 55". إذاً, إنه "القاتل الصامت" يعبث بنا ونحن في غفلة ما بين السمنة وتناول الأطعمة غير الصحية والتدخين إلى قلة الحركة وعدم مزاولة الرياضة, يقع معظمنا فريسة مرض ارتفاع ضغط الدم. وأشارت إحصائية عالمية بثتها "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي.بي.سي) أمس إلى "أن 30% من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم, لا يعلمون بإصابتهم"، وأن "معظم البالغين مهددون بالإصابة بالمرض بعد سن الأربعين". أحد ضحايا هذا المرض سعودي في ال 26 من عمره, طلب عدم نشر اسمه, وجد نفسه مصابا بارتفاع ضغط الدم دون أن يعي كيف وصل به الحال إلى ذلك، يقول: "زاد وزني إلى 155 كيلوجراماً, لم أعد أستطيع الحركة بسهولة إضافة إلى أنني مدخن شره وأعاني مرض الربو منذ طفولتي وأصبت في أحد الأيام بأزمة صعوبة شديدة في التنفس وتسارع في نبضات القلب, فقدت الوعي أجريت لي الفحوصات واتضح أن ارتفاع ضغط الدم كاد يصيبني بجلطة". سلطان العتيبي (25 عاماً), أيضاً اكتشف إصابته بارتفاع ضغط الدم عندما فقد وعيه خلال ممارسته رياضة حمل الإثقال يقول: "لم أعان يوما من البدانة لكني أدخن ولا أشرب الماء بالقدر الكافي وأكتفي بالمشروبات الغازية والقهوة, وتناول الأطعمة الدسمة والوجبات السريعة يومياً... أتناول دواء ارتفاع الضغط لكن ما زلت أعاني صعوبة التكيف مع المرض". أما هيا المحمد (30عاماً), فلم تعلم بإصابتها بالمرض لكنها تقول: "لاحظت عندما أصاب بالتوتر أو الغضب أو عندما أتناول وجبة مالحة أو دسمة يظهر على يدي مجموعة من البثور يخرج منها دم وأشعر بحكة شديدة في جسدي, وتنتفخ أطرافي". ولم يدرك سالم (42 عاماً) أن "القاتل الصامت" كان يتربص به عندما غضب بعدما تعطلت سيارته, ارتفع ضغط الدم في جسمه, فأصيب بانفجار في دماغه وتوفي بحسب تشخيص الطبيب. خلف سالم وراءه أربعة أطفال وزوجة يعانون صدمة فقدنه منذ سنوات وحتى اليوم. أم عبدالعزيز لم تصدق الطبيب عندما قال لها إن ضغط الدم الذي يعاني منه ابنها عبدالعزيز البالغ من العمر 12 عاماً، يعادل ضغط رجل في الأربعين من عمره, وذلك بسبب زيادة غير طبيعية في وزنه مقارنة بعمره. اعتبرت الوالدة مشكلة ابنها "بسيطة" في بداية الأمر. وتقول: "تكررت شكوى ابني من صداع في الرأس ونزيف في الأنف خصوصاً عند قيامه بأي مجهود حتى لو كان بسيطاً, ولكن عندما تكرر الصداع مرتين في أسبوع واحد كنت أعتقد بأن السبب ربما كان تعرضه لأشعة الشمس. أخذته إلى الطبيب الذي أكد لي بأن ابني مصاب بارتفاع ضغط الدم, وكان لكلامه وقع الصدمة, خصوصاً عندما طلب مني إخضاعه لنظام غذائي صحي خال من الدهون ومن الملح, وأن يمارس رياضة المشي بشكل يومي. وأنا أعاني حالياً من صعوبة إلزامه بهذا الأمر, خصوصاً فرض نظام جديد للطعام". الدكتور الفريح يعتقد أن خطورة ارتفاع ضغط الدم تفوق الإصابة بمرض السرطان, ويشرح: "لأن ارتفاع ضغط الدم يصيب بعدة أمراض أخطرها جلطات المخ والقلب... وأعراضه لا تظهر بشكل يستدعي التنويم... ويحتاج تشخيصه إلى المراقبة، وقد يعيش المصاب مع أعراضه سنوات وهو لا يعلم أنه مصاب به". الأسباب ماذا عن الأسباب؟ يقول الدكتور الفريج "إن السبب الرئيسي غير معروف, ولكن التوقعات الطبية ترجعه إلى أسباب وراثية. والإنسان الذي لديه استعداد وراثي، يهيئ نفسه للإصابة بمرض ضغط الدم عن طريق أسلوب الحياة المعيشية التي ينتهجها ونوع الغذاء الذي يتناوله, فالأكل الدسم والسمنة الزائدة وكثرة ملح الطعام وقلة تناول الخضار والفواكه تساعد على الإصابة مبكراً بأمراض ارتفاع ضغط الدم وتؤدي لتصلب الشرايين وتؤثر بدورها على المخ والعين والقلب والفشل الكلوي والجلطات". أسلوب حياة ويؤكد الدكتور الفريح على "أهمية تغيير أسلوب الحياة والامتناع عن التدخين للتخلص من ارتفاع ضغط الدم, ولغير المصابين وقاية أنفسهم من الإصابة به". وحض على أهمية "نشر الوعي بالغذاء الصحي والحياة الصحية بشكل مكثف في وسائل الإعلام وفي الأسواق والمدارس عن طريق حملات يومية شاملة وثابتة". وقال إن "الجمعية السعودية لارتفاع ضغط الدم" ستطلق غدا حملة توعوية بمناسبة اليوم العالمي لمرض ارتفاع ضغط الدم في الرياض يشارك فيها 50 طالباً من كلية الطب بجامعة الملك سعود بإشراف أستاذة طب الأسرة بالجامعة الدكتورة الجوهرة القويز لمدة يومين، في الأسواق أركان توعوية يقاس فيها الضغط وتقدم جميع المعلومات الخاصة بضغط الدم. تقسيمات المرض وأشار إلى أن عدم وجود دراسة توضح تفاوت نسبة الإصابة بالمرض في مناطق المملكة، دعا الجمعية بالتعاون مع وزارة الصحة لإطلاق مشروع دراسة لمعرفة تقسيمات المرض بالنسبة للمدن الحضارية والمناطق النائية من جانب أسلوب الحياة بين القرى والمدن وهو طويل المدى أيضا سيستغرق 5 سنوات، كما سيقيس توزيع نسب المرض بين الفئات العمرية بين النساء والرجال والكبار والشباب والأطفال والجوانب الاجتماعية مثل المستوى التعليمي والمعيشي ثم التعرف على القواعد السعودية على تطور المرض. برامج وذكر الدكتور الفريح أن الجمعية السعودية للضغط تتعاون مع وزارة الصحة لنشر الوعي الصحي للأطباء وخاصة للطريقة الصحيحة لرعاية مرضى ضغط الدم. وشدد على أن غياب الاهتمام به بالصورة المطلوبة أدى إلى زيادة خطورة المشكلة. "لذلك وضعنا بالتعاون مع وزارة الصحة برنامجاً طويل المدى أطلقنا عليه اسم: نماذج سعودية للوقاية من مرض ضغط الدم. والوقاية أهم من علاج المصابين بالضغط. وهذا البرنامج للوقاية من مرض ضغط الدم, هو مشروع طويل المدى ومكثف ويستغرق وقتاً طويلاً لتظهر نتائجه. ولدينا مشروع مع وزارة الصحة سيبدأ قريبا في الجوف والمنطقة الغربية والجنوبية. هذه النماذج هي لاختبار مدى فاعلية البرامج الوطنية وتأثيرها في تغيير أسلوب حياة الناس وعلاجه وتستغرق من 5 إلى 10 سنوات لمراقبتها". وأضاف: "إنه مشروع صعب وطويل المدى ونتائجه غير ملموسة مباشرة, وقبل نشرة يجب أن نجرب هل يقبل المجتمع السعودي حملة لمنع انتشار هذا المرض والحماية منه؟. الحملة عبارة عن برنامج شامل لتغيير أسلوب الحياة وتشمل محاربة السمنة والسكري بحيث نحقق عدة أهداف في الوقت نفسه".