من المنتظر أن يرفع مجلس الشورى هذا الأسبوع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين قراراً يُلزم الأجهزة الحكومية المختلفة بالتقيد بمرسوم الميزانية العامة للدولة، ويشدد على الحد من التأمين المباشر، ويطالب ديوان المراقبة العامة بسرعة وضع الضوابط والإجراءات التي تضمن تسوية وسداد العهد وأرصدة الأمانات في وقتها المحدد، ومحاسبة المسؤولين عن مخالفة الأنظمة الخاصة بهذا الشأن. ويأتي ذلك بعد أن رصد تقرير لديوان المراقبة العامة، تمادي عدد من الجهات الحكومية في تكرار أسلوبها الخاطئ في التعامل مع الأرصدة والعهد والأمانات. وشدد تقرير لمجلس الشورى سترفع توصياته إلى الملك بعد إقرارها غداً الأحد على تسوية أرصدة العهد والأمانات، حيث لاحظ ديوان المراقبة العامة استمرار تضخم أرصدة العهد وتجاوزه 25 مليار ريال ، ونمو أرصدة حسابات الأمانات حيث بلغت (19،31) مليار ريال في كثير من الجهات، واعتبر الشورى ذلك مخالفة لقواعد وإجراءات إقفال الحسابات وقرار مجلس الوزراء الصادر عام 1420 الذي يؤكد على تسديد تلك الأرصدة وعدم تدويرها، كما أن زيادة هذه الأرصدة يعكس ضعف كفاءة الإدارة المالية. وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها ديوان المراقبة العامة ووزارة المالية في شأن أرصدة العهد، إلا أن كثيراً من الأجهزة الحكومية لا تزال مستمرة في تدوير العهد من عام لآخر وصرف عهد جديدة وعدم متابعة تسديدها في مواعيدها المقررة لها. ويرى المجلس حسب تقرير لجنته المالية أن مشكلة تراكم أرصدة العهد والأمانات لدى الكثير من الجهات الحكومية وعلى مدى سنوات عدة، تستوجب وقفة مراجعة ومحاسبة من قبل الديوان حسبما ينص نظامه، ووضع خطوات عملية واضحة ومحددة لتسوية أرصدة العهد والأمانات القديمة، وكذلك وضع ضوابط محددة لإحداثها والصرف منها، علاوة على محاسبة ومساءلة المسؤولين أولاً بأول عن تأخير تسوية العهد ودفع الأمانات وسوء استعمالها كأداة مالية موقتة مجلس الشورى حدد غداً الأحد موعداً للتصويت على توصيات إحدى لجانه بهذا الشأن إضافة إلى توصية سيصوت عليها فور الانتهاء من مناقشته وهي" تكليف ديوان المراقبة العامة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتقييم نظام المنافسات والمشتريات الحكومية وتقديم تقرير مفصل عن إيجابيات وسلبيات النظام ولائحته التنفيذية". وطالب المجلس لمعالجة الإشكالية التي وقف عليها ورصدها في تقريره المشار إليه وهي حجب عدد من الجهات الحكومية لبعض البيانات والعقود عن الديوان لمبررات مختلفة وهو ما يشكل عقبة في طريق الديوان للقيام بمهمة الرقابة كما أنه سيكون مدخلاً للفساد وسوء الإدارة للمال العام، طالب الجهات المشمولة برقابة الديوان بتزويده بكافة المعلومات والمستندات التي تمكنه من مباشرة اختصاصاته وعدم تأخيرها تنفيذاً لما نص عليه نظامه، مع محاسبة الجهات غير المتعاونة. وأكد الشورى على أن نظام ديوان المراقبة العامة لم يتضمن أي استثناءات في هذا الشأن لأي جهة لحجب أي معلومة أو بيان أو عقد تبرمه الجهات الحكومية. يذكر أن عمليات المراجعة المالية للحسابات ورقابة الأداء التي قام بها ديوان المراقبة العامة خلال عام واحد فقط، أسفرت عن صرف بعض الأجهزة الحكومية مبالغ دون وجه حق، بلغت أكثر من مليار، ومخالفة الأنظمة والتعليمات المالية النافذة. وأوضح الديوان أن هناك أكثر من 81 مليار ريال مستحقات لصناديق الإقراض المختلفة والعهد والأمانات، وقيمة متراكمة لاستهلاك المياه. ولاحظ الديوان التوسع في إجراءات المناقلات بمبالغ كبيرة شملت معظم بنود وأبواب الميزانية العامة للدولة وقد بلغ ما نقل بالكامل من اعتمادات الباب الرابع خلال خمس سنوات (23 1428) أكثر من 17 مليار ريال، ويؤدي النقل من بنود الباب الرابع بشكل مباشر إلى تأخر تنفيذ العديد من المشروعات التنموية ذات الأولوية والصلة الوثيقة بمصلحة المواطن. الديوان اقترح عددا من الحلول لمعالجة أوجه القصور والملاحظات التي رصدها وجاء في مقدمتها المتابعة الجادة والمستمرة لتنفيذ عقود المشروعات والخدمات بكفاءة وجودة عالية، ضمن المدد المحددة وتطبيق نصوصها بحزم في حالة التقصير أو التأخر. ويرى الديوان من السبل الممكنة لمعالجة القصور، مساءلة الأجهزة الحكومية عند مناقشة تقاريرها السنوية عما تم انجازه من خططها ومشروعاتها المعتمدة وما تم حيال ملحوظات الديوان على أدائها، وتوخي الدقة في تقدير الاعتمادات المالية وفق الحاجة الفعلية والقدرة على الاستفادة منها والتحقق من جاهزية المشروعات للتنفيذ قبل إدراجها في مشروع الميزانية. ويطالب الديوان بإلزام الأجهزة المعنية بحسن استغلال ممتلكاتها ومواردها الذاتية وإحكام الرقابة عليها لمنع التعدي عليها والحرص على تحقيق أفضل مردود ممكن عليها وعلى المجتمع، والتأكيد على الأجهزة المشمولة برقابة الديوان بوجوب التقيد بالأنظمة والتعليمات المالية النافذة ومحاسبة المقصرين، وتفعيل مبدأ المساءلة وتطبيقه بحزم في إطار خطة الإصلاح الشامل، والمسارعة إلى تأسيس وحدات المراجعة الداخلية في جميع الأجهزة. من جهتهم تساءل أعضاء مجلس الشورى لدى مناقشة تقرير أخير للديوان عن ضعف التحصيل ومخالفة الجهات الحكومية للأنظمة والتعليمات المالية خاصة في ظل وجود نحو 26 مليارا لم يتم تسديدها ومازالت تعتبر عهدا تحت التحصيل لدى جهات وأفراد حكومية، ودعا عدد من أعضاء المجلس إلى ضرورة التنسيق بين الديوان وهيئة مكافحة الفساد. وشدد أعضاء على متابعة المشاريع المتعثرة والتي لم تنفذ حسب تقرير العام المالي (28 1429 ) والتي تجاوزت 500 مشروع بقيمة 31 مليار ريال. ودعا أعضاء إلى مراجعة وتحديث نظام ديوان المراقبة العامة الذي مضى على صدوره أكثر من 29 عاما وطالبوا بسرعة إقرار النظام المقترح المرفوع للمقام السامي منذ عام 1418 ونبهوا على الأخذ بالحسبان العلاقة بين الديوان واختصاصات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحماية النزاهة. وطالب أعضاء بأن يقف المجلس وقفة حازمة لوقف إهدار المال العام متسائلين عن استمرار الخسائر في استثمارات عدد من الشركات مثل سابك و الاتصالات التي تقوم بالاستثمارات خارجية.