ترك وجود طفلة معوقة في الخامسة من عمرها، منومة في مستشفى جازان العام بلا مرافق، صورة مأساوية في نفوس المرضى المنومين والمراجعين الذين علموا بقصتها المؤلمة، خاصة أن الطفلة محرومة من حنان الأم والأب نتيجة لظروف أسرية عاصفة أدت إلى طلاقهما، انتقلت بعدها للإقامة مع جدها لأمها وثلاثة أشقاء لوالدتها، يعاني أحدهم من صعوبة في النطق. ولوصول الطفلة للمستشفى قصة أخرى، ففقد ذكر حمزة عقيليي فاعل خير كما عرف عن نفسه أن الطفلة المعوقة عاشت بعد طلاق والديها في رعاية جدها في ظروف معيشية صعبة في منزل يفتقر لأبسط مقومات الحياة، ويضيف: كنت في زيارة لصديق وهو جار لأقرباء الطفلة في حي الروضة في جازان، وأثناء وجودي هناك نما إلى سمعي بكاء متواصل صادر من المنزل وقريب من مكان تواجدنا، وبتقفي أثر الصوت علمت أنه من غرفة في الدور الثاني من نفس البناية، وبدخولي الغرفة هالني منظر طفلة صغيرة معوقة تعيش في بيئة لا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة الكريمة. وزاد: لمحت الطفلة المعوقة مستلقية على البلاط تبكي بصوت مرتفع، وتمسك بيدها أكياسا بلاستيكية تضعها في فمها وحالتها مزرية وفي صحة حرجة، فاتصلت بالهلال الأحمر الذي تولى مهمة نقلها للمستشفى، عقبها توجهت مع جدها وأخوالها إلى مستشفى جازان العام وتم استقبالها في غرفة الطوارئ ومن خلال الفحوصات اتضح أنها تعاني من فقر دم ومصابة بالأنيميا الحادة وبحاجة لنقل دم عاجل، فضلا عن إصابتها بشلل دماغي وتخلف عقلي وجسمي وشلل رباعي. وتابع عقيلي «طلب قسم الاستقبال في المستشفى إثبات الطفلة بشهادة ميلاد، فاتصل خالها بوالدتها لإبلاغها بوضع ابنتها، إلا أن ردها كان قاسيا للغاية ولا يحمل أدنى عاطفة إنسانية ولا مشاعر الأمومة، حيث طلبت من شقيها ترك الطفلة عند بوابة أي مسجد، وهذا الحديث سمعه كل المتواجدين عبر سماعة الجوال -على حد قوله». وتابع: طلبت من جد الطفلة وأخوالها التوجه للشرطة وإبلاغهم بأمر الطفلة بناء على رغبة المستشفى كونها لا تحمل شهادة ميلاد أو أي إثبات يؤكد هويتها ويثبت صلة قرابة جدها وخالها لها، وبعد مرور ست ساعات طلبت من الجد المكوث مع الطفلة في المستشفى، إلا أنه اختفى عن الأنظار وغادر المستشفى بعد ساعة من مرافقته لها، فاتصل بي المستشفى لأن الطفلة باتت دون مرافق، فطبت مرة أخرى من خالها محمد بمرافقتها مقابل مبلغ مالي ووفرت لها الحليب والحفائظ وصرفت عليها طلبا للأجر ولكن بعد أربعة أيام غادر الخال غرفة تنويم الرجال تاركا داليا وحدها، بعدها تم نقلها إلى قسم تنويم الأطفال في القسم النساء». وأردف: مضى على وجودها في المستشفى أسبوعان، حيث باشرت في 21/12/1432ه، وتم إبلاغ حقوق الإنسان الشرطة بالقضية، فيما خاطب مستشفى جازان الشؤون الاجتماعية لاستلام الطفلة بعد تماثلها للشفاء وإخضاعها للتأهيل الشامل. ويضيف: استلمت الأربعاء الماضي خطاب تحويل من مستشفى جازان إلى التأهيل الشامل بعد إنهاء الإجراءات مع الشرطة والجهات المعنية الأخرى، ورغم ذلك لم يتم التحويل ومازالت الطفلة في المستشفى. وأوضح العقيلي أن جد الطفلة أقر في التحقيق أن والدي الطفلة المنفصلين بالطلاق قبل أربع سنوات تقريبا لا يرغبان في حضانتها، مشيرا إلى تقدمه ببلاغ لحقوق الإنسان ومطالبته باسم فاعل خير، بالتدخل والنظر في وضع الطفلة ومساعدتها وتسريع إجراءاتها مع جهات الاختصاص، خصوصا أنها معنفة أسريا كونها بعيدة عن حضانة والديها وتعيش في عزلة مع جدها وأخوالها في ظروف معيشية سيئة وفاقدة للرعاية والحنان وباتت مشردة دون ملجأ أو مأوى أو عطف. وفي زيارت منزل جد الطفلة، حيث عاشت داليا مع أشقاء والدتها وجدها في غرفة بحمام في الدور الثاني في بناية سكنية في حي الروضة في جازان، وهي غرفة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فالمنزل خال من النساء ودون أجهزة كهربائية وأسرة وخزائن ملابس، فقط الملاحظ وفرشة على البلاط، حيث كانت تنام داليا لمدة عامين قبل نقلها للمستشفى، والجد نفسه يعاني من مشاكل صحية وليس مسجلا في الضمان الاجتماعي ويحتاج للمساعدة، وهنا ذكر الجد أنه تولى رعاية الطفلة بعد رفض والديها حضانتها. ويضيف: نتولى رعايتها أنا وأبنائي محمد، أحمد، وإبراهيم ولكنهم لا يحسنون التعامل معها كونها معوقة وتحتاج إلى رعاية خاصة. وزاد «تخلت والدتها عن حضانتها وطلبت تركها عند أي مسجد»، وتابع: والد الطفلة كان موقوفا في السجن ومتزوجا بأخرى وأثناء سجنه ذهبت بالطفلة إلى أهل والدها إلا أنهم رفضوا استلامها وعند خروجه من السجن رفض أيضا استلامها، فالطفلة منذ ولادتها عاشت في قسم الحضانة، وبعد انفصال والديها وزواج الأم عاشت فترة قصيرة معها قبل أن تتخلى عنها نهائيا، فيما بين خال الطفلة محمد، أن شقيقته تخلت عن طفلتها بصفة نهائية. ويضيف: توليت مهمة تنظيفها وإطعامها وتبديل الحفاظات لها، مشيرا إلى أن الطفلة كثير البكاء والصراخ خاصة في الليل، وخلص إلى القول: جميعنا بلا عمل، وشقيقي أحمد يعاني من التوحد ومصاب بمرض نفسي وتعليمنا متواضع وظروفنا المادية صعبة. إلى ذلك، أكد المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة جازان الدكتور أحمد يحيى بهكلي، تلقي الجمعية بلاغا بخصوص الطفلة المعوقة من قبل فاعل خير، وتم فتح ملف للقضية، ووجه مستشار الجمعية بدراسة الحالة للتأكد من وضعها، وسيتم مخاطبة الشؤون الاجتماعية والشؤون الصحية، لبحث الحالة الاجتماعية لأسرة الطفلة ومعرفة الأسباب التي أدت إلى تأخر الشؤون الاجتماعية في استلام الطفلة من صحة جازان، وأيضا أسباب تخلي والديها عن حضانتها، فيما اعتبر مستشار الجمعية العباس بن حسن بشير الحالة، حالة تعنيف أسري، مؤكدا متابعة الجمعية للقضية وتأمين حياة كريمة للطفلة.