يعتبر الفتق أو ما يسميه البعض "الفتاق" الحالة الأكثر شيوعا من حيث الحاجة للجراحة عند الأطفال حيث تبلغ نسبة حدوثها 20-10/1000 طفل، وتكثر عند الذكور مقارنة بالإناث (1:4)، تظهر 50% من الحالات تقريبا قبل عمر السنة، ويشاهد معظمها خلال الأشهر الست الأولى. يعتبر الفتق الأربي (منطقة التقاء الفخذ مع البطن) غير المباشر أكثر أشكال الفتوق شيوعا عند الأطفال، والفتق المباشر نادر الحدوث حيث تشكل نسبة 1%. تقريبا منها، ونقصد بالفتق المباشر ذلك الذي يظهر مباشرة عبر جدار البطن فيما يظهر غير المباشر بالنزول الى كيس الصفن عند الذكور حيث يظهر تورم مجاور للخصية. حوالي 60% من الفتوق الأربية تظهر في الجانب الأيمن. 30% في الجانب الأيسر وتكون ثنائية الجانب في 10% من الحالات، والملاحظ وجود نسبة حدوث أعلى لها عند الرضع الخدج إذ تحدث عند ما نسبته 30% منهم. كيف يتكون الفتق "الفتاق"؟ تهبط الخصيتان الى كيس الصفن في حوالي الأسبوع 28 من الحمل، وتنظم الهرمونات الذكرية عملية نزول الخصية عبر القناة حيث تصل إلى كيس الصفن في الأسبوع 29 تقريبا يهبط المبيضان أيضا ضمن الحوض لكنهما لا يغادران تجويف البطن. تلتحم فتحة القناة في الأسابيع الأخيرة القليلة من الحمل أو بعد الولادة بفترة قصيرة، بصورة طبيعية. في حالة الاخفاق في سد مدخل القناة والذي يحدث بشكل طبيعي يؤدي هذا الى اعطاء فرصة لاي من مكونات البطن من الامعاء الى النزول عبر تلك القناة. الاعراض السريرية: تظهر كل الفتوق عادة على هيئة انبعاج باتجاه كيس الصفن أو ضمنه، يلحظ أحد الوالدين وجود الانبعاج والذي قد يبدو بشكل اكبر عند البكاء أو الضغط للأسفل، وعندما يكون الطفل نائما أو مسترخيا يرتد الفتق عفويا. يعطي ارتداد الفتق الى داخل البطن في حالة استرخاء الطفل او في حالة كونه مستلقيا اطمئنان اكثر في عدم حدوث اختناق للامعاء وسط القناة التي تربط بين تجويف البطن وكيس الصفن. ولفحص الطفل وخاصة عند الرضع يوضع مستلقيا مع ساقين ممتدتين واليدان فوق الرأس مما يدفع الطفل للبكاء وبالتالي رفع الضغط ضمن تجويف البطن وبروز الانبعاج في الصفن. أما الأطفال الأكبر سنا، فيمكن فحصهم بوضعية الوقوف التي يرتفع فيها الضغط ضمن تجويف البطن أيضا مما يوضح الفتق. هناك حالات جراحية اخرى تشبه حالات الفتق فعلى سبيل المثال الاستسقاء داخل كيس الصفن ووجود السوائل حول الخصية يشكل انتفاخا في كيس الصفن ويضع الحالة مشابهة لحالة الفتق. وحيث ان الحالة الاولى عادة لا تستدعي جراحة في حين تستطب الجراحة في الحالة الثانية فان التشخيص الدقيق لذلك من الامور المهمة. ويمكن بسهولة التمييز بينهما ففي حالة الرضيع المصاب بالفتق الكامل يختلف حجم التورم الموجود في الصفن خلال النهار، حيث يكون كبيرا عادة عندما يبكي الطفل أو يبذل جهدا ويختفي أو يتضاءل حجمه كثيرا خلال فترات الاسترخاء، أما الاستسقاء حول الخصية فلا يتغير حجمها خلال اليوم وعادة ما تختفي على مدى السنة الأولى من العمر. ويمكن ايضا تمرير الضوء عبر كيس الصفن في غرفة مظلمة لايضاح مكونات كيس الصفن وحجم الخصية والنظر الى مدى امكانية تمرير الضوء من عدمه للتفريق بين الحالتين.. ويمكن للمثانة الممتلئة أن تسد الفوهة الداخلية للقناة مما يمنع إيضاح الفتق ويساعد إفراغ المثانة على تحاشي ذلك. تشاهد نسبة حدوث للفتوق غير المباشرة بشكل اكبر عند الأطفال ذوي القصة العائلية الإيجابية لحدوث الفتق وخلع الورك الولادي وعدم نزول الخصيتين والعيوب الخلقية في جدار البطن. المعالجة: يشكل العمل الجراحي اهم خطوة حيث يمكن اجراؤها بشكل عاجل او روتيني تبعا لحالة الطفل المصاب حيث ان الفتق الاربي لا يتلاشى بصورة عفوية، وفي حال عمل الجراحة بشكل روتيني فلا يجب التأخر كثيرا في اجرائها تحسبا للخطر العالي لحدوث اختناق الامعاء داخل القناة خاصة خلال السنة الأولى من العمر. اما استخدام بعض الوالدين للاربطة او الاحزمة لمحاولة ارجاع التورم الى تجويف البطن فان ذلك يحمل خطورة عالية ولا يجب ممارستها. يبلغ خطر حدوث الاختناق في الفتق أعلى عند الأطفال الذين يقل عمرهم عن السنة (30% تقريبا)، مع تركز معظم حالاته عند الأطفال الذين يقل عمرهم عن ستة أشهر، استنادا إلى المعطيات السابقة. عند وجود طفل مصاب بالفتق في جهة واحدة يجب فحص الجهة الاخرى واستبعاد ما اذا كان هناك بداية لحدوث أي فتق آخر فقد بينت دراسة أجريت في اليابان وتضمنت متابعة لعدة سنوات ولعدد كبير من المرضى عقب إصلاح فتق وحيد الجانب عند الأطفال، أن نسبة حدوث فتق في الجهة المقابلة تبلغ تقريبا (12%)، ومن خلال هذه الدراسة وعدة دراسات أخرى برزت مسألة تتعلق. بمدى الحكمة التي تبرر الاستكشاف الجراحي الثنائي الجانب لحالات الفتوق وحيدة الجانب بصورة روتينية. حيث يستطيع الجراح عند اصلاح الجهة المصابة بالفتق الكشف على الجهة الاخرى السليمة والتأكد من مدى كفاءتها وقوتها حتى لا يحتاج الطفل لعمل تخدير آخر وعملية مستقبلية اخرى. من الاهمية بمكان مراعاة ما اذا كان الطفل المصاب بالفتق متزامنا مع وجود بعض الامراض الخلقية في القلب حيث يستطب البدء ببعض المضادات الحيوية قبل البدء في اجراء العملية الجراحية. الفتق السري إذا كانت منطقة السرة عند الطفل بارزة للخارج وتزداد عند البكاء فقد يكون ذلك فتقا سريا وهو بسبب ثقب صغير في الجزء العضلي من جدار البطن حيث تسمح بظهور ذلك الانتفاخ عندما يكون الضغط داخل البطن عاليا كما في حالة البكاء او الكحة. وهذا النوع من الفتق اقل خطورة من الفتق الاربي الذي ذكرناه سابقا فمعظم الحالات من هذا النوع تشفى من تلقاء نفسها في الأشهر الأولى 12- 18 شهر. ولكن في قليل من الحالات ولأسباب غير معروفة يستغرق وقتا أطول للشفاء عند بعض الأطفال عندها قد يحتاج الطفل الى اجراء عملية جراحية لاغلاق فتحة الفتق وغالبا لا يحتاجها الطفل المصاب قبل سن الرابعة من العمر. في بعض الحالات يلجأ الوالدان الى وضع قطعة معدنية "عملة" لسد ذلك الانتفاخ وهو امر لا داعي له وقد يكون ضارا. في حين وضع حزام دائم على البطن قد يؤدي الى ضعف عضلات البطن واسترخائها.