علا صوت الصراخ والتصفيق فجأة في احد المقاهي غرب مدينة غزة مبدداً هدوءاً إجبارياً حبس أنفاس عشرات الزبائن كانون يتابعون عبر التلفاز الليلة الماضية، مباراة في كرة القدم ضمن دوري "الليغا" الاسباني. الأرجنتيني ليونيل ميسي هو من ألهب عشاق الفريق الكتالوني "برشلونة" عندما سجل هفاً مبكراً في مرمى خصمه فريق "اشبيلية". ويحظى الدوري الاسباني لكرة القدم وهو من أقوى الدوريات في العالم، بجماهيرية ومتابعة واسعة في قطاع غزة المحاصر من الصغار والكبار من كلا الجنسين. ويعتقد محللون وأخصائيون نفسيون، أن هذا الإقبال الكبير من أهالي القطاع (1.5 مليون نسمة) للدوري الأسباني، هو محاولة منهم للهروب ولو لساعات قليلة من حالة الإحباط واليأس التي يمرون بها نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ حوالي أربعة أعوام. انتهت مباراة "البرشا" كما يطلق عليه محبوه بفوزه على "اشبيلية" بنتيجة 3-2، ليحلق بصدارة الدوري الاسباني بفارق نقطة واحدة عن مطارده الفريق الملكي "ريال مدريد" الذي سحق في نفس التوقيت فريق "اتلتكوا بالباو" بخمسة أهداف مقابل هدف يتيم. ارتسمت الفرحة على وجه الشاب عاهد سلامة (29 عاماً) بفوز برشلونة، وقال ل "السعودية": "إن شاء الله البرشا سيحصل على الدوري هذا العام". "برشلونة فريق قوي ويضم نخبة من أفضل اللاعبين في العالم وعلى رأسهم ميسي، لذلك هو فريق يستحق كل الاحترام والتقدير" أضاف سلامة. وأصبح الحديث عن مباريات الدوري الاسباني لكرة القدم الشغل الشاغل لسكان قطاع غزة في جميع الجلسات والمناسبات. ملابس لاعبي الفريقين الاسبانيين (برشلونة والريال) تشهد اقبالاً كبيراً على اقتنائها من الصغار والكبار وخاصة ملابس النجمين ميسي ورونالدو. وعن سبب اقباله الشديد على متابعة مباريات الدوري الاسباني، أرجع سلامة السبب الأول لذلك هو محاولة للخروج من الحالة النفسية التي يمر بها في ظل الحصار الإسرائيلي، وثانيها للقضاء على حالة الملل ووقت الفراغ الطويل. وأكد أنه يجد متعة كبيرة في متابعة "الليغا" الاسباني تنسيه هموم الدنيا لساعات معدودة. وليس بامكان الجميع في غزة متابعة مباريات الدوري الاسباني، بسبب بثها على القنوات المشفرة. رفيق من عشاق فريق "ريال مدريد"، كان سعيداً جداً بالفوز الكبير للفريق الملكي، لكنه كان يتمنى أن يٌهزم أو يتعادل فريق "البرشا" ليتخطاه الريال في صدارة الدوري الاسباني الذي شارف على الانتهاء. "الريال فريق كبير وصاحب تاريخ كروي عريق أتمنى أن يفوز ببطولة الدوري" قال رفيق. ويبدي رفيق إعجابه الشديد باللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو ويصفه بأنه "أفضل لاعب في العالم" لأنه يتمتع بمهارات عالية. وكغيره من سكان القطاع يعزو رفيق (25 عاماً) سبب متابعته لمباريات الدوري الاسباني الى قوة الدوري لان فرقه وخاصة الريال والبرشا تضم لاعبين مخضرمين ومحترفين. وأضاف رفيق أن من الأسباب الأخرى التي تدفعه لمتابعة مباريات كرة القدم، هو محاولته الهروب من الوضع السائد في غزة نتيجة الحصار وانعدام فرص العمل. وأشار الى أنه يأتي للمقهى لمتابعة المباريات لأنها تبث على القنوات المشفرّة، وكذلك لانقطاع الكهرباء وقت المباريات. ولا تقتصر متابعة مباريات الدوري الاسباني على الكبار فقط، فالطفل "نائل عبد السلام" (12 عاماً) رغم أن الوقت كان متأخرا في ساعات الليل، الا أنه أصّر على متابعة مباراة برشلونة واشبيلية برفقة والده. "أشجع فريق برشلونة لأنه أفضل فريق في العالم" قال نائل. وأبدى إعجابه الشديد باللاعب الأرجنتيني ميسي، متمنياً أن يكون لاعباً مثله في منتخب فلسطين الوطني لكرة القدم عندما يكبر.