من الصعب الحديث خارج نطاق العواطف في مجال السياسة و خاصة في المجتمعات الشرقية حيث الانفعال هو سيد الموقف أذا صح التعبير, و قد تزيد الصعوبة عندما يصبح الكاتب محايداً تمام الحياد, حيث يريد كل طرف من أطراف النزاع جره إلى جانبها, كما يقول المثل الشعبي: الكل يريد جر قرص الخبز إلي ناره! كتبنا في الموضوع السوري في أكثر من موقع إعلامي و منبر صحفي, و لعل المفارقة أن كاتب هذه السطور أول من تنبأ باستهداف الثورات الناعمة لضرب الدولة السورية و للخط المقاوم بشكل عام, قبل أن يبدأ أي حدث في ذلك القطر العربي بالتشكل. حيث ذكرنا بالنص:"باعتقادي، إن ثورات الألوان أو الثورات المخملية تمت صناعتها في معامل الأبحاث الاجتماعية الموجودة في الغرب لضرب التيار المقاوم في الأمة الممثل في الخط المقاوم في لبنان وقلعة الصمود سوريا بالإضافة إلى نظام الجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران. و تمت تجربة الأمر أول مرة في جورجيا للإطاحة بالرئيس المعارض للغرب، باستخدام تلك الأساليب الجديدة القديمة، حيث تم استخدام قوانين علم الاجتماع أول مرة من خلال تحريك هذه القوانين للأسباب تجارية، حيث تحرك البريطانيون في القرن الثامن عشر، لنشر المسيحية بين الوثنيين في أفريقيا ومن ثم تم نشر مسألة أن المسيحي الذي يحب عيسى الرب عليه أن يزور الكنيسة. و ما اختلف هو أن هناك حرمة الذهاب للكنيسة من غير بنطال وقميص، ومن ثم تم تحريك الأمر من خلال انتشار طلبات الأقمشة إلى زيادة إنتاج مصانع الأقمشة في مانشستر مما أتي إلى الخزينة البريطانية بملايين من الجنيهات. و يستمر الأمر من خلال دراسة أنماط الاستهلاك في الشعوب ولذلك تجد أن العديد من المصانع الدولية العالمية تطلب سيسيولوجيين أي علماء اجتماع لذلك الغرض. واستخدم غاندي تلك المسألة عندما حرك مسألة السلبية في الدين الهندوسي إلى موقع قوة من خلال مسألة اللاعنف وقهر بها الاستعمار البريطاني. واستخدم كذلك الشهيد علي شريعتي تلك المسألة لقلب المجتمع الإيراني من حال إلى حال وليتم تدمير شاهنشاهية ملكية عمرها أكثر من ألفين وخمسمائة سنة ليتم صناعة نظام لجمهورية إسلامية على أرض إيران. إن هناك تطوراً جديداً سريعاً لعلم الاجتماع حالياً يتم استخدام ذلك في ما يسمى الثورات المخملية الألوان. تلك الثورات التي أفشلها الخط المقاوم في لبنان لما يتمتع به الجهاز الاستخباراتي للخط المقاوم من قوة وعي وهذا ما تجلى في خطاب السيد حسن نصر الله حينما قال : نحن لسنا جورجيا! إن القيادة هناك كانت واعية للمسألة من خلال نجاح المؤسسة وهذه الخطط للثورات أفشلتها المؤسسة الاستخباراتية الموجودة في نظام الجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران، حيث وعي الإسلاميين في النظام من خلال مؤسساتهم الاستخباراتية للمسألة التي تجري ضدهم، لذلك تم بنجاح إحباط المؤامرة هناك بنجاح. و هناك قبل الأحداث الجارية الآن في المنطقة العربية مراكز استخباراتية أميركية موجودة تحت مظلات اسمية وهمية وهؤلاء يقدمون دورات تدريب لمدة شهرين إلى ثلاثة" وقلنا في موقع آخر: "إن خروج آليات وطرق عمل هذه الثورات وضربها أنظمة موالية للاستكبار كمصر وتونس واليمن هو محصلة لخروج خطط الاستكبار عن السيطرة. بمعني أن الجماعة حسبوها خطأ ؟! وذهابها إلى أبعد من المدى المحدد لها للتطبيق وهذا باعتقادي من الأشياء التي لم يحسب لها الاستكبار حساباً؟ أما عودة الخطط مع آلياتها وطرقها للتطبيق على النطاق المقاوم فهو عودة للخطط إلى خط التطبيق الاستكباري لما كان العمل جارياً له بالأساس". وذكرنا في بداية الإحداث ما يلي: "إنا أتصور أن المسألة السورية تتحرك في خط التآمر الاستخباراتي الذي صنع بالأساس آليات الثورات الناعمة لضرب الخط المقاوم في المنطقة وهذا التآمر تغلبت عليه وانتصرت فيه المؤسسات الاستخباراتية لحزب الله وكشفته مسبقاً فيما يُعرف بثورات الألوان وكان يوم 7 أيار يوم الحسم حيث انتصر التيار المقاوم وفرض كلمته على تيار المرتبط استخباراتياً من حيث يعلم أو لا يعلم بالتخطيط الناعم لضرب المقاومة بمنديل حرير من حركات الألوان اللاعنفيه المرتبطة بالدعاية والبروباغندا الإعلامية بعد أن عجز عن ضرب المقاومة بالسلاح والحرب المباشرة. وهذا أيضاً ما كشفته الجمهورية الإسلامية بأجهزة مخابراتها وانتصرت عليه فيما عُرف بالثورة الخضراء. أنا أتصور أن آليات الحرب الناعمة خرجت عن نطاق سيطرة الاستكبار لتضرب أنظمة حليفة والخروج عن السيطرة ليس حدثاً جديداً حيث خرجت مبادئ ويلسون الأميركية الداعمة لنشر القومية عن سيطرة الأميركان ليتحرك العرب بها كمشروع نهضة ضد الاستعمار. و كما خرج أسامة بن لادن والأفغان العرب عن نطاق السيطرة وهم صنيعة استخباراتية بامتياز كما هو معروف بتنظير أميركي ولعل لقب مقاتل من أجل الحرية هو لقب أمريكي بحت أطلقته مجلة التايم على بن لادن! قبل خروجه عن السيطرة هو وتنظيمه. نحن نرى الموضوع السوري عودة استكبارية لضرب الدولة السورية لما تمثله من دولة ولست أقول نظام تتحرك خارج الإرادة الاستكباراتية ودولة حققت الاكتفاء الذاتي فامتلكت قرارها ولكنها في الوقت نفسه كدولة أعطت الوقود للثورة ضدها من خلال الحالة الأمن الداخلي وفقدان آليات سياسية والتدوير للقيادات وعدم تفعيل الديمقراطية الداخلية داخل الحزب الحاكم وأمور أخرى كثيرة معروفة للجميع" أن علينا إن نضيف شيئاً مهماً وهو أن ما يُعرف بأنظمة المقاومة و الممانعة هي في الوقت نفسه من خلقت أجواء التآمر عليها من خلال قتلها لتطلعات شعوبها بحياة إنسانية كريمة و بوضع معيشي آدمي مريح و براحة من التعامل مع الأنظمة الاقتصادية والإدارية لتلك البلدان, للأسف نقول إن دول الممانعة والمقاومة هي جحيم الله في أرضه فيما يخصّ راحة الإنسان بمعيشته واستقراره النفسي من حيث اطمئنانه على مستقبله الشخصي و عائلته كذلك. إن أي مشروع نهضوي يريد صناعة الإنسان الحضاري هو فاشل إذا تخلى عن ركيزته الأساسية وهي الإنسان ذاته. لنذكر مثال من الواقع و نقول: ما قيمة صناعة صاروخ و الدولة عاجزة عن توفير دجاجة لشعبها, وهذا ما يحدث في نظام الجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران حيث يتم الإعلان عن انجازات تقنية تسليحية عالية المستوي و لكن أيضاً هناك فشل معيشي عالي المستوى. وإن المفارقة التاريخية أن ثورة الدجاج في مدينة نيشابور الإيرانية التي طالبت بحق القدرة على شراء دجاجة لها مثيل في التاريخ في الاتحاد السوفياتي في حقبة الخمسينيات حين تظاهر الناس لعدم قدرتهم على شراء اللحوم وفي الوقت نفسه كان يطلق الاتحاد السوفيتي صواريخه إلى الفضاء! فلم يحم سقوط الاتحاد السوفيتي و انهياره صاروخ أو تنظير أيديولوجي وعلى المسؤولين المخلصين في دول ما يعرف بأنظمة الممانعة و المقاومة التعلم من التاريخ و من لا يتعلم فإن السقوط سيكون مصيره الحتمي, فعلى المسؤولين هناك الخشية والخوف من غضبة جائع وحرارة قلب إنسان مهان في كرامته. إن هناك عقلية تصر على خلق الكفار بما هو إسلامي وأيضاً بما هو قومي عربي في ما يعرف بدول المقاومة والممانعة فالجائع لن يشبعه تنظير من هنا ورؤية استراتيجية للعلاقات الدولية من هناك ولن يرضيه نجاح تقني من هنالك عن انتهاك لكرامته الإنسانية. دول الممانعة والمقاومة عندما تصنع و تجبر الناس إن يكونوا كفاراً فليس لهم الحق أن يطالبونهم بالإيمان! إذن، ماذا يحدث في سوريا ماذا يجري وإلى ماذا ستجري إليه الأمور؟ قبل الإجابة علي التأكيد على عبارة مهمة وهي ما يلي: إن لدي عندي قناعة أن الحياد في الحالة السورية هو الموقف السليم في حرب الكل فيها خاسر وعلى الجميع العمل لحل سياسي لأن انتصار أي طرف لن يأتي بدون خراب سوريا كدولة وانهيار مجتمعي. وعلى ثوار الفنادق ومن يردحون بالإيجار لذلك الطرف أو ذاك الصمت والسكوت، وعلى أصحاب الخطاب العقلاني دفع السياسيين الحقيقيين للتحرك كوسيط لحل سياسي يوقف نزيف الدم ودمار الدولة السورية ولن ينتصر أحد باستمرار الصراع وحتى إذا تم الحسم فأنه سيكون ذا كلفة إنسانية مادية اجتماعية باهظة ناهيك عن المآسي التي حصلت التي ستولد وشم في الروح لن يزول مع الأيام. ولعل الأمور منذ بدايتها إلى الآن تعقدت وتشابكت بشكل كبير بحيث أصبح من الصعوبة تفكيك وتحليل ما يجري, و خاصة أن الدماء سالت, و تطور الأمر من نعومة الحركة إلى سخونة الدم و سقوط الأرواح. إذن نعود إلى أسئلتنا: ماذا يجري الآن و كيف تسير الأمور؟ علينا الإشارة إلى نقاط مهمة أخذت تتضح بالمشكلة السورية لتفكيك المشهد لكي يستطيع من يريد أن يرى ببصيرته أن يشاهد المشهد كما هو أو كما يعتقد كاتب هذه السطور أنه هكذا: النقطة الأولى: هو فشل الدولة السورية استخباراتيا وانكشافها وأتكلم عن ما قبل الأحداث ولعل المشكلة مزمنة و قديمة قدم النظام؟ لست أعرف الإجابة للسؤال السابق و لكن الأكيد أن المشكلة تفاقمت بعد وفاة المرحوم حافظ الأسد وأحد تداعياتها هو حادثة اغتيال عماد مغنية في وسط العاصمة السورية أي في قلب المكان المفترض أن يكون ما يتم اعتباره الملاذ الآمن للمقاومين؟! و الذي يعتبر سقوط كامل للأجهزة الأمنية عن واجباتها أو ما هو المفروض أن تقوم به بكل تشابكاتها وتفرعاتها في الواقع القطري السوري وهذا جزء من فساد موجود في الدولة والذي هو أيضاً جزء أساسي من الغضب الشعبي على الدولة هناك, لذلك علينا أن نقول إن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وطريقة تعاملها مع الناس العاديين و مع من هم ليسوا ضد النظام هذا ما كان يعمل كشعلة الشمعة البسيطة الموجودة تحت قدر كبير من الماء الذي آجلاً أم عاجلاً سوف يغلي تحت تأثير حرارة الشمعة البسيطة وعند حدوث الغليان يتبخر الماء ويحدث الفوران ولعل هذا ما حدث في بداية أحداث درعا التي كانت البداية لانطلاق آليات الثورات الناعمة في القطر السوري , حيث" فار" الناس من تصرفات الأجهزة الأمنية ضدهم و مع الملاحظة أن من "فاروا "! هم أحد القواعد الاجتماعية الرئيسية المكونة لأجهزة النظام, فالنظام هنا أحرق نفسه بنفسه و أضر نفسه بنفسه فتصرفات الأجهزة هي من أشعلت الشمعة وهي من صنعت "الفوران"!؟ و لماذا نقول هذا الأمر؟ في الجو الإعلامي السوري كان يبرز خطاب أن الأمن الوطني قبل التنمية البشرية و قبل الحريات الديمقراطية وقبل تحقيق مستوى معيشي نموذجي يعيش معه الإنسان كرامة العيش وراحة البال, و علي الأقل هذا ما كان يتم التلميح له بشكل غير مباشر بالخطاب الإعلامي التعبوي, و لذلك كان يتم تمرير مسألة تعذيب البشر والسطوة الأمنية المعروفة للأجهزة هناك من غير ذكر تفاصيل لذلك, ولكن في معارك دمشق الأخيرة, حين نشاهد كمحللين لما وراء اللعبة أن المعارضة المسلحة بنت وأسست شبكة أنفاق و تمركزت كمجاميع مسلحة في العاصمة؟! بانتظار نقطة الصفر, فإن هذه المسألة بكل وضوح ليست منتوج الأزمة الحالية, بل إن تأسيس هذا الأمر جاء من قبل الأزمة الحالية بسنوات, ما يشير إلى فشل الاستخبارات الداخلية للنظام بكل وضوح وشفافية. إذن هناك فشل أمني للأجهزة, وهنا تبرز أسئلة أهم, ماذا كانت تفعل هذه الأمنية طول تلك السنوات وفي ظل هذا التمكن والكارت الأخضر إذا صح التعبير لعمل ما هو مطلوب لحفظ النظام على حساب حقوق الإنسان و كرامته؟ من هنا نستنتج أن الأجهزة الأمنية كانت تمارس أمراً آخر غير الحفاظ على الدولة من أعداء الخارج الحقيقيين ولنا أن نرفع تساؤلات على استغلال هذه المواقع الأمنية لصناعة عائلات تجارية لمن يحتل المواقع المتقدمة في تلك الأجهزة و من هنا ظهر فساد الدولة السورية ومن هنا كان الوقود الذي فجر كلّ ما هو غضب وكل ما هو ثورة في نفوس الناس. إذن، مشكل الدولة السورية الأساس هو بانحراف تلك الأجهزة و فشلها بأداء واجباتها الحقيقية على حساب التجارة واستغلال المنصب وتأسيس عائلات تجارية على عدة مستويات منها المحلي ومنها الإقليمي ومنها عائلات عابرة للقارات بتعاملاتها المالية. فهنا نقول لكل من يحب سوريا: إن أي رغبة إصلاحية وأي توجه لإصلاح دولة أو نظام من دون إصلاح الأجهزة الأمنية وتعاملها بالتجارة ليس له معنى, ولذلك قلنا في أكثر من موقع إن إصلاح الدولة السورية مستحيل وغير قابل للإصلاح في ظل هذا الوضع. النقاط الايجابية في الموضوع أن الدولة في سوريا لم تذهب إلى عقلية كسر العين وإن تحركت متأخراً و لكنها تحركت بعدة خطوات، منها تقديم توجهات إصلاحية مهمة على خط المجالس البلدية والدستور الجديد وتجنيس من طالب بالتجنيس من القومية الكردية و تغير الخطاب الإعلامي إلى حالة من الشفافية الغير مسبوقة في الخط الإعلامي الرسمي, وأيضاً يحسب للدولة السورية حرفية ومهنية طاقم الدولة وهو ما لاحظه المراقبون بنوعية الخطاب الرزين للدبلوماسية السورية. واتضح لعدد من المراقبين أن الدولة السورية ليست قائمة على أشخاص محددين بالاسم بل مؤسسات أمنية متشعبة متداخلة بواجهة من سلطات برلمانية ومجلس وزراء لا نعرف كم هي درجة فعاليته الواقعية على أرض الواقع؟! ولكن نستطيع القول بما يشبه الثقة إن غياب الأشخاص لن يؤثر على المؤسسات واقعياً والتأثير إعلامي فقط يتم استخدامه دعائياً وهذا ما تم استنتاجه من كل الفرقعات الإعلامية بانشقاق هذا الفرد أو ذاك وأثبت كل ذلك عدم تأثيره الحقيقي الذي يفكك الدولة و يسقطها. ولعل الدولة السورية للمفارقة الظريفة تعاملت مع بعض الحالات كتغيب عن العمل! كعنوان تحليلي لما حدث! النقطة الثانية: ما يتم اعتباره معارضة سورية جزء كبير منه تم فبركته استخباراتيا على عجالة وبدعم مشبوه وبتجميع "قطع غيار بشري" في بلاد الاغتراب بحال أسوأ بما حدث في الحالة العراقية, فتم تجميع عاطلين عن العمل و توزيع أدوار وأيضاً توزيع "الوهم" على هذا الفرد أو ذاك للحصول على منصب من هنا وموقع من هناك أو على الأقل تمضية وقت ممتع في السفر بين البلدان والظهور على الفضائيات ولعل الهدف الاسمي تجميع مبالغ مالية لضمان مستقبل أفضل لأطفالهم في بلدانهم الجديدة الذين يحملون جنسياتها الغربية بعد أن تخلوا علي جنسياتهم الأصلية الشرقية. ولعل ذلك خلق مشكلة للدولة السورية كذلك لأنها لا تعرف مع من تتحدث وهي في نفس الوقت لا تريد أن تعطي قيمة و وزن لمن لا وزن لهم ولا قيمة ولمفبركين ورقياً من الهواء, ولعل ذلك ما دفعها لفتح قنوات الحوار مع المعارضة في الداخل المعروفين الانتماء والتوجه والتاريخ والنية وفتح المجال لهم وهو الفعل الصحيح المطلوب. على كل المستويات ليس لدى المعارضة المسلحة مشروع بديل للنظام الحالي في سوريا وليس لديهم إلا مسألة إسقاط النظام ولكن كمعارضة بلا قيادة ولا شكل محدد ولا فكر وتنظيم واضح بل الأخطر هو تسيد وارتفاع الخطاب الطائفي الناشر للكراهية والذي يستند على قتل البشر وتصفية المخالفين دينياً وهذا يرتبط أخطر ما يرتبط بمشروع "آيتان شارون" لنشر الطائفية ونشر المذهبية في المنطقة العربية وتقسيم ما هو مقسم وهنا تكمن خطورة ما يتم التخطيط له لسوريا بالخصوص و لكل المنطقة العربية بالعموم. وهنا مربط الفرس وإعادة لمشروع تقسيم سوريا والمنطقة وما كان يعرف إعلامياً بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أسقطته المقاومة الإسلامية في لبنان بحرب 2006 وأيضاً أسقطته المقاومة العراقية ضد الأيركان ولكن هناك محاولات مستميتة للعودة إلى تقسيم طائفي ومناطقي وعرقي من هذا النوع, الذي إذا نجح فلن تسلم منه كل المنطقة العربية. وعلى العرب...كل العرب الانتباه والاستيقاظ من تحفيز لمشاكل وعقد طائفية خدمة لمشروع صهيوني منشور و مكتوب وهو "مشروع آيتان شارون" و الغرب والصهاينة يتحركون بالتطبيق المباشر والغير مباشر. و يجب هنا أن نذكر أمثلة مهمة لذلك التطبيق: على الناس أن لا ينسوا قبض العراقيين على ضابطين إنجليز بأحد المراقد المقدسة لدي المسلمين الشيعة في مدينة البصرة و أحدهما بلباس عربي تقليدي والآخر بلباس رجال الدين! و بحوزتها قنابل لتفخيخ المكان وتفجيره لأحداث فتنة طائفية وتم القبض عليهما و إيداعها الحبس إلى حين ترحيلها لبغداد وتم الإفراج عنهما بعملية كوماندوس قام بها الجيش البريطاني! و تم طمطمة الأمر إعلامياً و خرج ما يسمى وزير داخلية للعراق ليقول إن علينا أن ننتظر نتائج لجنة تحقيقية؟! و الناس منذ 2004 و هي تنتظر و الحكم للقاري الكريم. و المثال المهم الآخر ما قامت به الأجهزة الأمنية لنظام حسني مبارك من تفجير لكنيسة الإسكندرية لخلق فتنة إسلامية مسيحية والقصة معروفة. النقطة الثالثة في المشهد السوري وما يخلط الأمور هو تداخل العوامل الدولية في الشأن السوري فهناك الروس أصحاب الارتباط التاريخي العميق مع سوريا والحلف المتين والأخيرة هي موقع القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس وتظهر كذلك الصين كلاعب قادم جديد إلى المنطقة يريد ضمان حصته من النفط والغاز العالمي وخاصة مع الاحتياطات الضخمة الموجودة على شواطئ الشام ولبنان، ناهيك عن الحرب الغير معلنة مع الغرب بالعموم على النفوذ في أفريقيا تأتي سوريا كحلقة مكملة لصراع الصينيين مع الغرب وهو صراع إمبراطوريات تريد أن تصبح قائدة وإمبراطوريات تريد أن تبقي قائدة للعالم لكل العالم. ناهيك عن نظام الجمهورية الإسلامية المقام على أرض إيران , فهذا النظام يريد أن تبقى الدولة في سورية حليفاً استراتيجياً له فهي من يؤمن له المخرج من أي حصار قادم دولي وهو موجود بالواقع منذ ثلاثين عاماً و بعدة تمحورات وأشكال, لذلك الإسلاميون الموجودون على أرض إيران يعتبرون سوريا كحليف هي البوابة الضامنة للخروج من أي خنق للنظام الإسلامي, وأيضاً بقاء الدولة السورية مهم لعدم انهيار المقاومة الإسلامية في لبنان وعدم انهيار حالة إيقاف النفوذ الصهيوني والقوة الصهيونية عند ما يسمى الخط الأزرق و هو التفاهم الغير معلن بين طرفي النزاع الذين توقفوا ضمن المعادلة الحالية وبقاعدة الضمان السوري بما تحمله من وصلة للدعم النظام المقام في طهران للمقاومة الإسلامية و أيضاً الجيش السوري كقاعدة خلفية إذا صح التعبير هو ضمان لعدم تعدي الصهاينة للخط الأزرق و خرقهم للتفاهم الغير معلن. أما الأتراك فدورهم مشبوه بكل المقاييس حين يتحركون خارج نطاق أسس صناعة قرارهم الخارجي المستند على الاقتصاد وربط قرار السياسة الخارجية بمراكز أبحاث الجامعات وغرف التجارة ومبدأ صفر مشاكل مع الجوار الذي تحول مع تقلبات الساسة الأتراك إلى مائة بالمائة مشاكل, مما يثير الشبهات ويطرح التساؤلات خاصة مع عدم وجود أي مبرر لإضرار بالوضع التركي من أجل خدمة أهداف أمريكية وصهيونية بالتخلص من إزعاج الدولة في سوريا فيما يخص دعم ما يتم تسميته نهج المقاوم في المنطقة العربية, وهنا نستذكر الاتهام المباشر للمرحوم نجم الدين أربكان لتلاميذه رجب طيب اردوغان وعبد الله غول بأنّهم عملاء لوكالة الاستخبارات الأميركية ونترك باقي الأمر للقارئ الكريم ليستنتج ما يريد؟ وخاصة مع ما يتم الترويج له بتقديم الإسلام"الأميركي" للمنطقة لاستحمار شعوبه من جديد بعد تغيير الواقع القديم. و لعلّ مع كلّ هذه الشبه في التحرك فإن لدى العثمانيين الجدد إذا صح التعبير وإسلامهم الأميركي خطّ رجعة مع كل التعقيدات الداخلية التركية حيث المكون الديني للمسلمين العلويين الذين يشكلون الجانب الأكبر من الجيش والذين يحملون تجربة تاريخية سيئة من الاضطهاد الديني الذين لا يريدون له أن يعود و يتكرر من جديد. و تظهر كذلك مشكلة الأكراد الذين هم ورقة يستطيع السوريون اللعب عليها من جديد لتقديم ردة فعل مزعج للأتراك في أوضاعهم الداخلية, إذن، الواقع التركي قد يتغير، ولعل مشهد انتقال(إبعاد) قيادة الجيش السوري الحر من الداخل التركي إلى سوريا يعبر عن مدى المأزق الحقيقي الذي تعيشه الحكومة التركية في الداخل. وما بات يشكله انتقال السلاح والمسلحين من عبء ثقيل عليهم، وقد استغلت المعارضة الداخلية هذا الأمر وبدأت بشن الهجوم على الحكومة التركية. وما المشهد الأخير من تفتيش الطائرات إلا تعبير عن إفلاس الأتراك من الأوراق التي كانت بحوزتهم، لأنهم استعدوا الروس بذلك، وكان نتيجة هذا الأمر تأجيل بوتين زيارته المقررة لتركيا. باتت تركيا علبة بريد بين القوى الكبرى وعليها حفظ كيانها قبل فوات الأوان. الواضح و الجلي من الأمر أن المعركة هي بانتظار حلحلة دولية قد تأتي بعد نتائج الانتخابات الأميركية ليتفق كلّ طرف دولي مع الأخر على تسوية معينة وما يحدث الآن إلا معركة الانتظار القاتل ومحاولة ترقب انهيار أي طرف من أطراف الصراع ولنا أن نعرف أن العقلية السورية هي عقلية هادئة صبورة تعمل على المدى الطويل كما هي عقلية الإسلاميين في النظام الإسلامي المقام على أرض إيران حيث التمطيط وإطالة ما هو موجود والصبر الممل جداً و عدم الاستعجال والابتعاد عن القرارات الانفعالية . إنها لعبة الأمم في الواقع السوري والضحية هو الإنسان الذي يتم استهلاكه دموياً كوقود لهذه اللعبة ولا عزاء للمساكين. الدكتور عادل رضا [email protected]