الوقوف على المسرح وتخطي رهبته ومواجهة الجماهير تحتاج إلى مقومات قد لا تتوافر دائماً، لكن طفلة الخامسة والنصف رفيف تستمتع بمواجهة الجمهور والكاميرات وكأنها لعبتها المفضلة، تشاركها في ذلك شقيقتها رفا وشقيقها مشاري بصوته الجميل. هيثم السليطي أيضاً فتى موهوب في الأداء والتقديم ويمارس موهبته هذه منذ سنوات في أعمال تطوعية يعدها أول السلم ولم يقترب بعد من تحقيق طموحه، وغيرهم كثير من المواهب الصغيرة التي تحتاج إلى عونٍ يسقي براعم مواهبها قبل أن تذبل في زحام الحياة. يقول والد الطفلة رفيف السيد ماجد الشمري إن طفلته تعشق الكاميرا والوقوف أمامها، "وهي جريئة في الاستعراض وتحلق كالفراشة؛ لأنها تستمتع بما تفعله ومتأكد أنها تمتلك الكاريزما اللازمة" ويقول إنه لاحظ أذنها الموسيقية قبل ثلاث سنوات "حيث بدأت الغناء في سن السنتين وأطلعتنا على تسجيل لها وقتها وهي تغني "الطير" لحسين الجسمي بطريقة مذهلة"، مضيفاً أن الفضل في اكتشافها وتقديمها للجمهور يعود إلى الأستاذ ماجد المانع مدير مهرجان المغواة السياحي في منطقة حائل بعد أن لفته أداؤها في موقع الانستجرام فقدمها مشكوراً هي وشقيقتها رفا نجمات صيف حائل. وتمنى الشمري توفير فرص لتنمية المواهب الصغيرة، فهناك كثير أيضاً من الفتيات الصغيرات اللاتي يعملن منفردات أو ضمن فرق استعراضية في حائل وفي جميع مناطق المملكة وهن يحتجن لكل دعم ليطلقن مواهبهن الحقيقية". معتبراً البيئة الحالية هي في الغالب غير مشجعة "فالمواهب لدينا تدفن ولا تكتشف ولعل الضجة التي أحدثها ظهورالطفلة جنا متعب بصوتها الجميل اكبر دليل - فللأسف - نجد من انتقد ظهورها ولم نجد من انتقد دفن موهبتها في السنوات التي مضت وعدم منحها حق الظهور والنجاح خارج مسرح المدرسة". هيثم السليطي سعيد بتجاربه لكنه إلى الآن لم يجد الفرصة التي ترضي طموحه، يقول: "بداياتي كانت منظم مسرح في متنزه سلمى سيتي بحائل، ثم أديت شخصية المهرج "زيتون" لمدة سنتين بعدها تحولت للتقديم حيث قدمت عدة مهرجانات وأعمال تطوعية في مختلف مناطق المملكة، حصلت على عدد من شهادات الشكر وظهرت في بعض البرامج التلفزيونية لكني أتمنى تقديم برنامجي الخاص" متمنياً أن تزداد المنصات التي تهتم بإطلاق المواهب الشابة. لورين عيسى المخرجة لورين العيسى تعزو عدم بروز المواهب إلى طبيعة التكوين الثقافي للمجتمع: "للأسف هناك مواهب رائعة لم تظهر، ربما سر غيابها هو العادات والتقاليد خاصة بالنسبة إلى الفتيات، فطبيعة التكوين الثقافي للمجتمع لها دور في استعدادات الطفل للتفكير الإبداعي والتعبير الفني. كما أنه لا توجد برامج تختص بمواهب الأطفال التي يجب أن يكون لها قسم وفقرة مختص بها، لذلك نادراً ما نجد أطفالا في المملكة يعملون في مجال التمثيل أو الغناء أو تقديم البرامج وإن وجدناهم فهم يعدون على أصابع اليد". وأجابت العيسى عن سؤالنا عن تقديمها المواهب الجديدة خصوصاً الأطفال بقولها: "بصراحة تخصصي مسرح نسائي وكنت أرحب بكل المبتدئات ودعمهن ومساعدتهن للنجاح والاستمرارية، ولم أعمل مع الأطفال إلا في مسرحية "كلنا حكاية" التي كانت من تأليفي وإخراجي، حيث أحببت أن يكون من ضمن الأدوار طفلة بحكم أن حضور المسرح النسائي من النساء والأطفال، وكانت معي الطفلة عهود وكنت سعيدة بتواجد دور للأطفال رغم صعوبة العمل معهم، ولكن عندما ينجحون يبدعون". مشيرة إلى أنها لم تعمل بعد في مسرح الطفل إلا في مسرحية "عرندس" وكان ممثلوها من الرجال، مؤكدة رغبتها في العمل في مسرح الطفل "عندما تتاح لها الفرصة". أما عن دور الأسرة في تشجيع الطفل وتنمية مواهبه، تجيب العيسى: "أرجو من كل أم وأب أن يشجعوا أطفالهم الموهوبين، فأساليب التنشئة الاجتماعية لها دورها المهم في تنمية موهبة الطفل، حيث هناك علاقة جوهرية بين الأسرة ونمو موهبة الطفل من حيث التنشئة والتفكير الإبداعي". مضيفة أن للأسرة دورا مهما في اكتشاف موهبة الطفل وفي توفير وسائل الرعاية اللازمة له لتنمية قدراته وإمكاناته، كما يجب توفير الجو المناسب وتقديم الدعم والمساعدة وتهيئة حياة متوازنة بين العقل والجسد لاكتمال الموهبة بداخله "فالموهوب شخص يحتاج إلى رعاية خاصة تكفلها الأسرة والمدرسة حتى يتمكن من تفجير طاقاته والوصول لمرحلة الإنجاز والتميز، ويجب الابتعاد عن التسلط والنبذ والقسوة والسيطرة والإكراه والاستهزاء بمهاراته؛ لأن ذلك يجعله يشعر بالخجل والخوف وهي تمثل قوى ضاغطة على الأبناء لا تشجعهم على التعبير عن طاقاتهم واستعداداتهم، فبهذه المعاملة يكون الآباء قد أغلقوا الأبواب على إظهار وانطلاقة موهبة الأطفال. وللأسف نجد كثيراً من الأسر تفتقر الخبرة في التعامل مع الموهوب بسبب ندرة الهيئات المتخصصة في التربية التي تساعد أولياء الأمور على استيعاب موهبة الطفل والقدرة على احتوائه وحسن التصرف". ولم تغفل العيسى دور ال درسة في رعاية الموهوب "عبر عمل مسابقات وتكريم وجوائز للمبدعين" متمنية أن تكون هناك برامج تلفزيونية متخصصة في احتضان المبدعين من الأطفال توفر لهم منصة انطلاق على شاشات التلفزيون".