أنزل الله القرآن وحفظه من الزيادة والنقصان. وبهذا قامت الحجة على البشر. وانتفت الحاجة لإرسال الرسل. وفي أكثر من موضع يستنكر الله على المشركين عدم إعمالهم العقل والفكر والتدبر في القرآن وكل رصيدهم هو معرفة اللغة العربية فقط. يقول تعالى "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها" محمد 24 وقال سبحانه "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"النساء 82 ولا ينفك يدعوهم ويذكرهم بالحجة " ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا" الإسراء 41 ولقد يسر الله القرآن لكل مقبل عليه بدءا من قوله تعالى "الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان" الرحمن 1-4 إلى تأكيده سبحانه مرارا وتكرارا تيسيره فهم القرآن لمن يحاول ذلك كما ورد في عدة آيات من سورة القمر. يقول تعالى "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر"القمر17‘22‘32‘40 أما كلمة "أفلا" المتبوعة بالتذكر والتدبر والعقل والفقه فكثيرة جدا في القرآن. يجب أن نلاحظ أن الله يستنكر على الكفار عدم تدبرهم للقرآن وهم لا يملكون من مقومات التدبر إلا اللغة العربية، إذا لم يكن هناك حديث ولا تفسير ولا مشايخ للأخذ منهم – كما يروجون لأنفسهم هذا الزمان ويروج لهم مريدوهم – ولم يطلب منهم غير تدبر القرآن وتدبر ما فيه. في مقابل هذا هناك من يستنكر على المسلم المتعلم أن يستشهد بالقرآن للتدليل على وجهة نظر أو طرح رؤية لها ما يؤيدها من الذكر الحكيم. تُجابه بعبارات الاستنكار من العامة بقولهم من أنت حتى تتفكر بالقرآن. وعبارة هلا أخذت القرآن عن أهله. وليسوا إلا صدى لمشايخهم إذ كثيرا ما يستدل المشايخ ويضربون لك الأمثال في غير موضعها، ففي معرض استنكارهم لطبيب أو كاتب أو مهندس الاستشهاد بالقرآن وتدبره تجدهم يستخدمون عبارة (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب) ويقولون عنها عبارة واقعية جميلة تنطبق على بعض الإخوة ممن يخوضون ويتكلمون في غير الفن الذي يحسنون، فهم بذلك يحصرون تدبر القرآن بهم وبرأيهم أو رأي من سبقهم وكأن القرآن قاصر – حاشاه – لايكتمل إلا بمباركتهم. ثم يضربون لنا الأمثال في غير موضعها فيقولون في معرض استنكارهم علينا "ككتاب" هل يحق للمهندس أن يمارس الطب أو للطبيب أن يقود طائرة؟! ويردده العامة كالببغاوات. وهذا مثل ضُرب في غير موضعه فبالطبع لايحق للمهندس معالجة المرضى لأنه ليس طبيبا، ولا يحق ولا يستطيع الطبيب أن يقود طائرة إلا أن يتعلم الطيران. ولكن المسلم الذي يفقه العربية يحق له أن يقرأ القرآن ويتفقهه ويتدبره ويستشهد به لأنه مسلم ولأن الله ندبه إلى ذلك حتى وإن أبى رجال الدين ومريدوهم.