في البدء، لابد من طرح السؤال. هل يستحق الشاعر السوري أدونيس «علي أحمد سعيد» جائزة نوبل؟! وعطفاً على السؤال الذي يبدو متحاملاً على أدونيس، هل يستحق أحد المبدعين العرب، القلائل، هذه الجائزة؟!. قد تكون اجابتي سلبية منذ بداية القول. ولكن لا ضير من تنفيذ هذه السلبية ومحاولة شرحها لأن في ذلك افادة من التجربة العربية مع نوبل وحتى مع غيرها من الجوائز العالمية والعربية. وقد تكون هذه الجائزة مهمة جداً لسمعة «العرب» الادبية والابداعية وحتى العلمية في الجوانب الاخرى. ولكن للعرب حقاً صيتاً جماهيرياً لا يحسدون عليه في العالم. وعلى المستوى الادبي فإنهم يتمتعون بالصيت الحسن جداً جداً، إذ لدى العرب مجموعة من الاسماء الادبية اللامعة في المحافل الادبية والمعروفة بين مثقفي العالم. وهذا لا يكفي، اذ على الارجح فإن اتهام العرب الدائم للجائزة باعتمادها على صيغة سياسية. جعل من سمعة مثقفيهم ميالة لأن تكون خارجة عن الاجماع السياسي العربي وبالتالي عن الشعبوية العارمة والمبالغ بها في التعامل مع القضايا ذات النزوع الفطري. فالعرب في تعاملهم مع طموحات مثقفيهم ينزعون نحو استعمال العاطفة مصحوبة بكميات هائلة من ثقل التاريخ. فالعرب اليوم بالنسبة لبعض العالم، هم مجموعة من البشر الذين يعانون من بارانويا التاريخ، هذا الأمر يجعل من وضع المثقفين العرب وضعاً يائساً ومشوباً ببعض التردد الضاق لتحطيم الذات الواحدة. فالمثقف العربي، شاعراً أم روائياً أم مفكراً، لم ينج، خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، من وطأة الايديولوجيات القومية والاشتراكية وتلك «التكفيرية» الدارجة منذ منتصف العقد ما قبل الأخير من القرن الفائت. أنت تفكر إذاً عليك مراعاة هذه الحساسيات الثلاث، المراعاة في الاثنتين الاول والحذر الشديد من الثالثة. وهذه الزاوية وحدها كافية لتقليص مستويات الابداع الى ادنى المستويات، دون ذكر قضية غاية في التأثير تتمثل في الفوبيا التي خلقتها الانظمة العربية، وليس جميعها بل بعضها. الحرية، هنا، غاية هؤلاء فالفضاء الفكري يتوالد في ظل معطيات سياسية واخرى اجتماعية تؤمن الحرية، وهذه غير موجودة في العالم العربي، فإذا السياسة لم تقمع الكاتب ووضعت في تصرفه اجواء غير مشحونة بالقمع، يأتي المجتمع بكافة قوانيه ليعطي الكاتب شهادة في حسن السيرة والسلوك وعدم الخروج عن نظام القبيلة، ادونيس بهذا المعنى خارج عن نظام القبيلة والنظام السياسي. بالعودة الى جائزة نوبل، أعتقد بأن أدونيس، المرشح الدائم لها ومنذ عدد من السنوات، لن يحصل عليها. السبب في ذلك أن خروجه عن النظامين السابقين يعني للغرب انه لا يمثل الثقافة العربية في بعدها الاجتماعي المعاصر، بل ان أدونيس بالذات، يمثل التراث الثقافي العربي في شقه التاريخي المنقرض لا أكثر ولا أقل. وعلى هذا فإن منحة جائزة بحجم نوبل يعني اعطاء التاريخ المنقرض صفة الديمومة دون الاقتراب من معاصرة العرب وحداثتهم المستجدة وغير المتحققة بالمعنى الاوروبي للحداثة. والحق انه كما في كل عام، وما أن تقترب الجائزة من حاصدها يبرز اسم ادونيس كواحد من أبرز المرشحين. مع ذلك لن يحصل عليها.