هذه النفس الإنسانية عجيبة.. لا تتوقف عن الرغبات.. كلما نالت شيئاً سعت إلى الآخر.. كلما حققت حلماً تفجرت عشرات الأحلام الأخرى.. كلما زادت ثراء سعت وراء المزيد والمزيد والمزيد.. بلا توقف.. والأدهى والأنكى أن البعض لا يكتفي بما لديه وما حصل عليه.. بل ينظر إلى ما لدى الآخرين.. ينازعهم في رزقهم حتى وإن كان أقل كثيراً من رزقه.. ويزاحمهم في طموحهم حتى وإن كانت أبسط كثيراً مما لديه.. ولا يكتفي بل يسعى لعرقلة الآخرين وإحباطهم وتعطيلهم وكسر قوتهم.. بلا سبب.. فقط لأن النفس أمارة بالسوء.. وأن نفسه أقوى من إيمانه بالحق والعدالة.. وأقوى من إيمانه بأن الله هو الواهب وهو المقتدر وهو الذي يملك أن يعطي ويمنع.. أما شرور النفس والعياذ بالله فلا دواء لها سوى الصبر واحتساب الأجر.. وكسر شوكة الحاسد الحاقد بالمزيد من العمل والإنجاز والتميز. إن أعطاك الله خيراً فاحمد الله، واعلم أن الله خصك بهذا الخير لأسباب عديدة.. وأن الخير يجب أن لا يقتصر عليك بل للآخرين حق فيه، وهو ما شرعه الله في ديننا.. وهو ما جعل ميزان الحياة الاجتماعية يعتدل بين من يقدر ومن لا يقدر.. من يملك ومن لا يملك.. واعلم أنك لو ملكت أشياء كثيرة ثمة هناك نقص .. وهناك أشياء حجبها الله عنك لم تكتمل.. واعلم أنك لو لم تملك أشياء كثيرة فثمة هناك أشياء تملكها قد وهبها الله لك لا يملكها غيرك.. لذا من الضروري أن توازن بين ما تملك وما لا تملك.. وأن تعلم علم اليقين أن الحياة معادلة متوازنة بين ما لدينا وحاجتنا للآخرين.. إنها عدالة السماء التي جعلت كل شيء في ميزان مستقيم. كثيرة هي الأمور التي نتمناها.. نسعى لها.. وقد لا نستطيع أن نبلغها.. فلا يجب أن نتحسر.. ويجب أن نفكر ونتدبر بما حققنا وما كسبنا وما رزقنا الله من قبل.. ويجب أن يستقر بيقيننا أن صفاء النفس الداخلي اتجاه ما لدينا.. والخارجي اتجاه ما لدى الآخرين أمر مهم للغاية يجب أن لا نهمل التفكير والتدبر بتفاصيله. في الحقيقة.. انني كنت أعتزم الحديث بأمر آخر.. ولكن لفت نظري كثير من التعمد في الأذية النفسية بين بعض فئات المجتمع التي باتت تنتشر.. فسال قلمي بهذا الاتجاه.. نسأل الله الصلاح والهدى للجميع.. ودمتم سالمين.